وأخيراً.. حكومة د. ​حسان دياب​....

وأبرز ما أبهرتنا صور السيدات، يتقدَّمن إلى قاعة المجلس بـ"الغندرة". ويصحّ بهنّ عنوان رواية أحلام مستغانمي "الأَسْوَد يليق بكِ". فمبروك هذا الإنجاز الذي حقَّقه رجال ​السلطة​ بإدخال النساء إلى السلطة…

ولكن، في بالنا أن نطرح بعض الأسئلة كدفعة أولى، وعلى الحساب، كما يقال في عالم ​المال​ والأعمال.

***

المهمّ الآن أن ننتقل من "النظري" إلى "العملي". فالشعب الثائر يريد في النهاية أن يأكل ​العنب​. وفي البداية، هو يسأل: يا دولة الرئيس دياب، صاحب شعار حكومة الاختصاصيين، هل وَضعتَ كل وزير فعلاً في المكان المناسب لإختصاصه؟

ويمكن أن نطرح السؤال بطريقة أخرى أيضاً: هل القوى السياسية التي وفَّرت العناء على الرئيس دياب، وقامت بالتسمية Self - Service، سمحت بوضع كل صاحب اختصاص في مجال اختصاصه؟

***

بعض الوزراء جاؤوا فعلاً إلى مجال اختصاصهم. فعلى سبيل المثال لا الحصر، وزير الخارجية الدكتور ​ناصيف حتي​ معروف بتخصصه العالي في العلاقات الدولية وبخبرته في المجال الديبلوماسي، خصوصاً من خلال المواقع الرفيعة التي شغلها في ​الجامعة العربية​.

ووزير الداخلية العميد ​محمد فهمي​ آتٍ أيضاً من تجربة اختصاصه ب​الجيش اللبناني​.

وكذلك طبعاً وزير المال الدكتور ​غازي وزني​، وهو من الخبراء في الشأنين المالي والاقتصادي.

ومثلهم، وزيرة ​العدل​ ​ماري كلود نجم​، أستاذة جامعية وناشطة في المجال الحقوقي.

وكذلك، وزير ​الطاقة​ ​ريمون غجر​، وهو مهندس كهربائي، وعمل كمستشار في هذه الوزارة منذ العام 2007 نعم 2007.

ونكتفي...

ولكن… لم نفهم لماذا أعطيت ​وزارة الدفاع​ للسيدة ​زينة عكر​ عدرا… فيما كانت تناسبها مثلاً ​وزارة السياحة​، وهي صاحبة مشروع سياحي كبير في ​البترون​؟

ولماذا أعطيت السيدة ​غادة شريم​ ​وزارة المهجرين​ وهي أكثر خبرة على الأرجح في الإعلام، لكونها عملت في ​الصحافة​؟

ويمكن طرح الأسئلة أيضاً عن آخرين، ولكن دعونا ندخل من العناوين إلى صلب الموضوع.

***

هؤلاء الوزراء جميعاً، من متخصصين وغير متخصصين، هل سيتاح لهم أن يحققوا الإنقاذ المرفوع كعنوان؟

وماذا يهمّ ​الشعب اللبناني​ المليوني الصابر والحكيم والشجاع من كل هذه الأسماء وأطنان الشهادات والخبرات، إذا لم تجد طريقها إلى الإنقاذ؟

***

عادةً، هناك أهمية لما يسمّى "الصدمة الأولى". فهي التي تؤشِّر إلى النجاح أو الفشل. فأي صدمة أولى تلقاها ​اللبنانيون​ من الوزراء الجدد فور إعلان أسمائهم في التشكيلة؟

الغالبية من وزرائنا هرعوا إلى الشاشات ليشكروا أولاً أرباب السلطة الذين جاؤوا بهم. فهل من دليل أكبر إلى أن هذه ​الحكومة​ هي حكومة محاصصة؟

وطبعاً، كل الطاقم الذي اختار الوزراء ينتمي إلى خط سياسي واحد. فهل من شكّ في أن هذه الحكومة هي حكومة اللون الواحد والقرار الواحد؟

وغداً، عندما يبدأ كل وزير بالعمل، هل سيتخذ القرارات بوحي من شهاداته وخبراته المهنية أم بوحي من الزعيم الذي جاء به إلى الحكومة وأعطاه لقب "صاحب المعالي"؟

يا جماعة، يقال بالفرنسية Qui donne ordonne، أي إن مَن يعطي هو الذي يأمر. و"فهمكن كفاية".

***

بصراحة أكبر، نحن الشعب نسأل مثلاً:

هل سيشرح وزير الطاقة كيف طارت "فيول" الكهرباء على مدى سنوات وسنوات من الهدر حتى دفع اللبنانيون 40 مليار ​دولار​… من دون أن يحصلوا على كهرباء؟

وهل الرقم 4 في مسلسل وزراء "التيار" للطاقة، بعد باسيل وأبو خليل والبستاني، سيعيد التيار فعلاً أم لا طاقة له على ذلك؟

***

وكذلك، هل سيكتفي وزير المال بترتيبات موضعية لدولار الـ2000 أم سينتقل إلى الكشف عملانياً عن خبايا الهدر والدين التي لطالما شرحها للإعلام من موقعه كخبير مالي، فيصبح ممكناً وقف الهدر واسترداد ​الأموال المنهوبة​؟

وكذلك، هل ستسهل وزيرة العدل إصدار التشريعات اللازمة لتحقيق هذه الغاية؟

والسؤال الأهم هو: هل سننتقل من حكومة "كل مين إيدو إلو" إلى حكومة "كل مين إختصاصو إلو"؟

***

نخشى أن وزراءنا ووزيراتنا المبتسمين اليوم للكاميرا سيقابلونها لاحقاً بالعبوس، إذا "راحت السكرة وجاءت الفكرة" ولم تكن هناك حلول…

فالمستوى العالي من الجوع والقرف لن يستطيع أحد أن يتصوَّره.

وصحيح أن من المبكر الحكم على الحكومة ووزرائها، لكن الصحيح أيضاً هو أن الشعب الثائر لن ينتظر طويلاً.

وأساساً، البلد لا يتحمل انتظاراً طويلاً.

البلد واقف عند النقطة القاتلة: "دفشةٌ" صغيرة في هذا الاتجاه قد تسبب بانتحاره…

ولذلك، هذا الشعب الثائر الحضاري الذي لم يعد لديه شيء يخسره، واقفٌ بالمرصاد، ويستعد لقول كلمته. وانتفاضته التي انطلقت قبل 100 يوم لن تتحمَّل منذ أول يوم دون موقف واضح وصريح من وزير الطاقة يحدث صدمة شعبية حيث يتكلم فيه عن كيفية صرف مبلغ وكيفية استرداده وكذلك في ​وزارة الداخلية والبلديات​ والأشغال و​مجلس الانماء والاعمار​ و​كازينو لبنان​ ووزارة المهجرين والعقود بالتراضي بكل مرافق ​الدولة​ وخاصة البلديات.

تذكَّروا جيداً أن ​الانتفاضة​ الشعبية الحضارية مستمرة ولن تتراجع إلا بالثقة وبحكومة تجرؤ على محاسبة كل الحكومات السابقة.

وإلا فلا تضيِّعوا الوقت.