أشار الأمين العام ل​حزب الله​ ​السيد حسن نصرالله​ في حفل تأبيني لقائد ​فيلق القدس​ ​قاسم سليماني​ ونائب رئيس هيئة ​الحشد الشعبي​ ​أبو مهدي المهندس​ في الضاحية الى ان "ليلة الجمعة، هو تاريخ فاصل بين مرحلتين في المنطقة، هو بداية مرحلة جديدة وتاريخ جديد ليس لايران أو ​العراق​ انما للمنطقة كلها"، لافتا الى ان "سليماني حقق هدفه الشخصي وهذه أمنيته منذ أن كان شابا، الذين يمشون في هذا الطريق بعضهم يسقط قبل النهاية وتخمد فيهم هذه الشعلة ويموت فيهم الشوق للقاء، وآخرون تزداد توهجا وحضورا وإشتعالا، سليماني والمهندس كانا من النوع الثاني لا سيما في السنوات الأخيرة"، معتبرا ان " يوم الاغتيال سيكون نموذجا جديداً لانتصار الدم على السيف ان شاء الله".

وكشف نصرالله ان "ما حصل أن ليلة الخميس كان سليماني يغادر مطار دمشق علنا إلى مطار بغداد حيث كان في انتظاره المهندس وبعض أخوانه، وبعد صعودهم في السيارات تعرض الموكب لقصف بالصواريخ المتطورة من قبل الطائرات الأميركية بشكل وحشي يضمن تدمير السيارات وتمزيق كل شيء فيها"، مؤكدا أن "الجميع تحولوا إلى أشلاء يصعب تميزها، وبعد ساعات تتبنى وزارة الدفاع الأميركية العملية بأمر من الرئيس الاميركي دونالد ترامب، وبعدها تتوالى بيانات التبني الأميركية وصولاً إلى تبني ترامب الذي ذكر الأسباب التي تدفعه إلى ذلك وكلها أكاذيب".

وراى نصرالله "اننا أمام جريمة واضحة وعلنية ومن أعطى الأمر يقول ذلك ومن نفذ العملية يعلن ذلك صراحة، وبالتالي نحن لسنا أمام عملية اغتيال مبهمة ونحتاج إلى لجنة تقصي حقائق، بل أمام جريمة شديدة الوضوح، ترامب أمر الجيش الأميركي تنفيذ الجريمة فقامت قوة من الجيش بتنفيذها"، لافتا الى ان "الاقدام على هذه الجريمة بهذه الطريقة المفضوحة يشير إلى أمرين، فشل كل محاولات الاغتيال السابقة من دون دليل، حيث حصلت محاولات عديدة بعضها كشف عنه وآخر لم يكشف عنه حتى الآن، ما دفعهم إلى العمل العلني والمكشوف، أما الثاني هو مجموعة الاوضاع والظروف التي تعيشها منطقتنا ومحصلة الصراع القائم وصولا إلى تطورات العراق الأخيرة ونحن على أبواب انتخابات رئاسية أميركية"، مشيرا الى ان "استعراض هذا المشهد يوضح أهداف الإغتيال ويحدد مسؤوليتنا جميعا لمواجهة أهداف الاغتيال، لأن هذا العرض هو ليبنى عليه".

واوضح نصرالله أنه "بعد 3 سنوات من تولي ترامب الرئاسة الأميركية، أعلن عن ​سياسة​ خارجية في العالم ومنطقتنا، لكن بعد 3 سنوات هناك فشل وعجز وارتباك وليس هناك ما يقدمه للشعب الأميركي على مستوى السياسة الخارجية وهو ذاهب إلى الانتخابات"، مشيرا الى ان "ترامي وضع هدف أول في ايران وهو اسقاط النظام الإسلامي وهذا ما عبر عنه جون بولتون المستشار السابق للأمن القومي الأميركي الذي كان يعبر عن إستراتيجية ترامب تجاه إيران أما الهدف الأدنى هو ضبط السلوك الإيراني، وبالتالي الوصول إلى إتفاقات جديدة، بينما إيران لم تستجب، خرج من الإتفاق النووي وفرض عقوبات وقام بمحاولات الحصار والعزل والرهان على الأزمة الاقتصادية والدفع باتجاه الفتنة ولكن فشل كل ذلك"، مؤكدا ان "ترامب ذاهب إلى الانتخابات، لا يستطيع أن يقول أنا اسقطت النظام الإيراني أو أخضعت طهران بل وصل لمرحلة لتوسيط الأوروبيين للقاء روحاني بينما طهران رفضت"، مضيفا:" سياسة ترامب هي أن يأتي بإيران إلى طاولة المفاوضات، لكن ستنتهي ولايته ولن تذهب إيران إليه ولم يتلق إتصالا هاتفيا".

وشدد نصرالله على ان "ترامب فشل في لبنان ايضا، بالرغم من كل الأموال التي أنفقت للتحريض على المقاومة، واخر زيارة لديفيد ساترفيلد كان يهدد المسؤولين اللبنانيين بأنه خلال 15 يوما ستقصف منشآت حزب الله في البقاع بحال لم تفكك وسيوضع لبنان تحت دائرة العقوبات، وكان ردنا بأنه سنقوم برد سريع ومتناسب"، مؤكدا ان " كل محاولة الضغط على لبنان لم تجد نفعا، وكذلك الحرب في اليمن هناك عجز والقرار في الحرب هو أميركي بالأصل".

وراى ان "صفقة القرن التي كان يريد أن ينجزها في السنة الأولى، أين هي ومن يتحدث عنها؟ نتيجة صمود الشعب الفلسطيني والقيادات الفلسطينية رغم ما يتعرضون له لم يستطيع أن يفرض الصفقة"، معتبرا ان "في العراق ما هو مشروع ترامب الحقيقي؟ ترامب واضح جداً وشفاف لأنه مستكبر ولا يرى أحدا أمامه ولا يعترف بدول ومجتمع دولي، في كل الحملة الانتخابية كان يقول نفط العراق هو حقنا، ونحن يجب أن نضع أيدينا على نفط العراق حتى نستوفي الأموال التي أنفقناها في العراق والمنطقة وعندما كان يسأل عن ذلك وفي العراق دولة كان يقول لا يوجد في العراق دولة ونسيطر على حقول النفط من خلال ارسال قوات عسكرية ثم نستخرج النفط ونبيعه للعالم"، مضيفا:" مشروع ترامب الحقيقي هو السيطرة على الثروة النفطية العراقية، وهو لا يريد دولة تمنعه من ذلك وإذا كان هناك دولة يجب أن تكون خاضعة لواشنطن، من سبقه جاء بداعش، بحسب ما يقول ترامب، وأراد الأميركيون أن تستمر داعش لسنوات لكي يكون هناك حجة للبقاء في العراق، وتحت عنوان الحرب على داعش يعيد اقامة القواعد الأميركية ويستنزف خيرات العراق ويضعف الدولة"، مؤكدا ان "هذا المشروع فشل من خلال اسقاط حجة داعش، وهنا يأتي دور سليماني والمهندس كعامل حاسم في هذه المعركة، ما أسقط الحجة من يد الأميركيين، وبعد إنهاء داعش بدأت الحجة لاخراج الأميركي من العراق لكنه لا يريد الخروج لأنه استخدم داعش كحجة للعودة العسكرية إلى العراق".

وتابع نصرالله :"كانت الانتخابات البرلمانية في العراق، ومن انتصر على مستوى الاتجاه السياسي هو الاتجاه الذي لا يخضع للأميركيين، الأغلبية النيابية في المجلس النيابي من الشخصيات الوطنية التي ترفض الخضوع للإرادة الأميركية وعلى ضوئها تشكلت حكومة أزعجت الأميركيين لأن الحكومة العراقية التي تأسست بعد الانتخابات برئاسة عادل عبد المهدي رفضت أن يكون العراق جزءا من الحملة على إيران كما رفضت تأييد صفقة القرن والمساهمة في تصفية القضية الفلسطينية، كما ذهبت إلى الصين لتقيم عقود بمئات مليارات الدولارات بينما أميركا تريد المشاريع لشركاتها، ولأن الحكومة رفضت أن تبقى الحدود مغلقة مع سوريا وأصرت على فتح معبر البوكمال، بالإضافة إلى إرتفاع الصوت للمطالبة بالخروج من العراق في المجلس النيابي وبالتالي كادوا يخسرون العراق بحسب ما يقولون هم".

وشدد نصرالله على ان "الأميركيين في الاونة الأخيرة حاولوا أن يدفعوا بالعراقيين إلى الحرب الأهلية، موقف المرجعية والقيادات والعشائر والحشد حال دون ذلك، وواشنطن حاولت احداث فتنة بين الشعبين الإيراني والعراقي، وتصرفوا في الأسابيع الأخيرة بهلع وهم يشعرون أن العراق يفلت من أيديهم"، معتبرا ان "ترامب والادارة الأميركية أمام هذا الفشل والعجز في المنطقة ذاهبة إلى انتخابات رئاسية، ليس لديه انجاز في السياسة الخارجية، في فنزويلا فشل وكذلك في كوبا وكوريا الشمالية، ومع الصين وروسيا ومع الحلفاء والأصدقاء ماذا فعل غير الاهانات والتخلي عنهم، في السياسة الخارجية الأميركية يتحدث ترامب عن 3 انجازات في خطاباته الانتخابية: 400 مليار دولار التي أخذها من السعودية بسخرية واهانة، عن صفقات بيع السلاح إلى الدول العربية بعشرات مليارات الدولار، قرار نقل السفارة الاميركية من تل أبيب إلى القدس".

واكد ان "هذه هي انجازات ترامب في السياسة الخارجية، لذلك ترامب والادارة الأميركية باتوا معنيين بالذهاب إلى مرحلة جديدة، نحن لسنا أمام عملية اغتيال منفصلة، بل بداية أميركية في المنطقة، لسنا نحن ذاهبون إلى الاعتداء بل هم بدأوا حربا جديدة في المنطقة"، مضيفا:"بحثوا في تغيير المعادلات وكسر محور المقاومة وإعادة هيبة واشنطن ويساعدها في فرض شروطها، هذا الشي لم يكن حربا لأن في ذلك مغامرة كبيرة، وبالتالي ما دون الحرب ولا يؤدي إلى الذهاب إلى الحرب ما هو الشيء الذي يقود إلى مرحلة جديدة، كانت النتيجة الذهاب إلى نقطة مركزية في محور المقاومة وقاموا بدراسة وأخبرت سليماني بذلك قبل اسابيع وزارني في اليوم الأول من السنة، وأبلغته أن هناك تركيز في الولايات المتحدة عليك وكان الحديث عن أنه الجنرال الذي لا بديل له، وهو كان يضحك عن احتمال اغتياله".

وتابع نصرالله :"في كل محور المقاومة، من فلسطين إلى لبنان إلى سوريا إلى العراق إلى اليمن إلى أفغانستان، يجدون قاسم سليماني، وفي إيران أيضا ماذا يعني قاسم سليماني؟ هم يعرفون ذلك، اسرائيل تعتبر سليماني الرجل الأخطر عليها منذ تأسيسها، وتتحدث عن أنه الخطر الوجودي على كيانها ولم تكن تجرؤ على قتله في سوريا، لجأت إلى الأميركيين"، مؤكدا ان "النقطة المركزية في دول وقوى وفصائل المقاومة كانت تتجسد في قاسم سليماني، وبالتالي كان القرار بقتله بشكل علني، وهذا كان له أهداف سياسية ونفسية وعسكرية".

وأكد نصرالله ان "الهدف الثاني، في العراق كان يراهن بضعضعة الحشد الشعبي والفريق الوطني ويذهب العراق إلى محنة داخلية وتحصل عملية ترهيب لبقية العراقيين، لكن أيضا الرد العراقي بدأ بتشييع الشهداء سويا ومن أهم ما حرص عليه الأميركيين فتح كل الجروح وزرع الأحقاد بين العراقيين والإيرانيين بينما في النتيجة كانت تشييع الشهداء صفا واحدا"، مشددا على ان "الشعب العراقي الشريف والعزيز، القدر المتيقن وأضعف الإيمان في الرد على جريمة قتل سليماني والمهندس هو اخراج القوات الأميركية وتحرير العراق من الاحتلال الجديد، وهنا سيكشتف الأميركيون أنهم خسروا العراق بعد قتل سليماني والمهندس بينما كان هدفهم من قتلهما العكس".

واضاف:"نحن في حركات المقاومة علينا اولا افشال أهداف ترامب في ترهيبنا جميعا في كل المنطقة من أجل أن نتراجع، الرد الأول هو أن قيادات المقاومة ستبقى متمسكة بأهدافها وقضيتها المركزية لن تتراجع وسريعا قامت بلم وجمع صفوفها، وشهادة سليماني ستكون حافز أساسي لنتقدم نحو الأهداف لأننا نشعر أننا على مفرق انتصار تاريخي واستراتيجي على مستوى المنطقة، ويجب أن نحمل دمه وأهدافه ونمضي إلى الامام بعزم وعشق للقاء الله كعشق قاسم سليماني"، مؤكدا انه "في الرد هو القصاص العادل، هذه الجريمة مرتكبها واضح ويحب أن يتعرض للعقاب، موضوع سليمان مختلف، لو قامت أميركا بضرف هدف إيراني آخر غير معني بما يقوم به محور المقاومة، قاسم سليماني ليس شأنا ايرانيا بحتا بل يعني كل قوى المقاومة في المنطقة، شأن الإيرانيين كيف ردوا لكن هذا لا يعفي محور المقاومة من المسؤولية".

وتابع :"القصاص العادل، البعض يعتبر يجب أن يكون من شخصية أميركية بحجم سليماني، ليس هناك شخصية أميركية بحجم سليماني أو المهندس، حذاء قاسم سليماني يساوي رأس ترامب"، مشددا على ان "القصاص العادل هو ما يلي: الوجود العسكري الأميركي في المنطقة، القواعد العسكرية، البوارج العسكرية الأميركية، كل ضابط وجندي أميركي على أراضينا، الجيش الأميركي هو من قتل وهو من سيدفع الثمن".

ولفت الى انه "عندما نطرح ذلك، لا نعني الشعب الأميركي على امتداد منطقتنا هناك مواطنين أميركيين لا ينبغي المس بهم، المس بهم هو يخدم سياسة ترامب ويجعل المعركة مع الارهاب، المعركة والمواجهة والقصاص العادل للذين نفذوا، وهم مؤسسة الجيش الأميركي"، مؤكدا ان "هذا هو الحجم الطبيعي للمسألة، إذا كانت قضية الاغتيال مرت بشكل عابر سنكون أمام بداية خطرة لكل حركات وقيادات ودول ومحور المقاومة".

واكد نصرالله انه "إذا ذهبت شعوب المنطقة بهذا الاتجاه، الأميركيون سيخرجون مذلولين ومرعبوبين كما خروجوا في السابق، الاستشهاديون الذين أخرجوا أميركا من منطقتنا في السابق موجودين وأكثر بكثير من السابق، والمجاهدون والمقاومون كانوا قلة قليلة في السابق واليوم هي شعوب وقوى وفصائل وجيوش وتملك امكانات هائلة"، مضيفا:": اذا عملت شعوب منطقتنا على هذا الهدف وعندما تبدأ نعوش الجنود والضباط الأميركيين بالعودة إلى الولايات المتحدة ستدرك إدارة ترامب أنها خسرت المنطقة وخسرت الانتخابات".

واضاف:"يجب أن يكون هدفنا في محور المقاومة أن الرد على دماء سليماني وأبو مهدي هو اخراج القوات الأميركية من منطقتنا"، مؤكدا انه "إذا تحقق هذا الهدف سيصبح تحرير القدس على مرمى حجر وقد لا نحتاج إلى معركة مع اسرائيل"، مؤكدا "اننا لا نأخذ هذا الخيار من الموقع العاطفي، نحن لسنا خائفين أو غاضبين، بل نعتبر أن هناك فرصة للتخلص من الهيمنة والاحتلال".