أكد ​السيد علي فضل الله​ أن "​لبنان​، الَّذي ولدت فيه ​الحكومة​ بعد أن ذلّلت كلّ العقبات التي أخّرت هذه ​الولادة​، والتي مع الأسف لم تنطلق من خلاف حول البرنامج المفترض أن تنتهجه للخروج من المعاناة التي يعيشها إنسان هذا البلد، أو حول قدرة الشخصيات المطروحة من قبل القوى السياسيّة للقيام بمهمّاتهم، أو حول أخذ مهلة تكفي للوصول إلى توافق كلّ القوى السياسية ومن نزلوا إلى الشّارع على هذه الحكومة، بل كان السَّبب الواضح لذلك".

ولفت فضل الله الى أن "ما طفا على السّطح من التجاذب الحاد على المواقع والنّفوذ، حيث سعى كلّ فريق ليثبت موقعه ونفوذه، وليحصل على أكبر حصّة ممكنة له"، مشيراً الى أن "هذا التجاذب إن لم يعالج بالشّكل المطلوب، فسيترك تأثيراته في انسجام هذه الحكومة وتعاونها فيما بينها وقدرتها على تأدية الدّور الذي ينتظر منها، وهو دور لن يكون عادياً في ظلِّ الظروف التي حصل فيها هذا التشكيل، فهو لم يكن بتوافق كل القوى السياسية الفاعلة، حيث العديد من هذه القوى خارجها، فيما يريد ​اللبنانيون​ منها أن تخرجهم من أزماتهم الاقتصادية والمعيشية وارتفاع أسعار السلع وعدم توفر الخدمات الضرورية لهم وأزمة ​المصارف​ و​المحروقات​".

وأكد أن "يضاف إلى ذلك ما هو مطلوب من الخارج الَّذي يطرح شروطه حتى يساهم في إعانة هذا البلد على الخروج من أزماته، والتي قد لا تقف عند الإصلاحات، بل قد تكون أبعد من ذلك"، لافتاً الى أنه "يبقى الهمّ الأكبر هو أن تُلبّي الحكومة طموحات الشّارع المنتفض منذ ثلاثة أشهر، وهو المتعدّد في آرائه ومطالبه. ونحن رغم كلّ الأجواء السّلبيّة الّتي أحاطت بتأليف هذه الحكومة، والتي ما كنا نريد لها أن تحصل من هذا الفريق الَّذي يجمعه التحالف على القضايا الأساسية والمصيريّة لهذا البلد، نرى إيجابية في ولادتها، في مقابل الفراغ، ولضرورة وجود مرجعية في هذا البلد يتعامل معها الداخل والخارج، ولأنها حققت بعضاً مما كان يطالب به الشارع، ومما كانت تطالب به القوى السياسية التي شاركت في التأليف، عندما شملت اختصاصيين، ومثّلت ​المرأة​ بحصَّة وازنة لم نشهدها في الحكومات السابقة، وللحرص الذي يبديه رئيس الحكومة في التزامه بتنفيذ الوعود بتلبية مطالب الشارع وتحقيق الإصلاح".

وأكد أنه "ينبغي أن نقول للحكومة، كما قلنا سابقاً، إنَّها قادرة على أن تتجاوز كلّ عقبات التأليف، رغم الرفض الذي يبديه هذا الفريق أو التحفّظ الذي يبديه ذاك، ورغم إشاعة أجواء محبطة باستحالة الإنقاذ، إن هي عملت كفريق واحد منسجم، وسعت بكلّ جدية وشفافية لتقديم أطروحة واقعية لإصلاح ما فسد على المستوى السياسي والاقتصادي والمعيشي، ومعالجة المشاكل الحيوية التي يعاني منها المواطنون، وإن ابتعدت كلّ البعد عن الكيدية وعن الحسابات الطائفية والمذهبية وتقاسم الحصص، وأن يكون عملها للبعيد، كما للقريب وللموالين، كما للمعارضين".

وشدد على ان "اللبنانيون تواقون إلى مثل هذه الحكومة، وهم سيصبرون معها حتى تحقّق ما تريد، فهم واعون بأن ما يعاني منه البلد لا يعالج بكبسة زر، بل هو يحتاج إلى زمن، وقد يكون طويلاً، والمهم فيه هو البدء".

ودعا الناس الذين يتواجدون في الساحات أو خارجها إلى أن "لا ينسحبوا من مسؤولياتهم، وأن يواصلوا حضورهم وضغطهم الإيجابيّ بعد أن أثبتوا أنهم بحضورهم يستطيعون أن يصنعوا أو يغيروا الكثير، لكن مع التحذير من أن يكونوا وقود لعبة ​العنف​ التي يريد البعض أن يجرهم إليها أو وقوداً لسياسات داخلية أو خارجية وقفوا في مواجهتها".