رغم كل الجهود التي يبذلها ​تيار المستقبل​ في الداخل والخارج في سعيٍ منه "لشيطنة" رئيس الحكومة المكلف الدكتور ​حسان دياب​، من خلال تأليب الشارع السني في ​لبنان​ ضد دياب، مرتكزاً "أي المستقبل" على أن غالبية الأعضاء ​السنة​ في ​مجلس النواب​، لم يمنحوه أصواتهم في ​الاستشارات النيابية​ الملزمة، كذلك محاولة تصويره من التيار عينه، أمام الدول الفاعلة والمؤثرة في البلد والمنطقة، بأنه سيترأس "حكومة ​حزب الله​"، علّه بذلك أي "المستقبل" يثني هذه الدول عن تقديم أي دعمٍ سياسيٍ أو ماليٍ للحكومة المرتقبة، ومساعدتها على النهوض بالوضعين الاقتصادي و​المال​ي الراهنين، اللذين يمر بهما البلد، غير آبهٍ، بكل الكوارث التي قد يسببها تحريضه المذكور، نتيجه شهوة رئيسه لحب ​السلطة​، وخوفه على ضمور ما تبقى من زعامته، والأولى من ذلك كله، هو خشيته من أن يساق بعض أعضاء حزبه الى السجون، لتورطهم في ​الفساد​، وإهدار المال العام، خصوصاً في غياب الغطاء السياسي اللازم لحمايتهم، وهو خارج السرايا الكبيرة، كما حدث في العام 1999، في عهد الرئيس العماد ​إميل لحود​. ويشاطر الرئيس ​سعد الحريري​ هذه الخشية، جانب كبير من مسؤولي وكوادر "التيار الأزرق"، خصوصاً أصحاب التجارب والسوابق.

والفارق بين المرحلة الراهنة، وحقبة 1999، أن غالبية الأفرقاء السياسيين في هذه المرحلة، كانت تؤيد بقاء الحريري الأبن في سدة الرئاسية الثالثة، بل تمسكت بوجوده فيها، خصوصا حزب الله و​حركة أمل​، حتى ​التيار الوطني الحر​، لم يمانع بذلك، إنطلاقاً من حرصه على تأمين التوازن الوطني بين السلطات، غير أن رئيس الحكومة ​تصريف الأعمال​، أعلن عدم رغبته في تشكيل حكومة مقبلة، رغم تمسك الثنائي المذكور به، وهنا تكشف مصادر سياسية واسعة الاطلاع أن الحريري من الأساس، لا يريد الخروج من السلطة، ولكن كان يمارس الدلع السياسي على الأفرقاء المذكورين آنفاً، علّه يتمكن من تحسين شروطه، لقبول التكليف، كي يتثنى له، تأليف حكومة من "ذوي الاختصاصات" فقط، ليحقق بذلك "إنتصارين" خارجيٍ، يحاول توظيفه لدى الدول المعادية لمحور ​المقاومة​، بأنه نجح في تشكيل حكومة، خلافا لتوجه حزب الله، ليعزز رئيس "المستقبل" موقعه لدى هذه الدول، بعدما أصابه "اليتم الاقليمي والدولي مؤخرا، كذلك كان يسعى الى كسب الشارع الداخلي، الذي فقد الثقة بالطبقة السياسية الراهنة في آنٍ معاً، طبعاً هذا وفقاً لحسابات الحريري، على حد قول المصادر.

وعلى طريقة "عرف الحبيب مقامه فتدللا"، تمسك الحريري بشروطه المذكوره، ظناً منه أن ​الثنائي الشيعي​ والتيار الحر، سيخضعون لها في نهاية المطاف، غير ان حسابات الحريري لم تكن مطابقةً للواقع. عندها طرح الوزير ​علي حسن خليل​، والحاج ​حسين الخليل​، على رئيس حكومة تصريف الأعمال تسمية رئيس حكومة، يحظى بتأييده، فجاء رد الأخير، بالرفض أيضاً، ودائماً بحسب المصادر. أثر ذلك طرح عليه الثنائي المذكور في جولة التفاوض الأخيرة، أسمي الوزيرين السابقين ​خالد قباني​، وحسان دياب، لإمكان ترشيحهما ل​رئاسة الحكومة​ المرتقبة، فلم يمانع الحريري الذي كان يضمر الإفشال لأي مرشح سواه لهذا المنصب، لكنه فضل دياب على قباني، لحسابات داخلية في "التيار الأزرق"، لان قباني محسوب على هذا التيار، وإنتخابية أيضاً كون آل قباني، هي من كبار ​العائلات البيروتية​ التي يعتمد عليها الحريري في الاستحقاقات الإنتخابية، لذلك تجنب المواجهة مع قباني في الشارع، وفضل مواجه دياب، ومحاولة حرقه، كما كان فعل مع الوزير السابق ​محمد الصفدي​، والمهندس ​سمير الخطيب​، ليبقى الحريري المرشح الأوحد للعودة الى السرايا الكبيرة، وفقاً لمعلومات المصادر.

وهنا ايضاً لم تأت حسابات الحريري مطابقة للواقع، فتم تكليف دياب لرئاسة الحكومة العتيدة، ولاريب أنه يحظى برضى اقليميٍ و دوليٍ، أن لم نقل دعماً، وبدا ذلك خلال جولة مساعد وزير ​الخارجية الأميركية​ ​ديفيد هيل​ في لبنان الأسبوع الفائت، التي شدد خلالها على ضرورة تأليف حكومة من الأختصاصيين، قادرة على إنقاذ الوضعين المالي والاقتصادي، ووقف الهدر، والا تكون خاضعة لسيطرة حزب الله، كذلك الأمر بالنسبة للمواقف الدولية والاقليمية المؤثرة في لبنان.

اذا لا يمكن الحكم على التأييد والدعم اللذين قد تحظى بهما حكومة دياب، قبل ولادتها للاطلاع على شكلها وبرنامجها أولاً. وما يؤكد ذلك، تكشف المصادر أن مرجعاً سنياً بارزاً زار ​دار الفتوى​، طالباً منها التروي قبل إطلاق المواقف من دياب، في انتظار ولادة حكومته، وإعلان برنامجها، بناء لطلب دولتين إقليميتين مؤثرتين في الوضع اللبناني، وفعلاً تحقق ذلك، تختم المصادر بالقول، رافضةً الغوص في التفاصيل.