هل تذكرون فيضان الناعمه الشهير الذي حصل في الأيام الأولى من كانون الأول الجاري وتسبب بأضرار كثيرة، وأبقى الآلاف من اللبنانيين لساعات وساعات عالقين داخل سياراتهم؟ هل تذكرون يومها كيف راح المسؤولون المعنيون يتقاذفون التّهم بين بعضهم البعض حول الأسباب التي أدت الى وقوع الفيضان؟ اليوم سنكشف سبباً فاضحاً من الأسباب الأساسية التي أقفلت مجاري المياه في المنطقة المذكورة. سبب يؤشر الى حجم الجرائم المرتكبة على مساحة الوطن تحت عنوان "التعدّيات الحاصلة على مجاري الأنهر"، والتي تكون عادةً من بين الأسباب الرئيسيّة التي تؤدّي الى ​الفيضانات​ إضافة الى غزارة ​الأمطار​ والأسباب الأخرى التي تعطى بين الحين والآخر للتغطية على الأساس.

ففي المستند التي حصلت عليه "النشرة" يتبين أن شركة عقارية تقيم مشروعاً سياحياً في منطقة الناعمه، تقدّمت بطلب الى ​وزارة الطاقة والمياه​ لإشغال قسم من الأملاك العمومية النهرية، بمحاذاة العقار ٥٧٦.

في المستند المذكور، يتبين أن مصلحة تصحيح المحيط في وزارة الطاقة والمياه رفعت الى المديرية العامة للموارد المائيّة والكهربائية، وبعد كشف ميداني أجرته، ما يلي:

"…مع إقتراح عدم الموافقة خصوصاً أن العبّارة منشأة ومنفذّة بدون أيّ دراسة وبدون الرجوع الى وزارة الطاقة والمياه، والطلب لم يحدد ما إذا كان المستدعي قد نفذها وبالتالي يعتبر تعدياً أو أن الجهة التي قامت بتنفيذها خلافاً لكل الأصول الفنية والإدارية…"

ما ورد في هذا المستند يؤكد بما لا يقبل الشك أنّ الشركة العقارية المذكورة والتي يملكها متعهدون ذاع صيتهم في ملفات التلزيمات والصفقات والمناقصات العمومية، تعدّت على مجرى المياه أي الملك العام، ووضعت عبّارة مخالفة للقانون، وبعد ذلك توجّهت الى وزارة الطاقة بكتاب وكأنّ الهدف منه تسوية المخالفة لا طلب الإذن بإستعمال جزء من العقار القائم على الأملاك العامة النهرية، وهنا يظهر حجم المخالفة.

في الكتاب المحال الى وزيرة الطاقة والمياه ​ندى بستاني​ خوري عبر مديرية الموارد المائيّة والكهربائيّة، يتبيّن تحذير الكشف الفني على العبّارة المخالفة من حصول الفيضان، إذ أن المجرى الذي تعدت عليه الشركة العقارية، واقع عند مصب ّعلى البحر ويحتاج الى قناة قادرة على إستيعاب كمية المياه، وإن العبارة التي وضعتها الشركة غير قادرة على ذلك، لذلك خلص الكتاب الى ضرورة إبلاغ من يلزم بأنّ هذه القناة أيّ العبارة موضوع التعدي، ستؤدّي الى أضرار بيئيّة وفيضان المياه لعدم وجود الدراسة الكافية والوافية لها.

هي ليست المخالفة الوحيدة التي أدّت الى فيضان الناعمه، فوزارة الطاقة والمياه، أجرت تحقيقاً ميدانياً ورفعته الى ​لجنة الأشغال​ النيابيّة، التي قررت إتّخاذ صفة الإدعاء الشخصي ضد كل من سبّب الفيضانات في المناطق، وفي التحقيق الميداني، تظهر أيضاً مخالفات مشروع إفراز الريشاني، وتعديات بلدية الناعمه و​مجلس الإنماء والإعمار​ عبر مشروع مطمر الناعمه على مجاري المياه. تحقيق سنكشف تفاصيله وفضائحه في تحقيقات لاحقة، خصوصاً أنّ المدعي العام التمييزي القاضي ​غسان عويدات​ سبق أن أمر ​قسم المباحث الجنائية​ في الشرطة القضائية، بمباشرة التحقيقات في الأسباب التي أدّت الى حصول فيضانات وسيول في ​الناعمة​ وخلدة والتي تسببت بأضرار مادّية جسيمة في الممتلكات.