أجمعت الفصائل والقوى والهيئات وأبناء الشعب ال​فلسطين​ي في ​لبنان​ على الرفض التام لمُؤامرة "​صفقة القرن​"، التي أعلن عنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، للتغطية على مُحاكمته وعزله بتهمتَي استغلال السلطة وعرقلة أعمال "الكونغرس"، وفي إطار كسب الأصوات في معركته الرئاسية المُقبلة، ومُحاولة إنقاذ شريكه، رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، من ملفات الفساد بالرشاوى وخيانة الأمانة والاحتيال، ودعمه في معركة الانتخابات العامة لـ"الكنيست".

اليقين الفلسطيني بأنّ الصفقة وُلِدَتْ ميتة، هو ما عبّر عنه الرئيس الفلسطيني محمود عباس، قبل أنْ يُعلِنَ عنها الرئيس الأميركي، لأنّه يُدرك أنّ أحد العناوين الرئيسية للحل النهائي، هي قضية القدس، التي تعامل معها ترامب بأنّها خارج أي نقاش، بإبقائها عاصمة مُوحّدة للكيان الإسرائيلي، وأيضاً شطب قضية اللاجئين.

موقف رسمي من القيادة الفلسطينية، أعلنت جميع الفصائل والقوى الفلسطينية عن دعمها له، واعتماده مُنطلقاً لوضع استراتيجية في خارطة طريق فلسطينية شاملة للتحرّك على المُستويات كافة، وهو ما شكّل رسالة بموقف فلسطيني مُوحّد للإدارة الأميركية والكيان الإسرائيلي.

"اللـواء" وقفت على آراء عدد من مسؤولي ومُمثّلي الفصائل الفلسطينية في لبنان بشأن سُبُل التصدّي لـ"صفقة القرن"...

علي خليفة (فتح): بالصمود والوحدة والنضال الدائم مهما غلت التضحيات

* مسؤول إعلام حركة "فتح" في إقليم لبنان علي خليفة شدّد على إنّنا "في حركة "فتح" نُؤكد على موقف السيد الرئيس محمود عباس جملة وتفصيلاً، ونقف خلفه وننفِّذ ما يراه مُناسباً لشعبنا وقضيتنا، ونرى أنّ التواصل ما بين الرئيس وقيادة حركة "حماس" بادرة طيّبة لا بد من تكريس أجوائها الطيّبة، لما فيه خير ومصلحة شعبنا، ولما فيه من نِعمِ الوحدة وقوّة موقفنا الوطني ومناعته أمام التحديات الكثير، التي سوف تنتج عن الموقف الأميركي العنصري، لذلك يجب أنْ يُبنى على هذا التواصل، لأنّ المرحلة المُقبلة تتطلّب مسؤولية عالية من الجميع. فلسطين تحتاج إلينا، وعلينا ألا نخذلها تحت أي ذريعةٍ أو تبرير".

وأكد أنّ "موقف قيادتنا، الذي انطلق قبل توقيع ترامب على "مشروعه الانتخابي، ومشروع مُحاولة النجاة من المحاكمة"- أي ما أسماه "صفقة القرن"، الموقف الثابت، هو نتاج معرفة دقيقة بالعقل التجاري - التسويقي لترامب، وهو نتاج معرفة دقيقة بآلية حركة العقل السياسي المُحيط به، فهذه "الصفقة" هي خلاصة مطالب مجالس المُستوطنين الصهاينة، ورؤية نتنياهو لخارطة دولة الاحتلال، من هنا نرى وببساطة: كأنّ التاريخ يستعيد "بلفور" من جديد، بشكل أكثر وقاحة وسُفوراً. كيف لمَنْ لا يملك أنْ يُعطي حقّاً آخر ليس من حقّه؟ إنّه مُنتهى العدوان على الحقوق والإنسان معاً".

وأشار إلى أنّ "الصحيح أنّ القضية الفلسطينية تعني إضافة إلى بُعدها الوطني، الأبعاد العربية والإسلامية وأحرار العالم، لكنها أيضاً بُعد حقوقي يتَّصل بقانون العدالة، وبُعد إنساني يتّصل بالحريّة وتقرير المصير، لكنّها أيضاً وأيضاً: مركز الصراع ونقطته الثابتة، حيث الصراع صراع وجود لا صراع حدود. فمَنْ يدّعي الانحياز إلى القضية عليه أنْ يكون معها دون شرط، لأنّ صاحبَها هو الأدرى بتقنية حركتها، وكيفية إدارة الصراع فيها مع المحتل ومكوِّناته الإمبريالية والأميركية تحديداً. لن نكون إلا عرباً، ولن نكون إلا مع فلسطيننا، مع قرارنا المُستقل النابع أولاً وأخيراً من المصلحة الوطنية الفلسطينية".

واعتبر أنّه "هي أيضاً بُعد أخلاقي يُعبّر عن التماهي بين الضمير والسياقات الحقوقية في العالم، دون استنساب أو انتقاء، فالعدالة كلٌّ مُتكامل لا تفرّق بين شعوب ومكانٍ وزمان... وهنا يقع مأزق العالم، الذي يدوِّرُ زوايا المنطق والحق والعدالة: لا يجرؤ الكثير من قادة الدول على المُجاهرة بدعم القضية وإشهارَ انحيازه إليها".

وختم خليفة: "نحن أمام عصابة عالمية، لا يُمكن مُواجهتها إلا بالصمود والوحدة والنضال الدائم، مهما غلت التضحيات، لا يُمكن أنْ ننسى الدولة العميقة، الموجودة في أميركا وبعض أوروبا - بريطانيا مثلاً، التي تعمل على شرعنة الاحتلال الصهيوني لأرضنا، وتنكر على شعوب منطقتنا كلها الحق في الحياة والتنعّم بخيراتها. في شريعتهم: وحدتُنا خط أحمر، وحدتنا الفلسطينية والعربية".

علي فيصل (الديمقراطية): لانتفاضة شاملة وإجراءات للتطبيق الفوري والمُباشر

* مسؤول "الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين" في لبنان علي فيصل رأى أنّ "الإعلان عن صفقة ترامب - نتنياهو يُشكّل نهاية مسار سياسي كان مُختلاً منذ البداية، وإنْ سعى البعض إلى بث الروح فيه أكثر من مرّة، وهو الربع الأخير من الفصل الأميركي ـ الإسرائيلي، الذي يجب أنْ نجعل من نهايته فصلاً فلسطينياً يُعيد الاعتبار إلى مشروعنا الوطني، باعتباره مشروعاً وطنياً تحرّرياً لشعب تحت الاحتلال"، مشيراً إلى أنّ "العقلية العنصرية والاستعمارية لمُتطرّفي الإدارة الأميركية و"إسرائيل" هي التي تقدّمت، في تجاهل تام ليس فقط لإرادة الشعب الفلسطيني وحقه بالحرية والاستقلال، بل وأيضاً تجاهلاً لإرادة المُجتمع الدولي والأُمم المُتّحدة الذين لم يجدوا في "صفقة القرن" إلا مشروعاً أميركياً وإسرائيلياً خارجاً عن سياق العلاقات الدولية المُتعارف عليها".

واعتبر فيصل أنّ "صفقة القرن، بما أُعلِنّ عنها حتى الآن، سواء ما يتعلّق منها بقضية القدس أو بحق العودة، هي جريمة سياسية، بل إبادة ومحرقة بحق الحقوق الفلسطينية مصيرها الفشل، وهي تُرتكب على مرأى العالم الحر، المُطالب بما هو أكثر من الإدانة اللفظية، بعدما أصبحت قضية فلسطين هي الحد الفاصل ما بين الحرية والعبودية، لكن فلسطين بصمودها ودفاعها عن حقها بأرضها، تاريخاً وحاضراً ومُستقبلاً، إنّما تُدافع عن كل قيم الإنسانية التي تتعرّض للانتهاك على يد مُتطرّفي البيت الأبيض وإسرائيل".

وشدّد فيصل على أنّ "الرد على صفقة ترامب – نتنياهو، ومُواجهتها لم يعد بحاجة إلى المزيد من القرارات المُعلّقة، بل يحتاج إلى إجراءات للتطبيق الفوري والمُباشر على أرضية ما تمَّ الإجماع عليه وطنياً في المجلس الوطني، الذي قضى بإنهاء العمل بالمرحلة الانتقالية، وإلغاء العمل باتفاق أوسلو، والتحرّر من التزامات بروتوكول باريس، بما في ذلك (كحدٍّ أدنى) سحب الاعتراف بـ"إسرائيل"، وقف التنسيق الأمني، مُقاطعة البضائع الإسرائيلية، استرداد سجل السكّان والأراضي من الإدارة المدنية للاحتلال، واستنهاض عناصر القوّة نحو مُقاومة شعبية بكل الوسائل والأساليب، نحو انتفاضة شاملة، على طريق العصيان الوطني إلى أنْ يرحل الاحتلال والاستيطان عن أرضنا".

مروان عبد العال (الشعبية): عبر إدارة صراع يتجسّد في المُقاومة الشاملة

* مسؤول "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" في لبنان مروان عبد العال اعتبر أنّه "رغم دلالات الطريقة الكرنفالية في إعلان الصفقة، التي تعكس حقيقة السياسية الأميركية وهي تصفية القضية الفلسطينية، لكن الترجمة العملية والتنفيذية للصفقة، لا تحتاج فقط إلى ردّة فعل، إنما استراتيجية فعل نضالي جديد، وحسناً فعلت القيادة الفلسطينية حين أكدت أنّ الإجماع على الرفض والإدانة لا يكفي ولا الإلتهاء بتشكيل لجانٍ ودوائر لبحث كيفية الرد، إنّما الجديّة تكون بالاستجابة لتوفير شروط ومُقوّمات الرفض، وأهم شق توفير مجرى استراتيجي جديد، وضرورة الانتقال من عالم الوهم إلى عالم الحقيقة، من التناقض الثانوي إلى الرئيسي ومن المصالح الجزئية إلى الاستراتيجية".

وشدّد على أنّ "شرط إسقاط "صفقة القرن" هو الوحدة الوطنية الفلسطينية، و"مُنظّمة التحرير الفلسطينية" كقائدة للنضال الفلسطيني في كل مُستواياته، وفي جميع الأمكنة، وعبر استراتيجية مُوحّدة تُؤسّس للصمود الوطني والتحرّري، وفك قيود الاتفاقات السابقة وتداعيلتها ومُلحقاتها الأمنية والاقتصادية".

ورأى عبد العال أنّه "فرصة ثمينة لاستعادة القضية الفلسطينية إلى مُقدّمة القضايا، فهي أساس الصراع وجوهره، طالما أنّ الصفقة لا تُشكّل فقط خطراً على الحق الفلسطيني، إنّما على الإقليم برمّته، فالخطوات التالية تستهدف الحل الإقليمي المزعوم، والذي هو حلف إقليمي مشؤوم، لذلك مُواجهتها عبر إدارة صراع شامل تتجسّد في المُقاومة الشاملة على مُختلف أشكالها ومُستوياتها".

إحسان عطايا (الجهاد): لموقف جريء ووضع خطّة للتعامل مع المُؤامرة وإفشالها

* مُمثّل "حركة الجهاد الإسلامي" في لبنان إحسان عطايا رأى أنّ "الرئيس الأميركي يريد أنْ يُعيد إحياء صفقته المشؤومة، في مُحاولة منه لإعطاء جرعة انتخابية لنتنياهو، ومن أجل فرض صيغة "سلام" على الطريقة الصهيونية - أي شرعنة الاحتلال - وتصفية القضية الفلسطينية بشكل كامل، ضارباً عرض الحائط بكل القرارات الدولية، وكل المعايير والأعراف الإنسانية، وهو الذي لم يُوفّر جُهداً من أجل الضغط على الفلسطينيين بمُختلف الأشكال، وليس آخرها الضغط الاقتصادي، من أجل تجويع الشعب الفلسطيني، وتركيع مُقاومته، غير أنّ شعبنا أثبت في كل المحطات، أنّه صاحب إرادة لا تنكسر أمام كل المُؤامرات".

ورأى أنّ "إعلان ترامب عن صفقته لن يُغيّر من الواقع شيئاً، ولن نسمح لهذه الصفقة بأنْ تمر، فشعبنا الفلسطيني في الداخل والشتات سيبقى مُتمسّكاً بكل حقوقه، وسيناضل من أجل تحرير فلسطين والعودة إلى دياره، ولن يقبل بالتوطين أو التهجير أو مُحاولة تذويبه في أماكن تواجده، لأنّ المُقاومة حاضرة بكل قوّتها وحاضنتها الجماهيرية الواسعة خير سند لها".

وختم عطايا: "نُطالب كل قوى المُقاومة الفلسطينية وفصائلها باتخاذ موقف تاريخي جريء، والدعوة إلى لقاء وطني جامع على أعلى المُستويات، لوضع خطّة للتعامل مع هذه المُؤامرة وإفشالها، وإحياء انتفاضة جماهيرية واسعة في الداخل الفلسطيني رفضاً للمساس بمُقدّساتنا وحقوقنا التاريخية".