بعد جلسات الموازنة في ​المجلس النيابي​، ستُعقد جلسات الثقة، التي يُتوقع أن تنالها ال​حكومة​ برئاسة ​حسان دياب​ بعد تقديم بيانها الوزاري حيث بدأت لجنة وزارية مختصة العمل عليه، رغم أن عدد أصوات مانحي الثقة لن يتجاوز السبعين، ولن يقلّ عن 64.

وكأن التاريخ في لبنان يُعيد نفسه، ففي شهر شباط من العام الماضي تقدّمت حكومة سعد الحريري "الى العمل" ببيانها الوزاري لتنال الثقة على أساسه، ونالتها فعلا حيث حصلت على ثقة مجلس النواب بـ111 صوتاً من أصل 128 نائباً، وذلك بعد غياب 11 نائبا عن الجلسة، وحجب الثقة من قبل 6 نواب هم: أسامة سعد، بولا يعقوبيان، جميل السيد، الياس حنكش، سامي جميل، ونديم جميل.

هذا العام وعلى مشارف شهر شباط تحاول حكومة حسان دياب إعداد بيان وزاري جديد، على أن يكون بحسب مصادر سياسية مطلعة، مختلفا عما قدّمه الحريري العام الماضي، مختصرا، وفيه كمية قليلة من الوعود، لأنّ أهم ما سئم منه اللبنانيون هو كثرة الوعود، وقلّة التنفيذ، اذ يكفي أن نتوقف اليوم لنستذكر المقطع الاول الذي ورد في ​البيان الوزاري​ للحكومة السابقة: "هذه الحكومة نريدُها حكومةَ أفعال لا حكومة أقوال، نريدُها حكومةً للقرارات الجريئة والإصلاحات التي لا مجال للتهرب منها بعد اليوم، حكومةً تتصدى لأسباب الخلل الاداري و​الفساد​ المالي والتهرب الضريبي، حكومةً تخاطب معاناة اللبنانيين وتطلعات الشباب والشابات للمستقبل وتضع في أولوياتها الاستقرار السياسي والأمني والأمان الإجتماعي لكل المواطنين، وترسم سياسة اقتصادية ومالية تواكب التحديات"، ونتيقّن أن كل كلمة وردت هنا كانت "سراب"، فلم يتحقق منها حرفا واحدا.

"هذا الفشل في القدرة على الربط بين ما يرد في البيان الوزاري وبين قدرة الحكومة على التنفيذ، هو أهم ما يشدّد على تجاوزه دياب"، تقول المصادر، مشيرة عبر "النشرة" الى أن رئيس الحكومة لن يدخل في دهاليز السياسة بكل ما له علاقة بالنقاط الاستراتيجية السياسية ضمن البيان الوزاري، بل سينسخ ما ورد بالبيان السابق، ولكنه لن ينسخ كلمة واحدة على علاقة بالاقتصاد. وتضيف: "ما يريده رئيس الحكومة هو خطة اقتصادية واضحة، تبدأ بعملية نقل اقتصاد لبنان من مكان الى آخر، من الاقتصاد الريعي الى الاقتصاد المنتج، الى جانب التركيز على هدفين أساسيين من اهداف تحرك الناس في الشارع، هما محاربة الهدر والفساد، والدفع باتجاه استقلالية ​القضاء​".

تكشف المصادر السياسية ان رئيس الحكومة لا يتوقع من أحد تصديق البيان الوزاري، أو إعتباره انتصارا للحكومة، إنما هو يعتبر أن هذا البيان هو فقط لنيل ثقة النواب في المجلس النيابي، أما ثقة الشارع والناس، فستُترك للأعمال، وثقة ​المجتمع الدولي​ ستُترك أيضا للخطط والمشاريع والاعمال والإصلاحات.

لم تقرّر القوى السياسية المعارضة لحكومة حسان دياب، موقفها، من جلسات الثقة، بالنسبة للحضور، اذ رغم تصريحات الجميع بأنهم سيحضرون الجلسة، الا أنّ المصادر السياسية تشير الى وجود نوايا لدى البعض بعدم الحضور، أما بالنسبة للمقترعين على الثقة، ولحاجبيها، فرغم كل التصريحات السياسية التي تتحدث عن انتظار للبيان الوزاري للبناء على الشيء مقتضاه، فإن التقسيم داخل المجلس النيابي، بحسب المصادر واضحا، ولعل الفريق الوحيد الذي يمكن أن يشكّل تصويته مفاجأة هو الحزب التقدمي الاشتراكي.

اذا هي مسألة ثقة، لا بيانات وزاريّة، ولا أقوال، وحدها الأفعال يُمكن أن تؤثر على الرأي العام المحلي والخارجي.