لفت مصدر مطّلع على الموقف الأميركي، في حديث إلى صحيفة "الجمهورية"، إلى أنّ "الأميركيين سيخرجون من ​العراق​، والمسألة باتت مسألة وقت فقط، الأمر الّذي سيُحتسب ​إيران​يًّا على أنّه ثأر للواء ​قاسم سليماني​، خصوصًا أنّ القيادة الإيرانية قالت إنّ الثأر لسليماني سيكون خروج القوات الأميركية من المنطقة، وانّ خروجها من العراق هو البداية".

ورأى أنّ "بعد الآن، سيكون التعاطي بين واشنطن وطهران مباشرًا، لأنّ العمل بالوكالة قد انتهى وأنّ من يعمل بالوكالة سيخسر في الأصالة، بمعنى أنّ الجانبين باتا محكومَين بالجلوس إلى طاولة مفاوضات مباشرة في وقت ليس ببعيد". وعلّق على قرار ​الكونغرس الأميركي​ بمنع الرئيس الأميركي ​دونالد ترامب​ خوض أي حرب ضدّ إيران أو غيرها من دون موافقته المسبقة، بالإشارة إلى أنّه "لا يمكن للديمقراطيّين أن يدافعوا عن هذا القرار الّذي أصدرته أكثريتهم في الكونغرس، لأنّ الرئيس الديمقراطي الأسبق ​باراك أوباما​ كان شنّ الحرب على ​ليبيا​ من دون موافقة الكونغرس المسبقة".

وأعرب المصدر عن استغرابه "كيف أنّ أكبر ثلاث دول صديقة أو حليفة لإيران تلقّت نبأ اغتيال سليماني ببرودة لافتة، وهي ​روسيا​ و​الصين​ و​تركيا​، حيث لم يصدر عن أي منها مواقف تدين هذا الاغتيال وتهاجم ​الولايات المتحدة الأميركية​. واكثر من ذلك، انّ الصين، العضو الدائم في ​مجلس الأمن الدولي​، لم تبادر إلى دعوة المجلس للإنعقاد للنظر في اغتيال سليماني وتداعياته، وهي تستعدّ لتوقيع عقود بمئات المليارات من الدولارات مع ترامب قريبًا".

وبيّن أنّ "روسيا، العضو الدائم في مجلس الأمن، لم تبادر أيضًا بالدعوة الى جلسة في شأن اغتيال سليماني، ليظهر رئيسها ​فلاديمير بوتين​ في ​سوريا​ ملتقيًا الرئيس السوري ​بشار الأسد​ ومتجوّلًا في العاصمة السورية، قبل أن ينتقل منها الى تركيا على أن يزور ​إسرائيل​ قريبًا"، منوّهًا إلى أنّ "بوتين لم يتحدّث في دمشق عن دور سلبي للولايات المتحدة الأميركية. وفي المقابل لم يصدر أي كلام أو موقف أميركي سلبي حيال الدور الروسي في المنطقة في ضوء المواجهة الدائرة بين واشنطن وطهران".

كما وجد أنّ "في ظلّ المواجهة الأميركيّة- الإيرانيّة، بدأ يتكشف أنّ هناك ربط نزاع روسي- أميركي حصل على مستوى المنطقة عمومًا وفي ​لبنان​ وسوريا خصوصًا، يدلّ إليه بروز دور لافت لموسكو على الساحة اللبنانية، تبدو واشنطن مسلّمة به وكأنّه بات أمرًا واقعًا يُرجّح أن يثبُت خلال زيارة سيقوم بها بوتين إلى إسرائيل نهاية الشهر الحالي، وهي زيارة ربّما تتّصل بمستقبل الوضع بين لبنان وسوريا من جهة وإسرائيل من جهة ثانية".

وأبدى المصدر اعتقاده أنّ "النفوذ السوري يعود إلى لبنان هذه المرّة على أجنحة الدور الروسي، الّذي يُرجّح أنّ الإدارة الأميركية سلّمت أو ستسلّم به. وهذا النفوذ السوري سيتظهّر من خلال تركيبة الحكومة الجديدة الّتي سيؤلّفها رئيس الحكومة المكلّف ​حسان دياب​، الّذي لن يعتذر، بل لا يمكن أن يعتذر، لأنّ داعميه لا يريدون لرئيس حكومة تصريف الأعمال ​سعد الحريري​ العودة إلى السراي الحكومي، على رغم من رغبة بعض القوى السياسية بهذه العودة".

ولاحظ أنّ "الموقف الأميركي من التطورات اللبنانية يدافع فقط عن رئيس "الحزب التقدمي الإشتراكي" ​وليد جنبلاط​، ولم يعد يرد في أدبيّاته السياسيّة أي شيء عن الحكومة العتيدة، كذلك لم يسجّل منذ مدّة أنّ أحدًا تحدّث عن "عرقلة أميركيّة" للاستحقاق الحكومي، ما يوحي أنّ واشنطن سحبت يدها من هذا الأمر وباتت لا تكلّف نفسها حتّى عناء الكلام عنه".

وأشار إلى أنّ "​التيار الوطني الحر​" و"​الثنائي الشيعي​" وفّرا لحسان دياب الأصوات الّتي ضمنت تكليفه ​تأليف الحكومة​ الجديدة، ولكنه يُعتبر أضعف شخصيّة سنّية في لبنان. ولكن النفوذ السوري الّذي كان سائدًا في لبنان سابقًا قد عاد، وتعكسه مواقف بعض الشخصيّات النيابيّة والسياسيّة الحليفة لدمشق، في وقت بدأ يتبيّن وجود تفسّخات عميقة في معسكر "​8 آذار​"، معطوفًا على شرخ عمودي يمكن اعتباره "شرخًا سوريًّا- إيرانيًّا".

وركّز المصدر على أنّ "من يقف خلف دياب ليس "​حزب القوات اللبنانية​" ولا رئيس "​الجامعة الأميركية​" فضلو خوري، ولا اختير من ضمن لائحة أسماء قدّمتها الجامعة، وإنّما اختارته الكتل النيابيّة والسياسيّة الّتي سمّته في ​الاستشارات النيابية​ الملزمة، وهي بمجملها حليفة لسوريا. ولكن طالما أنّ قوى "8 آذار" غير قادرة حتّى الآن على التوافق في ما بينها على تأليف الحكومة العتيدة، فكيف لها أن تؤلّفها مع الآخرين، أي فريق "​14 آذار​" وحلفائه؟".