اشار البطريرك الماروني ​بشارة الراعي​ الى ان "الخطيئة الاجتماعيَّة هي نتيجة عدَّة خطايا شخصيَّة متراكمة ومترابطة، أكانت هذه الخطايا ضدَّ الله ووصاياه ورسومه، أم ضدَّ ​الإنسان​ والجماعة؛ أكانت أخلاقيَّةً أم سياسيَّةً أم ماليَّةً أم إقتصاديَّةً، بحيث ينتج عنها سرقة أو ​اختلاس​ أو هدر للمال العام، أو ظلم أو تسييس للعدالة وللإدارة. واعتبر إنَّ الحالة المتردِّية سياسيًّا واقتصاديًّا وماليًّا ومعيشيًّا عندنا، وحالة النِّزاعات والانقسامات، واستغلال السُّلطة للإثراء غير المشروع والنُّفوذ والظُّلم، على حساب الشَّعب والإنماء الشَّامل وقيام دولة العدالة والقانون، إنَّما هي ثمرة تراكم الخطايا الشَّخصيَّة التي أصبحت خطيئةً اجتماعيَّةً. كان من المنتظَر فعل توبةٍ شخصيَّةٍ من جميع المسؤولين والسِّياسيِّين. فكانت بالمقابل انتفاضة الشَّباب والصَّبايا السِّلميَّة والحضاريَّة على مدى مئة يوم الى اليوم، قبل أن تُشوِّهها ثورة العصي والحجارة والخناجر وتكسير واجهات المؤسَّسات والمتاجر العامَّة والخاصَّة وسرقة محتوياتها.

ولفت الراعي في عظة الاحد في ​بكركي​، الى انه "كان لا بدَّ من قيام حكومةٍ تتولَّى مجازفة النُّهوض الاقتصاديّ و​المال​يّ والمعيشيّ والإنمائيّ من الحالة العسيرة للغاية. لكنَّ المسؤوليَّة تقع على جميع الذين هم في السُّلطة أو يتعاطون الشَّأن العام والسِّياسيّ. ف​لبنان​ متصدِّعٌ في مرتكزاته الأساسيَّة: في استقلاله وسيادته ووحدته الوطنيَّة، وفي دستوره وهويَّته وصيغته وتعدُّديَّته، وقضائه الحرّ والمستقلّ، وفي ديموقراطيَّته ونظامه اللِّيبراليّ الاقتصاديّ والماليّ، وفي دوره ورسالته في محيطه العربيّ. فمن الواجب تضافر القوى من الجميع بهدف ​البناء​ والنُّهوض؛ ومن الواجب أيضًا إقرار موازنة 2020، غدًا وبعد غد، من أجل انتظام الماليَّة العامَّة تحت سقف القانون والدُّستور، وبالاتِّجاه الانقاذيّ الصَّحيح، مع تجنُّب ما يرهق المواطنين من ضرائب.

ورأى إنَّ ​الحكومة​ الجديدة أمام إمتحانٍ عسيرٍ لكونها تواجه المخاطرة الصَّعبة بإسم الشَّعب والشَّباب الفاقدي الثِّقة بعد خيبات أملٍ متتالية من السِّياسيِّين والمسؤولين. ومع ذلك يجب مساندة الحكومة، ومساءلتها ومحاسبتها على نتائج أعمالها، إذا كانت تلبِّي حاجاتهم الحياتيَّة. هذا لا يعني انتهاء ​الانتفاضة​ – الثَّورة، كما يظنون، بل اتِّخاذ موقف المراقبة والمطالبة. فالمهمّ هو النُّهوض بالبلاد لكي ينهض الجميع. والمطلوب من الحكومة إستعادة الثِّقة المفقودة، وإعلان تضامنها مع الشَّعب اللُّبنانيّ وشبابنا في حاجاتهم. إنَّنا نحيِّي انتفاضة الشَّباب والصَّبايا السِّلميَّة والحضاريَّة في جميع المناطق اللُّبنانيَّة، ونعرب عن تضامننا معهم، ونُقدِّر تضحياتهم وجهودهم لأنَّهم يريدون طيَّ صفحةٍ سوداء من حياتنا الوطنيَّة وكتابة تاريخٍ جديدٍ بحبر ولائهم للبنان وأرضه وكيانه ومؤسَّساته الدُّستوريَّة وثقافته ورسالته. فالشَّباب هم ثروة الوطن وحاضره ومستقبله. فلا بدَّ من أن يخرج من صفوفهم قادةٌ جدد على قدر حاجات الوطن.