في الأيام الماضية، ظن الكثيرون أن مهمة رئيس الحكومة المكلف ​حسان دياب​ قطعت الشوط الأصعب في الطريق نحو إنجازها، على قاعدة التسهيلات التي حصل عليها من قوى الأكثرية النيابية، رغم عمليّة الأخذ والرد التي شهدتها المشاورات على هذا الصعيد.

حتى اليوم الأخير من العام 2019، كان البعض يضخّ أجواء إيجابيّة بقرب الولادة الحكومية، بعد تذليل مختلف العقد التي ظهرت على طريق التأليف، لكن ما هي إلا ساعات حتى ظهرت عقدة جديدة، دارت حول التمثيل الدرزي، التي فجّرها رئيس "الحزب التقدمي الإشتراكي" النائب السابق ​وليد جنبلاط​، قبل أن ينضمّ إليه رئيس حزب "التوحيد العربي" الوزير السابق ​وئام وهاب​ وشيخ عقل طائفة الموحّدين ​الدروز​ نعيم حسن، ثم رئيس "الحزب الديمقراطي اللبناني" النائب ​طلال أرسلان​.

إنطلاقاً من ذلك، يمكن القول أنّ من الصعب ولادة الحكومة قبل معالجة هذه العقدة الجديدة، خصوصاً أنّ دياب ليس بحاجة إلى أيّ عراقيل جديدة في ظل إستمرار حالة الرفض من القسم الأكبر من الطائفة السنّية، وبالتالي لن يكون بمقدروه مواجهة أزمة "ميثاقيّة" جديدة، مع العلم أن "الإشتراكي" لم يشارك في تسميته في الإستشارات النّيابية الملزمة ولا في الإستشارات النيابية غير الملزمة، وكان موقفه واضحاً برفض، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، الدخول إلى الحكومة، من دون تجاهل وجود عقدتين إضافيتين: الأولى تتعلق بالتوزير السنّي التي لا تزال قائمة، أمّا الثّانية فتتعلّق بعودة الوجوه السابقة من حكومة ​تصريف الأعمال​.

في توصيف للواقع الحالي، تشير مصادر سياسية مطلعة، عبر "النشرة"، إلى أن السؤال الأساسي الذي من المفترض الإجابة عليه، يتعلق بقدرة الحكومة المقبلة على مواجهة الأزمات المنتظرة، بدءاً من الشارع الذي سمحت عطلة الأعياء في الحدّ من تحركاته، وبالتالي الوصول إلى هدنة جزئيّة كان من المتوقع أن تنتهي مع نهاية هذه العطلة، سواء كانت هذه التحركات تمثل ​الحراك الشعبي​ أو القوى السياسية التي لها مصلحة في التحرك، والتي يأتي على رأسها تيار "المستقبل".

في هذا السياق، تلفت المصادر نفسها إلى أن الجميع يدرك أن "المستقبل" ليس في وارد التراجع، حتى ولو فضل ألاّ يكون في واجهة التحركات، حيث يُصر على القول أن ليس هناك قراراً تنظيمياً صادراً بالتحرك، في حين هو لا يملك إلا سلطة "معنوية" على المناصرين غير الحزبيين، مع العلم أنه قد لا يذهب إلى هذا الخيار إلا بعد أن يشعر بأنه لم يعد هناك من أوراق أخرى تعيق مهمة رئيس الحكومة المكلف.

في المقابل، لن يكون الحراك الشعبي بعيداً عن التحركات، لا سيما إذا ما قدمت لها القوى التي تشكل الأكثرية النيابية الأسباب الموجبة، لناحية أسماء الوزراء الجدد، لكن الأساس هو أن هدنة الأعياء ستنتهي على واقع إقتصادي أقل ما يقال فيه أنه صعب، في حين تذهب بعض الشخصيات المعنية إلى توصيفات أكثر حدّة، وبالتالي من المفترض السؤال عن قدرتها، في حال أبصرت النور، على مواجهة هذا الواقع الخطير.

على هذا الصعيد، تشير أوساط معنيّة، عبر "النشرة"، إلى أن مختلف القوى السياسية لا تجد من بارقة أمل يمكن الرهان عليها إلا المساعدات الخارجيّة، التي ستكون مرتبطة إلى حد بعيد بإصلاحات تنفذها الحكومة الجديدة، بالإضافة إلى الرضى الذي تحظى به من القوى الخارجيّة المعنيّة، والتي يأتي على رأسها ​الولايات المتحدة​ الأميركيّة، التي لم تقدّم أيّ جواب واضح بعد تسمية دياب، إلا أنّ المؤشرات لا توحي بأنها في طور التراجع عن سياسة تشديد الإجراءات الإقتصاديّة، في مواجهة المحور المقابل الذي تشكّل أساسه الجمهوريّة الإسلاميّة في ​إيران​.

في المحصّلة، تؤكّد هذه الأوساط أنّ هناك الكثير من المعطيات التي توحي بأنّ المرحلة المقبلة لن تكون سهلة على الإطلاق، لا بل هي قد تكون الأصعب في تاريخ البلاد، وكان من الأفضل أن تواجه بحكومة وحدة وطنية تضمن دعم أغلب القوى السّياسية لها، خصوصاً أن الإجراءات المطلوبة لا يمكن أن تكون عاديّة.