من على سريره في المستشفى في عمّان حيث يتلقى العلاج، من السمّ الذي دسّته له سلطات الاحتلال الصهيوني، يظهر ​المطران عطا الله حنا​ كعادته يصدح بمواقفه المقاومة الصلبة… لا يهادن ولا يساوم في مواجهة العدو المغتصب للأرض والمقدسات، لم يسكته سمّ المحتلّ او يضعف من عزيمته وشدّة بأسه او ينال من صوته الهادر دائماً دفاعاً عن المقدسات وعن عروبة فلسطين كلّ فلسطين…

لقد كان واضحا أنّ سلطات الاحتلال قد اتخذت قراراً على أعلى المستويات لاغتيال هذا المطران المقاوم والصامد في القدس المحتلة، لأنه تحوّل إلى رمز وطني كبير، وداعية من الطراز الرفيع، يحرّض على مقاومة الاحتلال والتصدي لعمليات الاستيطان، وبات يشكل أمثولة لكلّ شعب فلسطين في الصمود والتمسك بالأرض والحقوق، ويلعب دوراً ريادياً في فضح الدعاية الصهيونية المزيفة في ​العالم​ الغربي، يقارع بالحجة، وبالاستناد إلى الحقائق، دعاية الحركة الصهيونية واللوبيات الصهيونية في أوساط الرأي العام، وخصوصاً في الكنائس، حيث الدور الهام لرجال الدين الذين لهم تأثير كبير على عامة الناس، فراح يجول في الولايات المتحدة والدول الأوروبية ينشر رسالة الحق العربي الفلسطيني في أرض فلسطين، ويميط اللثام عن الرواية الصهيونية المضللة التي تدّعي انّ فلسطين ليست للفلسطينيين وأنها لما يسمّونه شعب الله المختار… لقد أثمرت جولات المطران حنا نتائج هامة في تفكيك الداعية الصهيوني، وفي كسب التأييد والدعم للشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية المشروعة، خصوصاً عندما أدرك رجال الدين في الكنائس حقيقة الرواية الفلسطينية حول كيفية تهجير ​الشعب الفلسطيني​ واحتلال وسرقة أرضه من قبل المستوطنين الصهاينة… إنّ هذا الدور النضالي والكفاحي الهام الذي يقوم به المطران حنا أغضب قادة الاحتلال واللوبيات الصهيونية في الخارج ودفعهم إلى تدبير عملية دسّ السمّ له للتخلص منه، طالما انه يصعب نفيه او إزاحته عن موقعه الكنسي في القدس، كما فعلوا مع مطران القدس الراحل هيلاريون كبوجي، فالمطران حنا من أبناء القدس الصامدين لا يستطيع الاحتلال ان يجد تبريراً لنفيه وإزاحته إلا بوساطة الاغتيال…غير أنّ قرار المطران عطا الله برفض قبول علاجه من السمّ في ​المستشفيات​ الصهيونية، ولجوئه إلى عمّان لتلقي العلاج والتخلص من هذا السمّ وآثاره، كان قراراً حكيماً قطع الطريق على سلطات الاحتلال في إكمال جريمتها والتعمية عليها.. وتحوّل وجود المطران حنا، في احد مستشفيات عمّان، إلى مزار لكلّ المناضلين العرب و​الفلسطينيين​ للاطمئنان عليه، هذا عدا عن ​الاتصالات​ الهاتفية، الأمر الذي أدّى إلى نتائج معاكسة لما أراده المحتلّ من وراء جريمته، التي عزّزت من موقع ودور المطران حنا ومن قدرته على استكمال دوره الريادي، فكلمته الجريئة باتت فعاليتها أقوى من ​السلاح​.. بل هي السلاح الذي يقوّي من عزيمة المقاومين في ميدان القتال ضدّ مغتصبي الأرض، من جنود ومستوطنين، وهي السلاح الذي يرفع من معنويات أهل القدس ويزيد من تمسكهم بأرضهم والصمود فيها.. وهي السلاح الذي يفضح ويعرّي ويكشف زيف الدعاية الصهيونية الكاذبة.. لهذا كله انتزع المطران عطا الله حنا احترام وتقدير جماهير الأمة العربية من المحيط إلى الخليج، وبات يحتلّ مكانة خاصة في قلب وضمير كلّ عربي حقيقي بوصلته فلسطين.. لذلك فإنّ نجاة المطران وعودته إلى لعب دوره الريادي سيشكل صفعة الصهاينة وخدمهم من المطبّعين العرب الذين يتآمرون على القضية الفلسطينية وينخرطون في تسويق مخطط صفقة القرن لتصفية قضية فلسطين لمصلحة المشروع الصهيوني في تهويدها وإنكار الحق العربي الفلسطيني.. فالتحية كلّ التحية للمطران فلسطين، البطل المقاوم، عطا الله حنا الذي أكد أنه أقوى من سموم المحتلّ الصهيوني وعملائه وأتباعه…