على الرغم من الأجواء السلبية التي تسيطر على المشهد الحكومي في الوقت الراهن، لا يمكن القول أن الأمور عادت إلى نقطة الصفر، نظراً إلى أن الإتصالات بين مختلف الجهات المعنية قائمة، ومن الممكن أن تقود إلى ولادة الحكومة في وقت قريب، لا سيما أن هناك إصرارا على هذا الموضوع، في ظل التداعيات السلبية لإستمرار الواقع على ما هو عليه اليوم.

وهذا الواقع من الممكن الإستناد إليه إنطلاقاً من بيان رئيس الحكومة المكلف ​حسان دياب​، الذي أكد أنه سيواصل مهمته الدستورية لتشكيل حكومة تنسجم مع الاطار العام المتفق عليه، وهي حكومة تكنوقراط مصغرة تؤمن حماية اللبنانيين في الزمن الصعب، وتنسجم مع تطلعاتهم ومهمتها الوحيدة انقاذ لبنان، على أن تكون حكومة مصغرة من 18 وزيراً ووزيرة، وتعتمد مبدأ فصل النيابة عن الوزارة، بالإضافة إلى عدم مشاركة وزراء حكومة تصريف الأعمال التي أسقطها ​الحراك الشعبي​.

في هذا السياق، تشير مصادر سياسية مطلعة، عبر "النشرة"، إلى جهود يقوم بها رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​، بالإضافة إلى رئيس الحكومة المكلف، لتأمين ولادة الحكومة بأسرع وقت ممكن، لا سيما أن الرئيس عون يريد الإنتهاء من هذه العملية كي تنتقل المعالجة الفعلية للأزمات العالقة، وهو كان قد أبدى انزعاجه من المماطلة التي حصلت على هذا الصعيد، خصوصاً أن البلاد لا تحتمل المزيد من التأخير في ولادة الحكومة.

وتشير هذه المصادر إلى أن "​حزب الله​" لن يكون بعيداً عن هذه الأجواء، نظراً إلى أنه من القوى الساعية إلى ولادة الحكومة بأسرع وقت ممكن، وبالتالي الساعات المقبلة قد تكون حاسمة على هذا الصعيد إيجابياً، خصوصاً أن "​التيار الوطني الحر​" عاد وأكد من جديد أنه لم يتمسك بأي حقائب أو أسماء ولا حتى بالمشاركة في الحكومة، لا بل هو أعلن أنه لن يكون له أي وزير في حكومة دياب، بعد أن كان رئيس "تيار المردة" النائب السابق ​سليمان فرنجية​ طالب بمعرفة حجم تمثيل رئيس التيار وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال ​جبران باسيل​ في الحكومة ليبني على الشيء مقتضاه.

بالتزامن، كان رئيس المجلس النيابي ​نبيه بري​، قد أكد أنه لن يعطل مسار الحكومة بل سيمنحها الثقة في المجلس النيابي، حتى ولو خارجها بسبب معارضته للصورة التي يتم تشكيلها فيها، حيث يرفض أن يقيده أحد بطريقة تسميته أو من يسمي للمشاركة، سواء شخصية سياسية أو إختصاصية، الأمر الذي يقود إلى معادلة واضحة، هي إمكانية العودة إلى الصيغة التي كان قد أعلن عنها رئيس الحكومة المكلف بعد تسميته من قبل قوى الأكثرية النيابية، أي حكومة اختصاصيين غير حزبيين.

وتؤكد المصادر السياسية المطلعة أنه نتيجة المستجدات في المواقف، لا سيما موقف "التيار الوطني الحر"، يمكن القول أن الصيغة التي يريدها رئيس الحكومة المكلف عادت إلى الواجهة من جديد، وبالتالي من الممكن أن ينجز تشكيلته خلال وقت قريب، من أجل أن يسلمها إلى رئيس الجمهورية، على أن تبصر النور بعد ذلك، لا سيما بعد إخراجها من دائرة ​المحاصصة​ السياسية التي كانت قد دخلت على الخط، بالإضافة إلى إبعادها عن دائرة التأثيرات الخارجية التي رافقت إغتيال الولايات المتحدة قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني ​قاسم سليماني​.

في المحصلة، عادت الأجواء الإيجابية لتسيطر على ملف تشكيل الحكومة المقبلة، على أمل أن تنجح الجهود القائمة في تأمين ولادتها بأسرع وقت ممكن، لتبدأ بعد ذلك في التصدي للملفات التي تهم جميع اللبنانيين، لا سيما تلك المتعلقة بالأوضاع الإقتصادية والاجتماعية والمالية.