لفت رئيس ​الحكومة​ ​حسان دياب​ اثر اعلان مراسيم تشكيل الحكومة إلى انه "في 17 تشرين الأول 2019، خرج اللبنانيون إلى الشارع، بعد أن ضاقت فسحة الأمل بمستقبل الوطن وأبنائه. كان الصوت مدوياً ضد الفساد، وهادراً ضد الفاسدين، وثائراً على المفسدين. هتفوا ضد من يريد اغتيال أحلام اللبنانيين بدولة عادلة يحكمها القانون الذي لا يميّز بين مواطن ومسؤول. في تلك اللحظة، استعاد اللبنانيون المبادرة، بل واستعادوا موقعهم كمصدر للسلطات. رجال ونساء، شيب وشباب وأطفال، حملوا علم لبنان فقط، فوحّدوا الوطن، وكسروا الحواجز الوهمية بين الطوائف والمذاهب والمناطق، وعطّلوا الاستثمار السياسي في انقساماتهم، وأطلقوا العنان لحناجرهم، ضد القهر المزمن، فاجتاحوا حاجز الخوف، وهدموا جدران السجن الكبير الذي يحتجز طموحاتهم بقيام الدولة القادرة الحاضنة لجميع أبنائها".

ورأى انه "فتحت الانتفاضة الطريق نحو الهدف ورسمت معالم لبنان الجديد.". وقال: "يعيش الوطن مرحلة صعبة من تاريخه. لقد تكدّست المشاكل حتى أصبحت تحجب بصيص الأمل. بعض المشاهد أيقظت في وعينا محرّمات كنّا اتفقنا على دفنها. بعض الصور أعادت إلى أذهاننا زمناً مضى من المآسي، كنا نظنّ أننا نسيناها. بعض الأنين الذي سمعناه، بلغ أعماقنا ليحرّك الألم الدفين الذي اعتقدنا أننا داويناه. بعض الدخان الذي اجتاح صدورنا، قطع أنفاسنا خوفاً على استقرارنا. وقبل ذلك كلّه، وبعده أيضاً، أصيب لبنان بالوهن، سياسياً وأمنياً واقتصادياً ومالياً واجتماعياً، فتصدّع سور الأمان، بينما كانت قدرات اللبنانيين تتآكل، حتى أصبح لبنان يواجه أمواج الأزمات العاتية من دون كاسر موج".

وأشار إلى انه "قيل الكثير في ظروف تكليفي، ولقد تعمّدت الصمت في مواجهة تلك الاتهامات، لأني أريد العمل لا الجدل. لقد انطلقت في عملية التأليف متسلحا بالدستور وبمقاربة مختلفة عن كل ما سبق في تاريخ لبنان. وضعت معايير محدّدة لفريق العمل الحكومي الذي على أساسه أردت اختيار الوزراء. واجهنا الكثير من الصعوبات في بلد ليس فيه إحصاءات علمية كافية، ولا احترام للأرقام والمعايير الدقيقة. ولأننا نطلب العلى لوطننا، فقد سهرنا الليالي، نفتّش، نستطلع، ندرس، ندقّق، ونقارن. وكنا أيضاً نحاور، نقارع، نعاند... حتى وصلنا إلى تشكيل أول حكومة في تاريخ لبنان، تجتمع فيها مواصفات متميّزة لمواجهة ظروف استثنائية وبسرعة قياسية من دون تسرّع. انطلاقاً من ذلك، وفي هذه اللحظة أحيّي الانتفاضة ـ الثورة، التي دفعت نحو هذا المسار... فانتصر لبنان".

وأوضح انه "هي حكومة تعبّر عن تطلعات المعتصمين على مساحة الوطن خلال ثلاثة أشهر من الغضب، وستعمل لترجمة مطالبهم: باستقلالية القضاء، واستعادة الأموال المنهوبة، ومكافحة الإثراء غير المشروع، وحماية الشرائح الاجتماعية الفقيرة من ظلم الضرائب، ومكافحة البطالة، ووضع قانون جديد للانتخابات يعزّز اللحمة الوطنية التي كرّستها الساحات، وتأكيد مبدأ المساءلة والمحاسبة التي نتمسّك بها ولا نخشاها. هذه الحكومة، هي حكومة مصغّرة لا تتمدّد للتسويات وتوزيع جوائز الترضية الوزارية. حكومة فصل النيابة عن الوزارة، فلا نوّاب فيها ولا مرشّحين للنيابة في الانتخابات المقبلة. حكومة اختصاصيين لا يقيمون حساباً إلا للغة العلم والمنطق والخبرة.. ومصلحة الوطن. حكومة غير حزبيين، لا يتأثّرون بال​سياسة​ وصراعاتها. حكومة تريد حماية كرامة اللبنانيين في الصحة والمدرسة والجامعة والخدمة العامة، وحكومة رجال أنهكتهم التجارب المريرة ويريدون لبنان بحنين الماضي البعيد الذي يحمي مستقبل الأبناء. حكومة المرأة التي تشارك في السلطة التنفيذية قولاً وفعلاً وبقوة حضورها وفاعليتها، وليس بمنّة من أحد. كما انها حكومة تتولّى المرأة فيها التمثيل الوازن".

وأكد ان "المهمة صعبة جداً.. لكنها ليست مستحيلة إذا تعاون جميع المخلصين من أجل وقف الانهيار، وبدء ورشة بناء الثقة، ونحن نتطلع إلى التكاتف الوطني لمواجهة التحديات الكبيرة التي تنتظر البلد، والتي تهدّد الاستقرار المالي والاقتصادي وتتداعياتهما". ودعا كل صاحب إرادة طيّبة إلى نجدة لبنان، عبر مساعدة الحكومة في ورشة استنهاض الهمم اللبنانية في لبنان والاغتراب، للنهوض بلبنان الوطن، لبنان الجريح، لبنان المرهق، لبنان المتنوع في حنينه، لبنان المبدع في استمراره، والمنتصر الثائر على الظلم والفقر والفساد". وشدد على انه "لدينا القدرات، والكفاءات، والهمّة، والإصرار، والالتزام الوطني، والعزيمة. لدينا الإمكانات التي نستطيع استثمارها في ورشة الإنقاذ. ولدينا الثروات الوطنية، براً وبحراً، والتي لن نسمح بالتفريط فيها أو الاعتداء عليها، وسنحميها وندافع عن حقنا فيها بكل الوسائل".

وعبر عن أسفه "للمشاهد التي رأيناها خلال الأيام الماضية"، معتبرا ان "المهم الآن أن نحفظ الاستقرار، وأن نؤازر الجيش اللبناني والقوى الأمنية، لحماية هذا الاستقرار الذي يشكّل قاعدة لإطلاق ورشة الإنقاذ".

كما وشدد على ان "كل وزير من الوزراء في هذه الحكومة هو من التكنوقراط وبعيد عن السياسة والاحزاب. اما بالنسبة الى التشاور مع الاحزاب السياسية، فهذا امر لا بد منه، فهي التي ستعطي الثقة للحكومة، وبالتلي فإننا حكما سنتشاور معها. واود ان اسألكم سؤالا: اذا ما كانت هناك جهة ما قد سمّت عشرة اسماء، وهناك من بينها اسم او اثنان من ضمن المواصفات والاطار العام الذي وضعته، فأين المشكلة؟ اما بالنسبة الى الانتخابات المبكرة، فلقد ذكرنا اننا سندرس قانون انتخاب وبعد ان يتم اقراره في مجلس الوزراء سيحال الى مجلس النواب. ولا احد يعرف كم ستبقى هذه الحكومة: شهرا او 6 اشهر ام سنتين... الله اعلم. وعندما ينتهي مجلس النواب من هذا القانون، ويعود الينا فسنقوم باجراء الانتخابات".

وردا على سؤال، قال: "سنسعى جاهدين بأن نقوم بالفعل بكل ما هو مطلوب لكي نصل الى تحقيق كافة المطالب التي يطالب بها جميع اللبنانيين، على الاصعدة المالية والاقتصادية والاجتماعية. ويمكنني ان اعدكم بأن الحكومة ستنكب على العمل منذ اليوم الاول".

من جهة أخرى، لفت دياب إلى انه "نحن جزء من هذا المحيط العربي. اما في ما يتعلق بالصراعات في المنطقة العربية فنحن بمنأى عنها. وكوننا جزءا من المنطقة العربية فإننا سنسعى للتعاون مع الجميع، واول جولة ستكون لي بعد نيل الثقة ستكون انشاءلله الى المنطقة العربية وبالأخص في الخليج العربي. وبخصوص الاصلاحات، فستكون هناك لجنة سيتم تعيينها لهذا الموضوع، وسندرس ما يفيد من الاصلاحات السابقة ونعتمده، واذا كان هناك من اصلاحات جديدة فسنعلنها."

وعما اذا كان سيعود الى حضن دار الفتوى، اكد انه لم يترك حضن دار الفتوى في يوم من الايام ، وبالتالي ستكون له زيارة قريبة اليها للاجتماع بمفتي الجمهورية.

وسئل عن كيفية مواجهته لفقدان الثقة الدولية بحكومة يمكن ان تعتبر من اللون الواحد، فأوضح انه لم يذكر ان كل القوى السياسية سمت وزراءً، انما قدم مثلاً انه في حال سمت قوى سياسية عددا من الاشخاص، وكان من بينهم من يتقاطع مع الاطار الذي رسمه، فلا مشكلة في اختياره. اما بالنسبة الى القوى الدولية والعربية، فكان واضحاً انه بعد تشكيل حكومة اختصاصيين، ستكون المساعدات حاضرة.

وعما اذا كان يعتبر ان حكومته هي حكومة اللون الواحد، قال:" هي حكومة اللون الواحد، هي حكومة لبنان".

ورداً على سؤال عن سبب تحديد نقابة الصيارفة لسعر صرف الدولار بألفي ليرة، اوضح انه "من الطبيعي ان يتحسن سعر صرف الليرة عند تشكيل اي حكومة، بسبب الثقة المستعادة من قبل الشارع اللبناني، واضاف: "اما بالنسبة الى معالجة القطاع الصيرفي فهذا من ضمن الامور التي سنبحثها بشكل تفصيلي مع كل المعنيين".