لم يختلف الوضع، في العام 2019، على الساحتين الإقليمية والدولية عنه على الساحة المحلية، حيث سيطرت حالة من الفوضى والغموض على مختلف أصقاع الأرض، خصوصاً أن العالم لا يزال يعيش منذ سنوات مخاض ولادة نظام عالمي جديد، تتصارع فيه عدة أقطاب مع الولايات المتحدة، التي كانت تسيطر بالأحادية القطبية، الأمر الذي يُفسر المواجهات التي خاضتها واشنطن، بشكل مباشر أو غير مباشر، مع كل من الصين وروسيا وبعض دول الإتحاد الأوروبي على المستوى الدولي، ومع الجمهورية الإسلامية في إيران على المستوى الإقليمي، بينما هي نفسها كانت تعيش أزمات متنوعة على المستوى الداخلي، توجت في نهاية العام مع التصويت على محاكمة الرئيس دونالد ترامب في مجلس النواب، تمهيداً لنقل المعركة إلى المجلس الشيوخ الذي تسيطر عليه أغلبية جمهوريّة، بينما ستكون البلاد على موعد مع إنتخابات رئاسية قاسية في شهر تشرين الثاني المقبل.

أميركا: بين عزل ترامب والإنتخابات الرئاسية

منذ بداية العام 2019، كان من الواضع أن الولايات المتحدة ستكون على موعد مع العديد من الإستحقاقات البارزة، التي بدأت في الشهر الأول مع الإغلاق الحكومي الأطول في تاريخ البلاد، نتيجة الخلاف بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري.

بالتزامن، عاشت البلاد موجة واسعة من الإستقالات في الإدارة الأميركية، ترافقت مع تعيين المحقق الخاص روبرت مولر، للنظر في احتمال وجود تواطؤ بين حملة ترامب الانتخابية وروسيا، لتكون نهاية العام مع تحول الرئيس الحالي إلى الرئيس الثالث في تاريخ البلاد الذي يحاول عزله مجلس النواب، بعد أن خاض مواجهات على أكثر من جبهة، داخلية وخارجية، مع الديمقراطيين ومع حلفاء واشنطن من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وصولاً إلى رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، من دون تجاهل الحرب الإقتصادية مع الصين والمنافسة مع الدب الروسي، بالإضافة إلى الصراع المفتوح مع مع إيران في الشرق الأوسط.

مع بداية العام 2020، لن تكون الولايات المتحدة بعيدة عن مروحة واسعة من التحديات، تبدأ من الداخل ومعركة عزل الرئيس في مجلس الشيوخ والإنتخابات الرئاسية المقررة في شهر تشرين الثاني المقبل، ولا تتوقف عن الصراع على النفوذ في محتلف أصقاع الأرض، من أميركا اللاتينية وصولاً إلى أوروبا والشرقين الأوسط الأقصى.

أميركا والصين: بين الإتفاق والحرب التجارية

على الرغم من أن المبادلات التجارية بين البلدين هي الأعلى عالمياً، تتأرجح العلاقات الأميركية الصينية منذ سنوات، لكن هذا العام شهدت إنفجاراً نتيجة القرارات المتخذة من قبل ترامب، تمثلت بالعقوبات على شركة "هواوي"، بالإضافة إلى فرض رسوم جمركية متبادلة بين البلدين.

وفي حين كان العام 2018 قد انتهى على هدنة موقتة بين البلدين في سياق الحرب التجارية القائمة، رفعت الولايات المتحدة، في 10 أيار من العام الحالي، الرسوم الجمركية على 200 مليار دولار من الواردات الصينية، من 10 إلى 25%، قبل أن تعلن في 20 من الشهر نفسه مهلة 3 أشهر قبل تفعيل العقوبات، التي شملت حظراً يمنع شركات الاتصالات الأميركيّة من شراء معدّات من شركات أجنبية، في إجراء يستهدف شركة هواوي الصينية العملاقة.

من جانبها، أعلنت الصين، في الأول من حزيران، عن زيادة التعريفات الجمركيّة على منتجات أميركيّة بقيمة 60 مليار دولار، كما أشارت إلى أنها تعدّ لائحة سوداء بالشركات الأجنبية غير الموثوق بها.

وفي حين استمرت هذه المواجهة على مدى أشهر العام 2019، شهد منتصف شهر تشرين الأول الفائت جولة جديدة من المفاوضات بين البلدين، وبموجب الإتفاقية قدمت الصين بعض التنازلات في مجال الزراعة، في حين قدمت الولايات المتحدة عدداً من المزايا على مستوى التعريفات الجمركية.

وفي بداية شهر كانون الأول الحالي، أعلن الرئيس الأميركي عن أن الإتفاق التجاري مع الصين سيتم توقيعه قريباً جداً، كما أشاد مسؤولون أميركيون بالإتفاق، مؤكدين أن النزاع التجاري بين أكبر اقتصادين في العالم سيتم تسويته بشكل كامل.

روسيا وكسر الأحادية القطبية

قبل نهاية العام 2019، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن بلاده نجحت في كسر الأحادية القطبية وإطلاق عملية بلورة ملامح نظام دولي جديد متعدد الأقطاب، لا سيما أنها نجحت في الحدّ من محاولات تطويقها على المستوى الإقليمي، في أوكرانيا وجورجيا ومولدافيا.

بالتزامن، مع إستفادة موسكو من التناقضات على مستوى العلاقات الأميركية الأوروبية إلى حد بعيد، نظراً إلى ان الدول الأوروبية عبرت في أكثر من مناسبة عن إستيائها من الضغوط الأميركية المتزايدة على القطاع الإقتصادي وقطاع إمدادات النفظ والغاز من روسيا، الأمر الذي ترجم بمبادرات حوار تقدم بها بشكل أساسي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بالإضافة إلى المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل.

على مستوى الشرق الأوسط، لا تزال روسيا تحصد ثمار تدخلها في الحرب السورية، في العام 2015، على عكس التوقعات التي كانت تشير إلى أن موسكو ستواجه بمعارضة شرسة من قبل الدول الإقليمية، فقد بات "الدب الروسي" لاعباً أساسياً في المنطقة، مستفيداً من علاقاته مع مختلف اللاعبين الأساسيين، من إيران إلى تركيا وصولاً إلى إسرائيل وبعض الدول الخليجية.

الإتحاد الأوروبي: تحديات مستمرة

لم يكن العام 2019 هادئاً على مستوى القارة الأوروبية، لا سيما في ظل التوتر الذي طغى على العلاقة مع الولايات المتحدة، حيث لم يتوقف الرئيس الأميركي عن توجيه الإنتقادات إلى البلدان الأوروبية، لاعتمادها بشكل متزايد على الغاز الروسي، في المقابل لا يزال صعود الأحزاب اليمينية في "القارة العجوز" يثير موجة من المخاوف، لا سيما مع تراجع أحزاب الوسط التقليديّة وتقدم أحزاب اليمين في بعض الدول في الإنتخابات البرلمانية الأوروبية، ما عزّز المخاوف المتواترة بشأن مستقبل ووحدة الاتحاد الأوروبي والتكتل الاقتصادي العالمي، من دون تجاهل تداعيات أزمة المهاجرين على الأوضاع الداخلية في كل دولة.

بالتزامن، عادت مظاهرات السترات الصفر لتسيطر على المشهد السياسي في فرنسا، رفضاً لسياسات الرئيس إيمانويل ماكرون الإقتصاديّة، في حين شهدت نهاية العام 2019 اشتباكات عنيفة بين متظاهرين والشرطة في كتالونيا، سقط خلالها الكثير من الجرحى وذلك بعد قرار من الحكومة الاسبانية بسجن 12 قيادياً من الحركة الانفصالية في كتالونيا.

أما الحدث الأبرز، فكان في بريطانيا بعد فوز وزير الخارجية السابق بوريس جونسون برئاسة حزب المحافظين، ليخلف رئيسة الوزراء تريزا ماي في منصب رئاسة الحكومة، المعروف باصراره على الخروج من الاتحاد الأوروبي، في حين طالب مجلس العموم تمديد موعد بريكست لثلاثة أشهر.

وبعد تحقيق حزب المحافظين فوزاً مريحاً في الإنتخابات التشريعية، التي أجريت في 12 كانون الأول 2019، حيث حصل على أكثر من 42 % من مقاعد البرلمان، تم تكليف جونسون بمهمة إخراج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بعد شهر واحد من العام الجديد، بعد أن كان من المتوقع أن يحصل ذلك قبل نهاية العام 2019.

أميركا اللاتينية: إضطرابات خطيرة

لم تكن أميركا اللاتينية بعيدة عن التحولات التي يشهدها العالم، والتي قد تعيد رسم الخارطة السياسية على مستوى أكثر من دولة، حيث كان العام 2019 عام التظاهرات والتحركات والإنقلابات بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.

في فنزويلا، كان إعلان رئيس البرلمان خوان غوايدو، في شهر كانون الثاني 2019، عن تنصيب نفسه رئيساً للبلاد بالوكالة، مطالباً الرئيس الحالي نيكولاس مادورو بالرحيل، بالتزامن مع ضغوط إقتصادية خانقة تشهدها البلاد، من دون أن ينجح في دفع مادورو إلى التنحي، رغم الدعم الذي حظي به من جانب الولايات المتحدة الأميركية.

أما في هايتي، فاستمرت الإحتجاحات التي كانت قد بدأت في العام 2018 بسبب إرتفاع أسعار المحروقات، بينما واجه الرئيس الكولومبي إيفان دوكيه، منذ شهر تشرين الثاني، حركة إحتجاجية كبيرة، نتيجة إرتفاع معدلات الفساد ومقتل نشطاء مدافعين عن حقوق الإنسان، وأجبرت الإحتجاجات الرئيس البوليفي إيفو موراليس على الإستقالة في شهر تشرين الثاني.

في التشيلي، اندلعت أيضاً إحتجاجات بسبب رفع أسعار المواصلات العامة، سقط على اثرها عدد من الضحايا في شهر تشرين الثاني الماضي، ما دفع بالرئيس سيباستيان بنيرا إلى التراجع وإعلان حالة الطوارئ، لكن من دون أن ينجح في الحدّ من التحرّكات في الشارع، وأصيبت في شهر تشرين الأول الاكوادور بحالة من الشلل لنحو أسبوعين، نتيجة قرار الرئيس لينين مورينو إلغاء الدعم على المحروقات، ما دفعه إلى التراجع عن هذا القرار.

بدورها، لم تكن البيرو بعيدة عن الإحتجاجات الشعبية، مع أعلان الرئيس مارتن فيزكارا حل البرلمان الذي تسيطر عليه المعارضة بهدف اجراء انتخابات برلمانية جديدة، ما دفع أعضاء البرلمان إلى التصويت على إقتراح بتجميد صلاحيات الرئيس، وشهدت الأرجنتين موجة من الاحتجاجات ضد تردّي الأوضاع المعيشية في البلاد، والأمر نفسه ينطبق على هندوراس حيث ارتفعت الاصوات المطالبة باستقالة الرئيس خوان أورلاندو هيرنانديز.

في السياق نفسه، لا يمكن تجاهل التحركات التي شهدتها البرازيل، التي بدأت في شهر أيار 2019 إجتجاجاً على السياسات التي تتبناها الحكومة، من أهمها خفض ميزانية التعليم 30%، ولاحقاً على خلفية الحرائق واسعة النطاق التي التهمت غابات الأمازون.

المغرب العربي وشمال إفريقيا: تحولات كبرى

عام 2019، كان عام التحولات الكبرى على مستوى دول المغرب العربي وشمال أفريقيا، التي ستفتح الأفق أمام مشهد غير واضح في العام 2020، لا سيما أن الصورة لم تكتمل بشكل كامل.

البداية من الجزائر، التي شهدت في النصف الثاني من شهر شباط موجة واسعة من الإحتجاجات، رفضاً لترشح الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة لولاية رئاسية جديدة، قادت في نهاية المطاف إلى إستقالة بوتفليقة نتيجة الموقف الحاسم للمؤسسة العسكرية، خصوصاً رئيس الأركان أحمد قايد صالح، ثم إلى إنتخاب عبد المجيد تبون رئيساً في الشهر الأخير من العام، ليزداد المشهد غموضاً مع وفاة صالح في 23 كانون الأول إثر أزمة قلبية ألمت به في منزله، عن عمر يناهز 80 سنة.

في تونس لم يختلف المشهد كثيراً، بعد وفاة أول رئيس منتخب ديمقراطياً بالإقتراع العام الباجي قايد السبسي، في 25 تموز الماضي، نظمت في البلاد إنتخابات رئاسية مبكرة قادت إلى فوز قيس سعيد بالرئاسة، إلا أن البلاد لا تزال تعيش على وقع أزمة حكومية بعد الإنتخابات التشريعية التي لم تفرز أغلبية نيابية واضحة.

أما في موريتانيا، فقد فاز محمد ولد الشيخ ولد الغزواني في الإنتخابات الرئاسية التي نظمت في شهر حزيران، بعد إنتهاء ولاية الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، إلا أن المعارضة الموريتانية اعتبرت الانتخابات مزورة، ما أسفر عن احتجاجات أدت إلى اعتقال ناشطين وصحافيين وقطع الإنترنت عن البلد.

في ليبيا، لا تزال المعركة محتدمة بين قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، المدعوم من مصر والامارات والسعودية، وحكومة الوفاق الوطني المعترف بها دولياً، والمدعومة من الحكومتين التركية والقطرية، وقد زاد المشهد تعقيداً، في الشهر الأخير من العام، توقيع أنقرة مع حكومة الوفاق اتفاقيتين، إحداهما لترسيم الحدود البحرية في المتوسط والأخرى تتعلق بالتعاون الأمني والعسكري، في حين طلبت حكومة الوفاق رسمياً من تركيا الحصول على دعم عسكري جوي وبري وبحري لمواجهة قوات حفتر.

في مصر، كان الحدث الأبرز في العام 2019، هو الاحتجاجات التي شهدتها بعض المدن، في شهر آب، للمطالبة بعزل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، استجابة لدعوات للمقاول المصري محمد علي، من دون تجاهل وفاة الرئيس السابق محمد مرسي، في شهر حزيران، ونجله عبدالله في شهر أب.

أما السودان، فقدت شهدت تحولاً بارزاً تمثل بالإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير، بعد إنقلاب عسكري، في شهر نيسان، على وقع تظاهرات شعبية في الشارع كانت قد انطلقت في بداية الشهر نفسه، وصولاً إلى توقيع إتفاق بين المجلس العسكري الإنتقالي وقوى إعلان الحرية والتغيير في شهر تموز.

فلسطين وإسرائيل: صفقة القرن وأزمة سياسية

على الرغم من تراجع القضية الفلسطينية عن دائرة الإهتمام العربي، نتيجة التحولات القائمة في معظم البلدان العربية التي تشهد أزمات داخلية، كانت صفقة القرن هي الحدث الأبرز في العام 2019، لا سيما بعد أن نجحت الإدارة الأميركية في عقد ورشة ورشة اقتصادية في العاصمة البحرينية المنامة، ناقشت ما بات يعرف بالجانب الاقتصادي من "صفقة القرن".

في هذا السياق، كان لافتاً إعلان وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو، في منتصف شهر تشرين الثاني، أن بلاده لم تعد تعتبر المستوطنات الإسرائيلية مخالفة للقانون الدولي، مشيراً إلى أنها ستترك للفلسطينيين والإسرائيليين حلّ الخلاف على المستوطنات، الأمر الذي اعتبره رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو تصحيحاً لخطأ تاريخي، في حين رفض الاتحاد الأوروبي القرار.

قبل ذلك، كانت الخارجية الأميركية، في شهر آذار من العام 2019، أعلنت البدء بتطبيق القرار القاضي بدمج القنصلية الأميركية مع السفارة الأميركية الجديدة في القدس، في حين أعلن ترامب، خلال لقاء مع نتانياهو في الشهر نفسه، أن أي اتفاق للسلام في الشرق الأوسط يجب أن يتضمن حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها.

وفي الإطار نفسه، أعلن السفير الأميركي في إسرائيل ديفيد فريدمان، في 8 حزيران، أن لإسرائيل الحق في ضم بعض أجزاء الضفة الغربية، في حين أعلن نتانياهو قبل نهاية العام أنه سيدفع نحو الإعتراف الأميركي بضم غور الأردن إلى إسرائيل.

على المستوى الداخلي، شهدت تل أبيب أزمة سياسية لم تعرفها إسرائيل منذ تأسيسها، بعدما فشلت الأحزاب والتكتلات السياسية في تشكيل حكومة جديدة، والتي كانت قد بدأت منذ الإعلان عن انطلاق الانتخابات العامة، في نيسان الماضي، إلا أنه لم يستطع المرشحون حسم الأغلبية البرلمانية لصالحه، لتبدأ بعدها حرب التنافس على تشكيل حكومة وحدة تضمهم جميعا، وهو ما فشلوا في إنجازه أيضاً، وبالتالي أعيد إجراء الانتخابات مرة أخرى في أيلول الماضي، ليتكرر فشلهم مرة جديدة، لتجد إسرائيل نفسها أمام انتخابات عامة ثالثة مرتقبة في آذار 2020.

الهجمات الإرهابية ومقتل البغدادي

لم تغب العمليات الإرهابية عن المسرح العالمي في العام 2019، بالرغم من التطور البارز الذي حصل بالنسبة إلى إغتيال زعيم تنظيم "داعش" الإرهابي أبو بكر البغدادي.

البداية كانت من تفجيرين إستهدفا الكنيسة الكاثوليكية بجزيرة جولو بمدينة سولو الفليبنية، في الشهر الأول من العام 2019، ما أدى إلى مقتل 27 شخصاً وإصابة 77 آخرين، وفي شهر آذار أقدم برينتون تارانت على إطلاق النار على مجموعة من المسلمين أثناء تواجدهم داخل مسجدين في مدينة كرايست شيرش في نيوزيلندا، ما أدى إلى سقوط العشرات من القتلى والجرحى.

وفي 21 نيسان الماضي، شهدت سريلانكا أكثر الهجمات الإرهابية دموية في العام 2019، بعد هزّت البلاد نحو 8 تفجيرات استهدفت فنادق وكنائس أثناء الإحتفال بعيد الفصح، ما أدى إلى سقوط مئات القتلى والجرحى، في حين حصلت العشرات من الهجمات الأخرى في أوروبا وأميركا والعديد من الدول الأوروبية.

في المقابل، كان الحدث الأبرز، في 27 تشرين الأول، حين أعلن الرئيس الأميركي مقتل زعيم تنظيم "داعش" الإرهابي، خلال عملية نفذتها قوة أميركية خاصة في إدلب، بينما عين التنظيم، الذي أكد مقتل البغدادي، أبو إبراهيم الهاشمي القرشي خلفاً له.

الشرق الأوسط مسرح مواجهة مستمرة

في سياق مستمر، على مدى السنوات الماضية، كانت منطقة الشرق الأوسط في العام 2019 مسرحاً لتطورات هامة على المستويين الأمني والسياسي، كانت الولايات المتحدة والجمهورية الإسلامية في إيران الحاضر الأبرز فيها، ومن المتوقع أن تستمر في العام المقبل بالنظر إلى التطور الخطير الذي حصل في العراق، قبل أيام، الذي تمثل بإستهداف مواقع لكتائب "حزب الله" العراقي في محافظة الأنبار، الأمر الذي دفع الأخير إلى التهديد برد قاس.

على مستوى منطقة الخليج العربي وإيران، كانت الهجمات التي إستهدفت ناقلات النفط هي الحدث الأبرز، بعد إستهداف ناقلتي نفط قادمتين من السعودية والإمارات في مياه بحر عُمان، في شهر حزيران، بواسطة طوربيد، في حين استهدفت ناقلتا نفط للسعودية وسفينة إماراتية وناقلة نرويجية في ميناء الفجيرة الإماراتي في شهر أيار، الأمر الذي اعتبر تهديداً لحركة التجارة العالميّة، وبعد ذلك تم إستهداف، في شهر أيلول، معملين تابعين لشركة أرامكو السعوديّة في منطقتي بقيق وهجرة خريص، بمجموعة طائرات مُسيرة أثرت على 50% من إنتاج الشركة هناك.

في المقابل، كانت الولايات المتحدة قد أدرجت الحرس الثوري الإيراني، في شهر نيسان، على لائحة الإرهاب، بينما تم احتجاز ناقلة النفط الإيرانية تحمل اسم "غريس 1" في جبل طارق في الشهر نفسه، الأمر الذي ردّت عليه طهران باحتجاز ناقلة نفط بريطانيّة في مضيق هرمز في شهر تموز.

ومن الأحداث البارزة على مستوى المنطقة، كان إسقاط طائرة "آر كيو-4 غلوبال هوك" الأميركية من قبل إيران، الأمر الذي أثار المخاوف من إحتمال إندلاع مواجهة بين الدولتين، قبل أن يقرر الرئيس الأميركي دونالد ترامب التغاضي عن هذه الحادثة.

وفي حين برزت، قبل نهاية العام الحالي، بوارد حل للأزمة بين قطر وباقي الدول الخليجية، الأمر الذي أكد عليه وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، في مؤتمر صحفي عقب انعقاد قمة مجلس التعاون الخليجي في شهر كانون الأول، حيث أعلن أن المفاوضات مستمرة وهناك حرص على انجاحها، شهدت السعودية، في شهر أيلول، عودة القوات الأميركية للمرة الأولى منذ مغادرتها في العام 2003، وذلك عقب أيام من الهجمات على شركة "أرامكو".

على المستوى الإيراني الداخلي، شهدت البلاد، في شهر تشرين الثاني، احتجاجات كبيرة استمرت أقل من أسبوعين، بسبب زيادة أسعار البنزين، واستمرار التدهور الاقتصادي، مع العلم أن الإقتصاد الإيراني يعيش، منذ فرض الولايات المتحدة عقوبات عليه عقب انسحابها من الاتفاق النووي، واحدة من أسوأ الأزمات في تاريخه، لا سيما بعد أن تقلصت صادرات إيران من النفط الخام أكثر من 80%.

وفي العام الثامن من الأزمة السورية، لم تتراجع حدة التحولات على المستويين السياسي والعسكري، والتي بدأت في شهر آذار عندما أعلن الرئيس الأميركي، مستفيداً من الحرب في البلاد، الإعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان السوري المحتل، قبل أن يعلن بقرار آخر، في شهر تشرين الأول، سحب القوات الأميركية من سوريا، ليعود لاحقاً إلى الإكتفاء بإعادة الإنتشار.

كما كان لافتاً إعلان وزير الخارجية وليد المعلم، قبل نهاية العام، أن 2020 لن تكون نهاية الأزمة السورية، بالإضافة إلى الإعلان عن القاء الحجز الإحتياطي على أموال بعض رجال الأعمال السوريين، أبرزهم رامي مخلوف.

على المستوى العسكري، نجح الجيش السوري في إستعادة ريف حماه الشمالي والسيطرة على مدينة خان شيخون، في شهر آب، بينما أعلنت الحكومة التركية، في شهر تشرين الأول، معركة ضد "قوات سوريا الديمقراطية"، قبل أن يدخل الجيش السوري إلى مناطق شرق الفرات.

بالتزامن، أطلق الجيش السوري، قبل نهاية العام، معركة باتجاه ادلب آخر معاقل جبهة "النصرة" في سوريا، من المتوقع أن يكون لها تداعيات كبيرة على مستقبل الأزمة في البلاد التي بدأت في العام 2011.

في العراق، كان الحدث الأبرز، موجة الإحتجاجات الشعبية التي اندلعت، مطلع تشرين الأول، بسبب الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية وتفشي البطالة والفساد، والتي قادت إلى إستقالة رئيس الحكومة عادل عبد المهدي، بعد أن عمدت القوى الأمنية إلى إستخدام القوة ضد المحتجّين.

وكما الإحتجاجات اللبنانيّة، وجّهت الكثير من الإتهامات إلى المحتجّين في العراق، لا سيما بعد رفع شعارات معادية لطهران، في ظل الصراع بين النفوذين الإيراني والأميركي في البلاد، في حين لم تنجح القوى السياسية في التوافق على اسم رئيس الحكومة المقبلة، لا بل ذهب رئيس الجمهورية برهم صالح إلى التهديد بالإستقالة من منصبه، في حال الإصرار على تكليف محافظ البصرة الحالي أسعد العيداني بتشكيل الحكومة الجديدة.