كتبنا في الاسابيع الماضية الكثير عن ممارسات بعض ​المصارف​ بحق المودعين تحت غطاء الشح أو التجميد أو عدم تسرّب العملات الصعبة خارج الحدود والأسباب كثيرة.

لكن ما جرى ليل الثلاثاء كان مخيفاً ومريباً وحزيناً في الوقت نفسه. فالجميع تسّمر على شاشات التلفزة أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي في ​لبنان​ والخارج، وشهد بأم العين ما جرى في ​شارع الحمرا​ وامام ​المصرف المركزي​ وبحق العديد من المصارف ما حدث يطرح الكثير من علامات الاستفهام حول الرسائل التي حاول، بعض ملثمي الوجوه بين الشعب الثائر الأصيل والمعروفي الإنتماءات، تحويل ليل المدينة الى ليل للفوضى والتكسير والاعتداء على أرزاق الناس وممتلكاتهم حتى لو كانت مصارف.

***

نفهم ونتفهم ونحن منهم غضب وسخط الشعب الثائر حيال ما يحدث كل يوم مع بعض المصارف وفي بعض الفروع وطريقة الاذلال في إعطاء الناس حقوقهم وجنى اعمارهم، وليس لنا ناقة أو جمل في الهدر و​الفساد​ والهندسات.

ولكن " تدخّل" ملثمين بينهم ضمن خطة ممنهجة مجموعة هدفها تعريض سيادة ​مصرف لبنان​ للخطر وأمن فروع المصارف المحاذية وعلى طول شارع الحمرا فهذا أمر لا يمكن القبول به ولا يمكن التسليم به حتى الشعب الثائر براء من ذلك وسمعناهم يتحدثون عن مجموعات ملثمة الوجوه دخلت بينهم وهدفها التكسير والخلع والتعرض للمصارف.

***

هل ما جرى ويجري ينقل الحرب من ملعب السياسيين وفسادهم وسرقاتهم الى ملعب الشعب الثائر؟

الغريب كيف تداخلت مطالب الشعب الثائر الأصيل والنقي مع مطالب بعض ملثمي الوجوه الذين لهم اجاندتهم؟

هل هي مؤامرة على ​القطاع المصرفي​ لتدميره تمهيداً للفوضى الكاملة في البلد؟

ومن يستفيد من هذه الفوضى ومن له مصلحة في ذلك؟

وهذه الفوضى إذا وقعت ألن تأخذ معها الجميع وتدمر ما تبقَّى؟

***

"الشعبوية" التي يتعاطى بها بعض من المسؤولين "السابقين" والخفّة التي تميّز أداءهم لا تليقان بحدة ​الأزمة​ التي يعيشها الناس.

تصفية حسابات ونكايات وممارسات وكأن لا شعب ولا ثوار ولا مطالب ناس انتفضت بلحظة غضب ضد السياسات نفسها التي لا يزالون يطبقونها؟

طريقة تشكيل ​الحكومة​ والتحاصص فيها قبل ان يَضْربُ على الطاولة من يَضْربُ عادة على الطاولة أكدت ان الذهنية نفسها وان التشاطر مع الناس صار بشكل أبشع بكثير... ما معنى ان يهبّ المسؤولون ليقولوا: لن تتمثل مجموعاتنا بالحكومة المقبلة؟

هل يَهبون شعب لبنان من كيسهم؟

أليس هذا ما طالب به الشعب الثائر أساساً؟ ألم يقولوا للسياسيين:

ارحلوا ولا تدخلوا من الشباك بعد ما طردناكم من الباب؟

***

لنفترض ان الحكومة قد تحتاج الى اسبوع لولادتها لأن هناك عرقلة في وزارتي ​الطاقة​ و​الاقتصاد​ ولمن سيؤول منصب نائب رئيس الحكومة، فهي لا شك ليست

على قدر طموحات الشعب الثائر واحلام شبابه وشاباته: حكومة الممكن ومن "الموجود جود" ولكن من يضمن ان الكتل السياسية الأساسية ستعطيها الثقة؟

ومن يَضْمن انها إذا نجحت في ان تولد، قد لا تعطى الثقة في ​مجلس النواب​ فهل تتحوّل الى حكومة تصريف أعمال عاجزة حتى ان يجول رئيسها على الدول الخارجية طلباً للدعم المالي المطلوب وهو لا يقل عن 10 مليارات ​دولار​ لتخطي الأزمة؟

***

ما نعيشه لا يمكن وصفه... رقص في الهاوية وليس على حافتها...

كوابيس لم نحلم يوماً اننا نعيشها.. وفي الوقت عينهِ تجار الهيكل هم أنفسهم يقررون عنا أي مصير يأخذوننا إليه وإلى أي نموذج إنهيار يرمون البلد فيه...

***

من يريد أخذ البلد إلى الفوضى ومن يريد إعادته الى الاستقرار؟

شعب لبنان الثائر لن يتعب من ​تفجير​ غضبه في أسبوع الغضب وهذه قاعدة يجب ان ينطلق منها الرئيس المكلف المحاصر بالرسائل الميدانية من كل الأفرقاء وصولاً الى الرئيس ​سعد الحريري​ العائد والمترقّب...

في الإنتظار المُوجع والمُقلق، يأتينا ممثل ​الامم المتحدة​ في لبنان يان كوبيتش مغرداً عبر التويتر ليقول: "السياسيون في لبنان يجب ان يلوموا أنفسهم على هذه الفوضى الخطرة".

فعلاً نشكركم، ونشكر أنفسنا على تحمّلنا سياسيينا الكرام المحترمين الصادقين الشرفاء، نظيفي الكفّ، أصحاب الضمائر الفريدة، وان سهى عن بالنا كلمات اطراء اخرى فقرائنا الكثر من شعب لبنان الثائر يتولى اضافة المحاسن.