أكّد المدير السابق لشركة "نيسان" ​​كارلوس غصن​​، "أنّني أفتخر كوني ​لبنان​يًّا، لأنّ لبنان هو البلد الوحيد في العالم الّذي وَقف إلى جانبي ولم أعرف أي لحظة حرية منذ 19 تشرين الثاني 2018"، لافتًا إلى أنّ "هذا اليوم مهمّ جدًّا بالنسبة إلي، لأنّني كنت أتطلّع قدمًا إلى هذا النهار منذ أن انتُزعت بقوّة من عالمي، وأصبحت بعيدًا عن عائلتي وأصدقائي وعن "رينو" و"نيسان". ونوّه إلى أنّ "من الصعب جدًّا تخيُّل كلّ هذه المرحلة، وتخيّل إلى أي مدى أشعر بفرح لتواجدي مجدّدًا مع أفراد أسرتي".

وأوضح خلال مؤتمر صحافي في ​نقابة الصحافة​ ب​بيروت​، أنّ "اليوم يذكّرني بالعام الماضي، عندما تواجدت أمام المدعين العامين والقضاة في ​طوكيو​، وكنت واقفا مكبّلًا، وحول خصري حزام كان يُستخدَم من قبل رجال الشرطة ليتمّ اقتياضي من زنزانتي، وكنت في سجن انفرادي"، مبيّنًا أنّ "التواصل الوحيد مع أسرتي كان من خلال رسائل توجّه إليّ، ويرينا إيّاها محاميّي من خلال الزجاج". وكشف "أنّني كنت أخضع لاستجواب لمدّة 8 ساعات متتالية، من دون أي حضور لمحام، وكان ذلك انتهاكًا لحريّتي الشخصيّة".

ولفت غصن إلى "أنّني لست هنا لأصوّر نفسي كضحيّة، بل لأبيّض سمعتي ولأقول لكم لماذا غادرت، واليوم يمكنني أن أقدّم وقائع ومعلومات ستمكّنكم من اكتشاف الحقيقة. أنا هنا لأتحدّث عن نظام ينتهك أبسط حقوق الإنسان وعن أمور شبيهة بالهرطقة بالنظام القضائي ​اليابان​ي"، مركّزًا على "أنّني عندما تقدّمت بطلب الكفالة للمرّة الأولى، كنت في حبس انفرادي يتعارض مع القوانين الدوليّة والعدالة المصانة في شرعة حقوق الإنسان، وتمّ تجريدي من حقوقي. هذه المرّة الأولى منذ أن بدأ هذا الكابوس، الّتي أتمكّن فيها من التكلّم بحريّة".

وذكر "أنّني ممتن لكلّ من ساندي في هذه المرحلة، ولكلّ المحبّة الّتي أظهرتها لي عائلتي وأفرادها الّذين تأثرّوا بكلّ الاعتداءات الإعلاميّة التّي كانت من تصميم مديري شركة "نيسان" والمدعين العامين"، مشيرًا إلى "أنّني أفكّر بأصدقائي وبآلاف الأشخاص الّذين أرسلوا لي رسائل دعم، وبالسلطات والمواطنين اللبنانيين الّذين لم يفقدوا الأمل بي، وأثبتوا أنّ ​الشعب اللبناني​ يتمتّع بروح كبيرة وحسّ عدالة". وأفاد بـ"أنّني أفكّر بمحاميّي الّذين كرّسوا طاقتهم في وجه هذا النظام غير العادل، الّذي أراد أن ينتزع منّي إقرارات غير صائبة، وأفكّر أيضًا بكلّ من حاول في اليابان أن يحسّن هذا النظام القضائي غير العادل، الّذي لا يهتم لا بالحقيقة ولا بالعدالة ومعاييرها".

وشدّد على "أنّني اعتُبرت مذنبًا في عيون العالم، على الرغم من أنّ المعلومات لم تكن دقيقة، واكتشَفت أن توقيفي في الأشهر الأخيرة كان نتيجة خطّة وضعها المديرون في شركة "نيسان"، جازمًا "أنّني لست فوق القانون وأتطلّع قدمًا إلى بروز الحقيقة. لم أهرب من وجه العدالة، بل من اللاعدالة والاضطهاد السياسي. عانيت من 400 يوم من غياب العدالة". وأكّد أنّ "الإتهامات الموجهة إليّ باطلة، وقرار الرحيل من اليابان كان الأصعب في حياتي".

كما سأل غصن "لماذا تمّت التغطية على إثباتات براءتي؟ ولماذا أُعيد توقيفي؟ ولماذا كان هناك النيّة الصارمة على منعي من تنظيم مؤتمر صحافي أقدّم فيه وجهة نظري؟ ولماذا منعوني من التواصل مع زوجتي لمدّة 14 شهرًا؟"، مبيّنًا أنّ "هناك سببين خلف المؤامرة، الأوّل كان أنّ الوضع في "نيسان" أوّل عام 2017 كان ينحدر، وعام 2018 تدهور الوضع أكثر وقرّرت أن انسحب من عمليّات الشركة بعد توقيعي مع "ميتسوبيتشي"، وأصبحت أملك 44% من الشركة ورئيسًا لمجلس إدارتها". ونوّه إلى أنّ "بعض اليابانيين وجدوا أنّللتخلّص من نفوذ "رينو" على "نيسان"، يجب التخلّص منّي، وفعلًا هذا ما حصل ونفوذ "رينو" لم يعد موجودًا".

وأوضح أنّ "هاري نادي" و"سايكاوا" و"آلوما" هم أعضاء مجلس الإدارة المتورّطين، و"تويودا" المدقّق في الشركة كان الرابط بين مجلس "نيسان" والمخطّط، ويمكنني أن أعطي أسماء الأعضاء الحكوميّين المشاركين بالخطة لكنّني لن أفعل لأنّني أحترم وجودي في لبنان، فأنا لن أعلن أي شيء يؤذي المصالح اللبنانية- اليابانية". وكشف أنّ "عمليّة توقيفي كانت مُنظّمة، وقيل للعالم إنّني أوقفت داخل الطائرة ولكن الصحيح أنّه تمّ توقيفيفي المطار عندما وصلت إلى ختم الجوازات، حيث أخذوني إلى غرفة جانبية وقال لي المدعي العام أنت رهن الاعتقال وحُرمت من استعمال هاتفي الجوال؛ وبعدها تمّ اقتيادي إلى مركز الاحتجاز في حبس انفرادي صغير".

وأفاد بـ"أنّني لم أتنبه إلى المخطّط ضدّي، وكانت طريقة الاعتقال مسرحيّة"، مركّزًا على أنّ "المؤامرة والتواطؤ بين "نيسان" والمدعي العام الياباني واضحان بشكل ملفت"، مشيرًا إلى أنّه "حصلت اجتماعات كثيرة بين المدّعين العامين والمديرين، وقال لي المدعي العام إنّه سيتمّ توقيفك لأنّك لا تصرّح بدقّة عن راتبك. شعرت بوهل المفاجأة، وسألت عن أيّ راتب وأي تعويضات؟ فقالوا لي إنّ التعويضات الّتي تمّ تُسلّم إليك بعد؛ أي أنّه تمّ توقيفي بسبب تعويض لم يسدّد لي بعد".

إلى ذلك، أعلن غصن "أنّني احتُجزت داخل سجن انفرادي مغلق ولم يكن يحقّ لي الخروج إلّا لمدّة 30 دقيقة في اليوم، ما عدا عطلة نهاية الأسبوع. وكان يحقّ لي الاستحمام مرتين في الأسبوع والتحقيق معي يتمّ لمدّة 8 ساعات يوميًّا من دون وجود محام؛ وفرضية الذنب هي الّتي كانت سائدة وقد حرصوا على الحصول على الاعتراف ولم يكن يهمّهم الكشف عن الحقيقة". وركّز على "أنّني أمضيت 9 أشهر بعيدًا عن زوجتي من دون سبب، وزوجتي كانت شجاعة جدًّا وجردوها من كلّ شيء، ورغم ذلك تمكّنت من الخروج من اليابان. وبعد أن اتّهموها أنّها خائفة لأنّها مذنبة، عادت وأدلت بشهادتها من ثمّ رحلت من جديد".

وبيّنّ أنّ "بعد 9 أشهر أصبح يحقّ لي التحدث إلى زوجتي لمدة ساعتين بحضور محامٍ، وأجبر على كتابة تقرير بالحديث والمدعي العام كانت يدير الدفة"، لافتًا إلى "أنّني غادرت اليابان ولا زلت لم أحصل على تاريخ محاكمة بالتهمة الأولى، وعندما سألت المحامي عن المدّة الّتي سنبقى فيها على هذا الحال، قال: 5 سنوات". وذكر أنّ "تمّ إصدار مذكرة توقيف بحقّ زوجتي بسبب إعلان وضعته قبل 9 أشهر".وشدّد على "أنّني كنت رهينة دولة خدمتها لمدّة 17 سنة، وأعدت إحياء شركة لم يكن من الممكن إعادة إحيائها، وكُتبت عنّي كتب في اليابان وبعد كل ذلك تمّ اعتقالي خلال دقائق واعتبرت ديكتاتورًا".

كما شرح أنّه "صدرت الكثير من المقالات الّتي قالت إنّ لديّ أموالًا طائلة وما يسمى بالأموال الخاصة بالمدير التنفيذي ولكن أنا يحق لي أن أصل إلى هذه الأموال، وكلّ دفعة قمنا بها من احتياطي المدير التنفيذي وقّعت عليها مع المجموعة المعنية الإمضاء، وكل الاتهامات باطلة وعندما اعتقلوني أخذوا كلّ شيء خاص بي".وأكّد أنّ "منطقة ​الشرق الأوسط​ مهمّة جدًّا بالنسبة إلينا وهي الّتي كنّا نستهدفها، والشخص السعودي الّذي تمّ التحدّث عنه تمّت مقابلته من قبل السلطات اليابانية، لكن أحدًا لم ينشر هذا الأمر لأنّه لم يقل شيئًا يناسبهم وحساباتي وحسابات عائلتي خضعت للمراقبة".

وذكّر بأنّ "عام 2017، كان تحالفنا الرقم واحد في العالم بوجود 3 شركات لديها رؤية واضحة للمستقبل واستراتيجيّة جريئة، وكانت تستعدّ لاستضافة شركة "كرايزلر" في التحالف. أمضيت 17 عامًا أقنع المعنيّين بأهميّة التحالف وضرورة تأمين الانسجام، لكن هذا غير متوفّر اليوم، والإرادات انخفضت. لا يوجد تطوير تكنولوجي، وفقد التحالف الفرصة الذهبيّة بعقد اتفاق مع "فيات" و"كرايزل"، وهذا غير معقول".

وكشف غصن انه "لن أتحدث كيف خرجت من اليابان كي لا اعرض من ساعدني للخطر"، مؤكدا انه "ليس لدي اي طموح سياسي واذا طُلب مني تقديم خبرتي لصالح لبنان فأنا مستعد ولكن من دون وظيفة"، مضيفا :"انا لا اشعر بالحزن في لبنان ومستعد للبقاء وقتا طويلا هنا".