على الرغم من انّ عملية تشكيل حكومة الدكتور ​حسان دياب​، قد أعطت صورة سلبية بالنسبة للناس، لناحية ​المحاصصة​ التي شابت عملية تشكيلها، في ظرف استثنائي يواجه فيه ​لبنان​ انهياراً اقتصادياً ووضعاً مالياً دقيقاً يحتاج إلى وضع المصالح الخاصة جانباً، وإبداء الاستعداد والجدية في عدم إضاعة الوقت في تجاذب حول توزيع الحقائب والحصص.. على الرغم من ذلك، فإنّ ​الحكومة الجديدة​ أمام فرصة حقيقية للنجاح في إحداث تغيير في مسار ​الأزمة​ يحقق انفراجاً اقتصادياً ومالياً ويعيد الثقة للناس بأنّ انتفاضتهم أتت بنتائج إيجابية لمصلحتهم وأنّ الحكومة الجديدة تستأهل ان نعطيها الفرصة لأجل تحقيق مطالب اللبنانيين المحقة.. وبالمقابل على قوى ومجموعات الحراك السلمي مسؤولية في هذه اللحظة الحساسة التي يمرّ فيها لبنان، لناحية كيفية التعامل مع الحكومة الجديدة من ناحية، وتحديد الموقف من أعمال ​العنف​ والتخريب و​قطع الطرقات​ من ناحية ثانية:

اولا: انّ الحكومة الجديدة ليس مطلوباً منها تحقيق المعجزات، وإنما تستطيع الاستقواء بالناس وبدعم الاغلبية النيابية لإحداث فرق حقيقي يجعلها حكومة قادرة على العمل والإنجاز، لا سيما انها بعيدة عن التجاذبات السياسية التي كانت تسود حكومات الوفاق الوطني غير المنتجة.. فإذا ما تبنّت الحكومة برنامجاً مستوحى مما طرحته ​الانتفاضة​ الشعبية العفوية في أيامها الأولى، وبدأت بتنفيذ بعض المطالب الحيوية والمهمة، الاقتصادية والاجتماعية والإصلاحية، لا سيما لناحية ​محاربة الفساد​ والفاسدين، عبر إحالة المشتبه بهم إلى ​القضاء​، بعد إقرار قانون استقلالية القضاء، واسترداد أموال ​الدولة​ وحقوقها المنهوبة واستعادة مواردها، والبدء بحلّ أزمات ​الكهرباء​ و​النفايات​، وإيجاد حلول عملية لتصدير الإنتاج إلى ​الدول العربية​ عبر تأمين التسهيلات لذلك، من خلال الاتصال مع ​الحكومة السورية​.. في حال نجحت الحكومة في ذلك فإنه يمكن عندها تبديد الصورة السلبية التي رافقت ولادتها، وخلق مناخ إيجابي لدى عامة اللبنانيين، الذين يريدون أفعالاً تترجم مطالبهم، وليس وعوداً وأقوالاً تبقى من دون تنفيذ..

ثانياً: عندما يبدأ ​اللبنانيون​ تلمّس استجابة الحكومة لمطالبهم، عندها فقط تستطيع حكومة الرئيس حسان دياب ان تحتوي غضب الناس، وعزل المجموعات التي تمارس العنف وتريد منع الحكومة من العمل وإسقاطها في الشارع، لصالح الإتيان بحكومة مستقلين اختصاصيين يختارونها هم.. وهذا طبعاً طرح غير واقعي لأنه ليس هناك اختصاصي مستقلّ لا يملك موقفاً ورأياً سياسياً، في حين انّ هذه المجموعات ومن يقف وراءها من جهات سياسية محلية وخارجية لا تملك موازين قوى تمكنها من فرض مثل هذا المطلب الذي تدعو اليه للسيطرة على ​السلطة​..

ثالثاً: في هذا السياق فإنّ الحراك السلمي الذي يرفض ما تقوم به هذه المجموعات التي تمارس العنف والتخريب وقطع الطرقات، وتريد دفع البلاد الى الفوضى، مطالب بإعلان رفضه لهذا العنف العبثي، وتعرية المجموعات التي تقدم عليه، وعزلها لأنها تسيء إلى مطالب الناس المحقة، وفي نفس الوقت على مجموعات الحراك السلمي، الحرص على مواصلة تحركاتها السلمية، مع إعطاء الحكومة الفرصة لتنفيذ ما تعهّدت به لناحية تلبية مطالب الناس، وأن يكون التحرك السلمي للضغط على الحكومة، في حال تلكأت بتلبية المطالب.. اي ان يكون التحرك إيجابياً وليس سلبياً وعدمياً، او يرفع شعارات سياسية ليس لها قابلية التحقيق في ظلّ موازين القوى الحالية، التي تفرض طرح مطالب وشعارات قابلة للتنفيذ من خلال التحرك السلمي الضاغط على الحكومة…