الخير الدافق علينا من السماء والذي تفتقده الارض للأسف يجعلنا نطلق الدعاء مع بداية العام 2020 بأن تكون ولادة الحكومة الجديدة فاتحة خير على لبنان الغارق بعد مئة عام بالتمام على ولادته باسئلة الماضي والحاضر والمستقبل.

***

اليوم ما الذي يجعل هذه الحكومة تولد بعصا سحرية رغم عقد التمثيل في الطوائف والمذاهب والاحزاب المتعفّفة حتى الساعة عن القبول بمشاركتها المباشرة؟

وكيف للحكومات السابقة ان تأخذ أشهراً قبل التأليف فيما الحكومة الحالية يتم انضاجها بسرعة قياسية؟

فهل كان شيء ما يحضر مسبقاً كما يقال لما فيه خطط الوزارة وبرنامجها؟

أية قطبة مخفية وأية عصا سحرية تحرّك من ينتجون الحكومة .

***

ما يهم الناس وما يهم الثوار هو ان لا تذهب صرخاتهم سدى وان لا يضيع سهر لياليهم في الساحات وعلى الطرقات في مجاهل المحاصصات السياسية والمذهبية والطائفية التي يبدو ان ابطالها لم يتعلموا الدرس بعد .

ما نراه وما لمسناه نسأل الله ان نكون على خطأ، لا يبشر بالخير. والاسماء التي في التداول للتشكيلة الحكومية تؤكد ان ما يجري هو "تلزيق" اسماء من المتوفر غير المحروق على طريقة "من كل وادٍ عصا" فقط حتى نقول للناس وللثوار ان "هؤلاء غير سياسيين وهم اختصاصيون ومستقلون"؟

نفس التوزيعة للمذاهب والطوائف على الوزارات وكأن هناك إستخفافاً بالنزعة العلمانية المدنية التي طالب بها الثوار واستغباء لتوقهم لآليات جديدة ومتجددة لتشكيل الحكومة ولتداول السلطة .

***

يجهد من عمل على تشكيل الحكومة على الايحاء بحكومة اختصاصيين يكفينا نحن الشعب المنتفض الثائر ان نرى الأمل والاختصاص والشفافية والنجاح بشخص واحد نعرفه عن كثب ونتمنى ان يكون جميع الاختصاصيين امثال: عثمان سلطان وزيراً للاتصالات بعيداً عن التحاصص السياسي والحزبي.

هكذا يصدّق الناس والثوار ان ذلك صحيح أما وإذا كانت حكومة تكنوسياسية كما هو واضح فستكون حكومة من لون واحد.

***

من هنا أين الثوار مما جرى ويجري؟ أين حراكهم وثورتهم وانتفاضاتهم؟ هل يقبلون بالاسماء المطروحة امامهم والتي تخبئ انتماءات حزبية مستترة فيما البعض الآخر غير معروف حتى باختصاصه؟

هل هذه احلام الثوار: ان نؤلف لهم كيفما كان حكومة "اخصائيين" حتى تمتص ثورتهم وتنهيها؟

هل هذه احلام الثوار بآليات جديدة للحكم وهل هذه الحكومة بتركيبتها السياسية المستترة ستجري انتخابات نيابية مبكرة تكون مقبولة منهم؟

هل هذه الحكومة باسمائها المتداولة ستنقذ الناس من الإنهيار النقدي والمالي والأزمتين الاقتصادية والاجتماعية؟

هل باستطاعة هذه الحكومة باسمائها المتداولة ان توحي الثقة لمن في الداخل والخارج وان تأتي بالأموال والهبات والقروض والودائع من الخارج كما يردد الرئيس ميشال عون؟

***

هل باستطاعة هذه الحكومة باسمائها المتداولة ان ترفع شبح الفقرعن الناس أمام جشع التجار الذين استفادوا من فرصة غياب الدولة ومن "تشبيح" بعض المصارف على ودائعهم لرفع الاسعار واحتكار المواد الغذائية تحت شعار شحّ الأموال وشحّ البضائع وصعوبة الاستيراد؟

***

هل باستطاعة هذه الحكومة باسمائها المتداولة ان تعطي امالاً للشباب بدولة جديدة وسلطة نظيفة وقادرة؟

الازمات تتوالى وصرف العمال والموظفين يوحي بأزمات اجتماعية قد تهدد بالاسوأ ... فهل بهذه الطريقة نجيب على مخاوف الناس الضائعة والقلقة والتي تشعر بشبه انكسار ونكسة؟

ويضاف الى كل ذلك كلام عن اجراءات ومحاسبات وفتح ملفات "على الخفيف" كما نقل عن الرئيس المكلف لرئيس مجلس النواب نبيه بري خلال الإستشارات .

"عا الخفيف"؟؟؟ هل هذا ما انتظره الثوار وهل هذا ما انتظره الناس؟

وإذا كان المطلوب تقديم قرابين أو كبش محرقة في مكان ما كما يقال في القطاع المصرفي أو في مصرف لبنان...

فهل هذا هو المكان الصحيح الذي يجب التصويب عليه؟

وهل هذا هو الوقت المناسب؟

***

حكومة من كل واد عصا... تأتي بعصا سحرية... لا نعرف من يحملها؟ هل ينهض لبنان من الإنهيار؟ نأمل من الله ان يحقق كل امال الشعب.

الأيام كفيلة بالجواب... لكن المؤشرات لا توحي وسنونو الحكومة لن تأتي بربيع لبنان.