نشرت صحيفة "​نيويورك تايمز​" تقريرا تحدث عن "التحول الجديد في الموقف السعودي من الأعداء بعد اكتشافها أن ​أميركا​ لن تسارع للدفاع عنها"، قائلة "بعد أشهر من الهجوم ب​الصواريخ​ والطائرات المسيرة على المنشآت ​النفط​ية والذي اتهمت بتنفيذه ​إيران​، قرر ولي العهد السعودي تبني موقف غير معهود في الدبلوماسية يهدف لترطيب العلاقات وتخفيف التوترات مع الأعداء بالمنطقة".

ولفتت إلى أنه "قام ولي العهد بتكثيف المحادثات مع ​الحوثيين​ في ​اليمن​ الذين شن مع عدد من حلفائه حربا عليهم قبل أربعة أعوام مما أدى لوقف الصواريخ على المدن السعودية، كما تحرك نحو تخفيف الحصار الخانق وليس إنهاؤه على الجارة قطر، بل وتحركت السعودية نحو العدو اللدود إيران وبحثت عن طرق للمحادثات معها لتخفيف حروب الظل الدائرة في المنطقة".

ورأت أن "التحول من المواجهة إلى التفاوض هو نتيجة اكتشاف السعوديين أن السعودية لا يمكنها الاعتماد على الدعم الأميركي كأمر مؤكد، وهو ما قامت عليه ​السياسة​ الخارجية الأمريكية ولعقود طويلة ورغم اتفاق السعودية و​الولايات المتحدة​ على أن إيران هي التي تقف وراء الهجمات على أبقيق وخريص وأدت لوقف نصف صادرات السعودية النفطية مؤقتا إلا أن رد الرئيس ​دونالد ترامب​ كان التهديد والوعيد لا أكثر وكان الرد الأميركي الفاتر بمثابة صحوة للسعوديين الذين أنفقوا منذ عام 1973 نحو 170 مليار ​دولار​ على الأسلحة، فهم لا يستطيعون التعويل على ​واشنطن​ لكي تدعمهم بالقوة التي يتطلعون إليها ونظرا لخوفهم من الدفاع عن أنفسهم بدون الغطاء الأمريكي، بدأت ​الرياض​ بالتواصل مع أعدائها لتخفيف التوتر".

ولفتت إلى "أنني أعتقد أننا سننظر لهجمات 14 أيلول كنقطة محورية في تاريخ ​الخليج الفارسي​"، مشيرةً إلى ان "السعوديين اكتشفوا أن عليهم البحث عن طرق للتقارب في ظل انهيار فكرة دفاع الولايات المتحدة عنهم ويظل التحول بالنسبة للولايات المتحدة تناقضا ظاهريا غير مريح؛ فلطالما ضغطت إدارة ترامب و​الكونغرس​ على السعوديين لوقف الحرب في اليمن وإنهاء حصار قطر بدون نتيجة ويبدو أن الغارات الإيرانية فعلت لدعم هذين الهدفين أكثر من الضغوط الأميركية، فمنذ عام 2015 دخلت السياسة ​الخارجية السعودية​ مع صعود الملك سلمان وابنه محمد مرحلة المواجهة".

واضافت "أدخل محمد بن سلمان بلاده في حرب مدمرة مع اليمن وفرض حصارا على قطر بتهم دعم ​الإرهاب​ والتقرب من إيران التي تعهد بمواجهتها"، مشيرةً إلى أن "بن سلمان كان متهورا وعنيدا وفشل في حملته باليمن وضد قطر وتحولت الحرب مع الحوثيين إلى حالة من الجمود بات فيها الانتصار مستحيلا، أما قطر فقد استخدمت ثروتها وعلاقاتها الدولية لتجاوز آثار الحصار. ثم جاء الهجوم على منشآت النفط والذي كشف عن ضعف ​الصناعة​ النفطية السعودية، التي تعتبر جوهرة المملكة وقادت هذه الأحداث كما يقول روبرت مالي، المسؤول السابق في إدارة ​باراك أوباما​، إلى "إعادة نظر من نوع ما" للسياسة السعودية، فالتحول المفاجئ للدبلوماسية مع قطر واليمن يعكس رغبة سعودية لتقوية موقفها الإقليمي في وقت من عدم اليقين وحالة ضعف".