رأى عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب حسن فضل الله أن "هناك محاولة لإيصال الناس إلى أقصى درجات اليأس ليفرضوا عليهم الشروط التي يريدونها، علماً أن الوضع في البلد قابل للعلاج والحل، ولكن هذا يحتاج إلى خطوات وإجراءات ومسارات معني بها الجميع في ​لبنان​، بدءاً من القوى السياسية والكتل الممثلة في ​المجلس النيابي​ وصولاً إلى الناس، وعليه فلا يمكن لأي أحد في لبنان أي يلقي الحِمل على جهة دون جهة، وعلى فريق دون فريق، لأن ​الأزمة​ موجودة في كل لبنان وتطال جميع اللبنانيين من أقصى عكار إلى هنا في أقصى ​الجنوب​ وربما لأول مرة يشعر فيها الفقراء والأغنياء".

وخلال احتفال تأبيني أقيم في حسينية ​بلدة رامية​ الجنوبية، لف فضل الله إلى أن "المصيبة عادة تجمع وهناك في لبنان مصيبة ومصاب يحتاج إلى أن يجتمع ​اللبنانيون​ لمعالجته، والخطوة الأساسية المطلوبة في هذا الإطار تكمن في تشكيل حكومة، ليس حباً في ​الحكومة​، وليس لأننا نريد سلطة، ولكن من دون حكومة لا يمكن أن ننفذ بقية الاجراءات، واليوم هناك مسار طبيعي ل​تشكيل الحكومة​، يقوم على تفاهم بين الرئيس المكلف و​رئيس الجمهورية​، لإصدار التشكيلة الحكومية، وأيضاً تحتاج هذه الحكومة إلى غالبية نيابية، وعليه، فإن الرئيس المكلف يقوم بمشاورات طبيعية لتوفير هذين الأمرين كي تعبر الحكومة إلى المجلس النيابي وتنال الثقة وتبدأ العمل الفوري، وبالتالي لا يمكن للبلد أن يضع أي علاجات لهذه المشكلة من دون أن وجود هذه ​السلطة​ التنفيذية".

وأكد "أننا من جهتنا قدمنا كل التسهيلات إلى الحدود القصوى لتشكيل الحكومة، لأننا لا نبحث عن أي مكسب خاص، وإنما نبحث عن معالجة مشكلة الناس والشعب والوطن، وعندما تعالج هذه الأزمة نكون حققنا أكبر مكسب، تماماً كما فعلت ​المقاومة​، حيث قدمت كل هذه التضحيات الكبيرة لأجل هؤلاء الناس والبلد وشعبها وقراها وبلداتها، لافتاً إلى أننا قلنا لحلفائنا وأصدقائنا أيضاً بأن هذه المرحلة ليست مرحلة الشروط والمطالب، فلا يجب الوقوف عند كل هذه ​تفاصيل​ على الإطلاق لا سيما في ظل الوضع القائم، وحتى أننا لم نقف عند الأوصاف والتسميات التي قد يطلقها البعض على الحكومة المقبلة، لأن المهم وجود حكومة وأن تبدأ العمل".

ودعا فضل الله الآخرين إلى "تسهيل عملية التشكيل وعدم الوقوف عند أي تفصيل أو جزئية أو حساب سياسي في ظل هذه الأزمة، فالبلد بحاجة إلى حكومة لا سيما مع إصرار الحكومة المستقيلة على عدم العمل، وهذا ما لم يحدث في تاريخ الحكومات المستقيلة، كما أنه يجب أن يعلم البعض بأن وقت اللبنانيين ليس ملكه، وأن عليهم أن ينتظروا للاتفاق على إنجاز الحكومة، لأن المشكلات القائمة تحتاج إلى معالجة سريعة"، مشيراً إلى "أننا خلال الاجتماع الذي حصل في المجلس النيابي بحضور المعنيين ب​الوضع المالي​ من حاكم ​مصرف لبنان​ و​جمعية المصارف​ و​وزارة المال​ وهيئة ضمان الودائع، لم نحصل على الأجوبة الحقيقية والشافية حول السؤال الذي طرحناه عن أموال اللبنانيين المودعة في المصارف، علماً أن هؤلاء يعرفون حقيقة الوضع المالي، وبقي هناك الكثير من التساؤلات والأسئلة والغموض، ومن المفترض أن يستكمل هذا العمل في المجلس النيابي لنعرف حقيقة الوضع المالي في لبنان".

ورأى أن "أموال اللبنانيين اليوم إما مسلوبة، وإما مسجونة في المصارف، وإما مسحوبة ومحولة إلى الخارج، وإما خاضعة اليوم للسمسرات من خلال ما يقوم به بعض السماسرة بأن يتقاضوا من المودعين نسبة لقاء تحصيل الشيكات قيمتها تصل إلى 30 بالمئة، متسائلاً من أين يأتي هؤلاء السماسرة بهذه الأموال، أليس من المصارف، ألا يعلم بهذا الأمر حاكم مصرف لبنان المعني الأساسي بهذا الموضوع"، مشيراً إلى "أننا قلنا لحاكم مصرف لبنان ولجمعية المصارف بأنهم يستطيعون معالجة المشكلة القائمة في المصارف المتعلقة بأموال المودعين وكذلك يتحملون مسؤوليتها، لأن ما تقوم به المصارف غير قانوني ويخضعهم للمساءلة، وإن شاء الله في يوم من الأيام يصبح لدينا قضاء وسلطة قادران على محاسبة هؤلاء الجشعين والطماّعين الذين سجنوا واستولوا على أموال الناس، وخانوا الأمانة التي أمّنهم الناس عليها".

وأضاف "لقد قلنا لهم لديكم بعضاً من الأموال في الخارج عليكم أن ترجعوها، فهناك 11 مليار ​دولار​ للمصارف في الخارج، وربما هناك مليارات لمن هم في السلطة في الخارج، وهذا الإجراء يجب أن يقوم به حاكم مصرف لبنان وأصحاب المصارف، لأنه إذا أتوا بالأموال، يصبح هناك سيولة في المصارف، وعندها تحل الأزمة نسبياً، وبالتالي لا داعي لانتظار المساعدات و​القروض​"، مشددا على أن "هذا الموضوع بالنسبة إلينا له أولوية، ولكن نحن على الصعيد المصرفي لسنا موجودين في هذا القطاع ولا حتى جزءاً منه، ومع ذلك سنقوم بمسؤولياتنا من موقعنا في المجلس النيابي".

وتابع "الأموال المسلوبة المنهوبة تنتظر قانوناً في المجلس النيابي ليقر لنعرف كيف سنستعيد هذه الأمول من السارقين والناهبين، وعندما نتحدث مع ​القضاء​ حول هذا الأمر، يقول لنا بأنه علينا أن نعدّل ​الدستور​ كي نستطيع محاسبة كل الوزراء السابقين والحاليين، لأنه في هذا النص الدستوري الموجود، لا يمكن المحاسبة، وبالتالي علينا الذهاب إلى المجلس الأعلى غير المشكل حتى الآن ل​محاكمة الرؤساء والوزراء​ الحاليين والسابقين"، مؤكداً أن "كل المستندات التي تحدثنا عنها قدمناها للقضاء، وهناك أناس تعتقد بأن ​حزب الله​ هو من يريد أن يؤسس ​محكمة​ ويسمي أسماء السارقين عبر المنابر، ولكن هذا لا يوصل إلى أية نتيجة، وحتى أننا سألنا الناس الذين رفعوا شعارات في تحركاتهم الشعبية المطالبة بمحاسبة الفاسدين، كيف يمكننا أن نصل بهذا الشعارات إلى نتيجة، وكيف نطبقها، وهل يمكننا أن نحاسبهم من خلال محاكم ميدانية في الشارع، وعليه، فإن القضاء هو المعني الأول بهذه الملفات، وهذا ما فعلنا نحن من اللحظة الأولى، حيث ذهبنا إلى القضاء وقدمنا كل المستندات المطلوبة، وهذا الموضوع بالنسبة إلينا قيد المتابعة في المجلس النيابي مع الجهات المعنية بالمال العام، ولا يقول أحد إنه لا يستطيع فعل شيء بهذا الخصوص".

وفي ما يتعلق بالشأن ​الاقتصاد​ي، رأى فضل الله "أننا وصلنا إلى هذه المرحلة لأننا لا ننتج إلاّ القليل القليل، وتركنا العمل في الأرض و​المصانع​، وأغلب ما نستهلكه نستورده من الخارج ب​سعر الدولار​، وبات كل شيء لا سيما العملة الصعبة تخرج من بلدنا إلى البلدان الأخرى ولا يدخل في المقابل منها إلى بلدنا الا القليل، وهنا تكمن المشكلة، وهذا يحتاج إلى تغيير في ​سياسة​ الحكومات، وباشرنا هذا الأمر في بعض ما أوردناه في الورقة الإصلاحية، ولكن نحن علينا أيضاً أن نغيّر من نمط حياتنا، فلا يمكننا أن نكمل كما السابق، وإذا كان هناك من يفكر أننا يمكننا أن نعود إلى الأسلوب ذاته على مستوى العمل والعيش والسياسات الاقتصادية والمالية، فهذا يعني أنه يعيش في عالم آخر، فلبنان قد تغير، وانتهى فيه هذا الاقتصاد الريعي والخدماتي، وبالتالي بتنا بحاجة إلى العودة إلى الاقتصاد المنتج".

وشدد على "أننا معنيون كأبناء هذه المنطقة بالعودة إلى ​الزراعة​ والاقتصاد المقاوم، وهذا التهديد يجب أن نحوله إلى فرصة، فنحن بحاجة إلى العودة إلى العمل، لا أن نتكل على الوظيفة أو أن نكون رهينة المصرف، من خلال وضع الأموال فيها لنحصل على ​الفائدة​"، مشيراً إلى أنه "يجب أن نواجه هذا التحدي بهذه الأرض التي فيها الخيرات الكثيرة، وأن نعود إلى ثقافة آبائنا وأجدادنا وفي التكافل الاجتماعي، وإلى ثقافتنا الدينية، وإلى ما نستمده من تراث هذه المنطقة عندما كان الناس يعاونون بعضهم البعض، ويتكافلون فيما بينهم، الميسور يقدم للفقير، ونتعاون جميعاً كمجتمع وناس في هذه المناطق حتى لا نرى جائعاً، وإن شاء الله لا نرى جائعاً".