علّق رئيس تجمع المحامين للطعن وتعديل ​قانون الايجارات​ المحامي اديب زخور، على قرار الهيئة الاتهامية التي اعتبرت ​النيابة العامة​ والنائب العام في ​بيروت​ حصراً صاحب الاختصاص والصلاحية في الادعاء، في كافة دعاوى الاثراء غير المشروع، وتعليلها ان المشرّع لم يوضح أو يحدد اي نائب عام او نيابة عامة صاحبة الصلاحية والاختصاص بحيث اتت العبارة دون تحديد الجهة، ولو اراد المشرع ان يعطي الصلاحية لكان ذكر الاستثناء بان النائب العام يستطيع الادعاء خارج محافظته اي لدى قاضي التحقيق في بيروت، كون المشرع حدد قاضي التحقيق الاول في بيروت دون غيره، ويجب ان يكون الاستثناء واضحا وصريحا في النص بشكل لا يحتمل اي التباس او تأويل لما فيه خرق لمبدأ عام جوهري، وان المشرّع اورد استثناء اعطاء الاذونات في المادة 8 فكان يستطيع اعطاء الاستثناء ذاته في المادة 9 باعطاء الصلاحية المذكورة، بل ذكرت ذات المادة ان يطبق قانون اصول المحاكمات الجزائية، يعني ان المشرع اعاد الامور للنص العام، والمادة 10 اتت لتكرسه، ولو اراد المشرع اعطاء اختصاص وصلاحية الادعاء لغير النائب العام صاحب الصلاحية لدى قاضي التحقيق الاول في المادة 10 لكان ذكر النواب العامون بالجمع وليس النائب العام، ولكان ذكر صلاحيات للنواب العامون بالجمع بالادعاء خاج دائرتهم كما فعل مع النائب ​العام المالي​ الذي يدعي على كامل الاراضي اللبنانية وفقا للمادة 21 فقرة 2 .

وأوضح زخور أنه "لمعالجة هذه الاشكالية يجب الرجوع الى النص الاساسي اي قانون اصول المحاكمات الجزائية الذي ذكر منذ بدء مواده، عبارة النيابة العامة والنائب العام بالمفرد وليس بالجمع ولم يلحظه قرار الهيئة الاتهامية ولم يأت على ذكره، وقد جاءت العبارتان بالمفرد في قانون اصول المحاكمات الجزائية وذلك للدلالة على وحدة وعمل ومهام النيابة العامة في الادعاء والملاحقة، والاصول المتبعة امامها والصلاحيات المعطاة لها ككيان، اي لكل نائب عام له صلاحية الادعاء، موضحاً النص أن تحريك الدعوى العامة منوط بقضاة النيابة العامة المعينين في هذا القانون كما جاء في ​المادة 5​ من قانون اصول المحاكمات الجزائية، بحيث إن عبارة النيابة العامة والنائب العام تكررت حصراً بالمفرد للدلالة بوضوح الى قضاة النيابة العامة، وواضحة لتشمل جميع النواب العامين، وتأكيدا على ذلك إن كافة مواد اصول المحاكمات ذكرت النيابة العامة او النائب العام كما هي واردة بالمفرد وليس بالجمع ككيان للادعاء والملاحقة، كما وردت في قانون الاثراء غير المشروع وكررها بوضوح في المادة 10 منه"، لافتا الى أن "المادة 6أ.م.ج جاءت لتوضح ان النيابة العامة تتولى مهام ممارسة دعوى الحق العام، اي بمعنى قضاة النيابة العامة ولم تخلق اي لغط في فهم هذه العبارة في القانون، كما نصت المادة 7 أ.م.ج أن للمتضرر من الجريمة ان يتخذ صفة الادعاء الشخصي امام قاضي التحقيق الاول وحددت المادة 9 أ.م.ج مكان تقديم الدعوى، بعكس المادة 9 من قانون الاثراء غير المشروع التي حددت قاضي التحقيق الاول في بيروت للادعاء امامه من المتضرر ومن النائب العام، وهنا النص الخاص يغلب النص العام في الادعاء امام قاضي التحقيق الاول، كما يحق لكل متضرر استناداً الى المادة 7 أ.م.ج الادعاء لدى النيابة العامة وتحريك الحق العام اذا لم تحركها النيابة العامة واستعمل هنا ايضا المشرّع النيابة العامة بالمفرد كما فعل في المادة 9 من قانون الاثراء غير المشروع وكلاهما لم يحددا حصراً النيابة العامة في بيروت مما يعني هنا قضاة النيابة العامة عموماً، مما يقطع الشك باليقين ان المقصود هم قضاة النيابة العامة، بخاصة ان المادة 9 من قانون الاثراء غير المشروع احالت على قانون اصول المحاكمات الجزائية لتطبيقه في هذه الدعاوى في التحقيق والادعاء، وتطبق على تحريك الدعوى العامة".

وعللّ زخور أن "المادتين11 و12نصتا على وظائف النيابة العامة وتقسيمها في الدوائر، واتت ايضا عبارة النيابة العامة اي عمل النيابة العامة بالمفرد واختصاصها وعملها في الدوائر وفي كافة المحافظات، بينما جاءت المادة 10 من قانون الاثراء غير المشروع لتذكر ان لكل متضرر ان يقدم شكوى خطية موقعة منه للنيابة العامة بالمفرد ككيان كما جاء في قانون اصول المحاكمات الجزائية، أو مباشرة لدى قاضي التحقيق الاول في بيروت وهنا جاء نص خاص استثنائي ليعطي قاضي التحقيق الأول حصراً الصلاحية والاختصاص الشامل بعكس ما فعل مع النيابة العامة التي ابقاها شاملة أصلاً، وأعطى النائب العام اختصاص اضافي بالادعاء مباشرة امام قاضي التحقيق الاول في بيروت بنص صريح استناداً الى المادة 10 من قانون الاثراء غير المشروع، كما وردت في العبارتين بأصل تعريفها الشامل ككيان للادعاء والملاحقة ولم يحدد او يحصرها في نائب عام أو نيابة عامة محددة جغرافياً كما فعل مع قاضي التحقيق الاول في بيروت، الذي اولاه صلاحية واختصاص شامل واستثنائي بنص صريح، ومن ثم شدّد المشترع في المادة 10 من قانون الاثراء غير المشروع على اعطاء النائب العام دون تحديده إختصاصاً واسعاً وهو الادعاء امام قاضي التحقيق في بيروت، وهنا نقول ان هذا النص الخاص يغلب على النص العام ولا مجال للاجتهاد في معرض النص الصريح"، مضيفا: "مع التذكير ان المادة 26 أ.م.ج. ايضاً على سبيل المثال ذكرت بالمفرد عبارة " تدعي النيابة العامة بالمفرد دون تحديد"، لدى قاضي التحقيق وهي تعني قضاة النيابة العامة وككيان، وتتابع المواد جميعها على سبيل المثال الفصل الثاني اجراءات النيابة العامة وتستعمل المواد جميعها من 29 الى 37 عبارة النائب العام بالمفرد ويتابع قانون اصول المحاكمات الجزائية ذكر العبارات بالمفرد الى كافة مواد القانون بالمفرد وليس بالجمع".

واضاف: "بما ان المادة 9 من قانون الاثراء غير المشروع نصت صراحة على تطبيق قانون اصول المحاكمات الجزائية على التحقيق في قضايا الاثراء غير المشروع، فيتوجب تطبيق مواده طبقاً للمبدأ الصريح "لا اجتهاد عند وضوح النص"، وبما ان النصوص صريحة بإعطاء الصلاحية والاختصاص الشامل للنيابة العامة وللنائب العام كما ورد تعريفه في قانون اصول المحاكمات الجزائية في الادعاء امام قاضي التحقيق الاول في بيروت، وفي صراحة النصوص اعلاه، فلا يمكن بعدها مخالفة المواد الصريحة واعطاء صلاحيات للنائب العام الاستئنافي في بيروت تتجاوز القانون وحصر الصلاحيات به دون وجود نص صريح كما فعلت المادة 10 مع قاضي التحقيق الاول في بيروت عندما سمته بالاسم كمرجعية لكافة قضاة التحقيق".

وأوضح زخور ان "المقارنة مع المدعي العام المالي كما جاء في المادة 21 فقرة 2 من قانون اصول المحاكمات الجزائية بانها اوردت نصاً خاصاً، فإن هذه المقارنة تبقى صحيحة لو تم مقارنة عبارة النيابة العامة والنائب العام كما وردت في قانون اصول المحاكمات الجزائية مع قانون الاثراء غير المشروع المادة 10 منه والمتطابقة معه، وبايراد عبارة النيابة العامة او النائب العام بالمفرد وفق التعريف ككيان وكقضاة النيابة والنائب العام للادعاء استناداً الى وضوح المواد في قانون اصول المحاكمات الجزائية وقانون الاثراء غير المشروع، بالاخص بإعطاء النيابة العامة كقضاة النيابة العامة والنائب العام تحديداً وكل نائب عام صلاحية اختصاص محدد وبقانون خاص وهو الادعاء مباشرة لدى قاضي التحقيق الاول في بيروت استناداً الى المادة 10، كما فعلت باعطاء صلاحيات واختصاص محدد في المادة 21 فقرة 2"، لافتا الى أن "المبدأ هو تطبيق قانون اصول المحاكمات الجزائية بإعطاء لكل نائب عام في الادعاء ضمن صلاحياته واختصاصه امام قاضي التحقيق ضمن حدود محافظته ودائرته، وقد جاء النص الخاص في قانون الاثراء غير المشروع في المادة 10 منه ليعطي النائب العام اي كل نائب عام صلاحية واختصاص الادعاء مباشرة امام قاضي التحقيق الاول في بيروت، فالاستثناء الاول جاء بوضوح لادعاء النيابة العامة خارج دائرتها والثاني اعطاء الصلاحية والاختصاص ايضاً الى قاضي التحقيق في بيروت للتحقيق، والاستثناء الثالث على ان تجري المحاكمة حصرياً في محكمة استئناف بيروت في الدرجة الاولى والاستثناء الرابع أن تخضع احكامها للمراجعة امام ​محكمة التمييز​ بصفتها مرجعاً استئنافياً استناداً الى المادة 17 من قانون الاثراء غير المشروع. وهنا ايضاً تعديل لصلاحيات واختصاص ​محكمة الاستئناف​ التي تحولت درجة اولى ومحكمة التمييز بحيث أصبحت مرجعاً استئنافياً بنص صريح، فلو اراد المشرع اعطاء الصلاحية والاختصاص للنائب العام او النيابة العامة في بيروت لكان اشار الى ذلك صراحة في متن المادة 10 من قانون الاثراء غير المشروع كما فعل مع قاضي التحقيق الاول ومحكمة الاستئناف ومحكمة التمييز".

وشدد على ان "اعتماد الهيئة الاتهامية المقارنة بين النائب العام واعطاء الاذونات وبوجوب اعطاء إختصاصاً استثنائياً للنائب العام والاشارة اليها بوضوح في قانون الاثراء غير المشروع للادعاء خارج اطار دائرته، كما فعل في المادة 8 من قانون الاثراء غير المشروع الذي حدد الاستثناء للاذونات، جاء بغير موقعه القانوني، ان لناحية عدم جواز المقارنة بين الاذونات وصلاحيات واختصاص النيابة العامة التي يجب مقارنتها مع مثيلاتها او الاقل مع اختصاص قاضي التحقيق ومحكمة الاستئناف والتمييز كما بينا اعلاه. وقد ورد في القرار "ان الاستثناء من الاذونات جاء بنص صريح وبالتالي يجب ان يكون هناك نص صريح وعبارة واضحة وكان بامكانه "المشرع" لو اراد الخروج عن مبدأ الاختصاص المكاني للنائب العام الاستئنافي ضمن حدود محافظته، ان يورد مثلاً انه خلافاً أو استثناء للأصول المرعية الاجراء"، ليدعي خارج دائرته"، فهذا التعليل غير قائم قانوناً ايضاً كون الاستثناءات لقاضي التحقيق الاول ومحكمة الاستئناف ومحكمة التمييز لم تتطلب ذكر هذه العبارات بل اعطاها المشرع صلاحية واختصاص محدد بعبارات بسيطة ولكنها واضحة كما بينا، ولو اراد اعطاءها بالعكس للمدعي العام في بيروت لكان فعل ذلك صراحة وبنص خاص وواضح"، مكررا أن "وضوح عبارة النائب العام والنيابة العامة في قانون اصول المحاكمات الجزائية يجب ان تكون المرجعية والمنطلق عند اي التباس اذا وجد، بصراحة الاحالة اليه من المادة 9 من قانون الاثراء غير المشروع، ومن المرجح ان ان الغموض الذي كان منطلقاً في قرار الهيئة الاتهامية في عبارة النيابة العامة والنائب العام، وعدم الرجوع الى تعريف ومهام النيابة العامة ومقارنتها بين قانون اصول المحاكمات الجزائية وقانون الاثراء غير المشروع، أدى الى التحليل والنتيجة الخاطئة ومنها القول انه كان على المشرع ان يذكر بالجمع لا المفرد انه للنواب العامين لا عبارة للنائب العام اختصاص الادعاء، لكي يفهم وفقاً للقرار انه يعود لكافة النواب العامون الادعاء، وهذا ما اوقع الالتباس في القرار اضافة الى باقي النقاط القانونية، فلو اتبعت وفقاً لتسلسليتها القانونية، لأدت الى النتيجة المغايرة وفقاً للتحليل المنطقي والقانوني المتبع".

وأضاف زخور: " واذا سلمنا جدلاً بعدم وجود مقارنة او احالة الى النيابة العامة او النائب العام المذكور في قانون اصول لمحاكمات الجزائية كما جاءت في المادة 9 من قانون الاثراء غير المشروع، ولم يتم ذكر العبارات بالمفرد وفقا للشرح اعلاه، فإنه لو اراد المشترع حصر حق الادعاء بالنائب العام في بيروت كما جاء في قرار الهيئة الاتهامية في بيروت، لكان على المشرع ان يشير الى ذلك بنص صريح مماثل ويذكره صراحة كما فعل مع قاضي التحقيق الاول ومحكمة الاستئناف والتمييز استناداً الى المادة 10 و17 من قانون الاثراء غير المشروع، وهذا ما لم يفعله المشترع، نظراً لوضوح عبارة النيابة العامة والنائب العام في قانون اصول المحاكمات الجزائية، وينبغي التقيّد بهذه النصوص الصريحة، ونذكّر ان الهيئة الاتهامية بتعليلها انه كان على المشرع أن يستعمل الجمع في ذكر النيابة العامة او النائب العام او الادعاء فهو مردود شكلا كون قانون اصول المحاكمات الجزائية لم يستعملها اصلا الا بالمفرد تأكيدا على جميع قضاة النيابة العامة بشكل اوسع، ويؤكد ان النيابة العامة المعنية هي كيان وهم قضاة النيابة العامة، والنائب العام هو كل نائب عام وليس محدداً، وليس من المتوجب ذكر النواب العامون في قانون الاثراء غير المشروع والتي لم تذكر اصلاً في الجمع في قانون اصول المحاكمات الجزائية كما بينا".