اشار ​السيد علي فضل الله​ الى أنه على ​لبنان​ ان يعدّ نفسه لمواجهة تداعيات ما سيجري بعد الإعلان عن ​صفقة القرن​، بعد هذا الإجماع على مخاطرها، والإعلان عن رفض ​التوطين​، الّذي يمثل أحد أهداف هذه الصّفقة، وندعو الجميع إلى مزيدٍ من العمل لتثبيت الأرض، حتى يكون البلد قادراً على مواجهة التّحدّيات.

ودعا خلال خطبتي صلاة الجمعة من على منبر مسجد الإمامين الحسنين(ع) في ​حارة حريك​، ​الحكومة​ إلى أن تستعجل الخطى في ​البيان الوزاري​ الّذي لا بدَّ من أن يركّز على رسم خريطة طريق لمواجهة الوضعين الماليّ والاقتصاديّ، من خلال رؤية واضحة ترسو على قواعد علمية وجدية، وأن يلمس المواطنون أنَّ ثمة إنجازات تحقّقت في الفترة القريبة، من شأنها أن تزرع نوعاً من الثقة والأمل في النفوس التواقة إلى رؤية بدايات حلول ​الأزمة​. ولا شكَّ في أنَّ هذا يتطلب خريطة طريق مغايرة للعقلية المالية والاقتصادية التي أنتجت هذا الانهيار الذي نعيش في هذه الأيام تداعياته الخطيرة. كما يتطلَّب أن يحمل البيان الوزاري إشارات واضحة فيما يتعلَّق باستقلالية ​القضاء​، كعنوان أساسي يؤكّد جدية الحكومة في الإصلاح و​مكافحة الفساد​. واشار الى إنّنا أحوج ما نكون في ظلِّ التوترات التي تعصف بنا إلى استلهام هذين الأمرين، لنقوى ونشتد ونصبح أكثر قدرة على مواجهة التحديات.

ولفت الى ان ​فلسطين​ تواجه مرحلة هي الأخطر في تاريخها بعد إعلان الرئيس الأميركي ومعه رئيس وزراء العدو الصّهيونيّ، وبحضور عددٍ من سفراء ​الدول العربية​، ما سُمي بصفقة القرن. ولم يكن هذا الإعلان مفاجئاً، فقد انطلق مصطلح "صفقة القرن" منذ تولي الرئيس الأميركي مسؤوليّته، وجاء تتويجاً لخطوات أقدم عليها بإعلانه يهودية فلسطين، وأنَّ ​القدس​ عاصمة للكيان الصهيوني، وبنقل ​السفارة الأميركية​ إليها، وإقامة ​مؤتمر​ في ​البحرين​ في حزيران الماضي بحث الشق الاقتصادي لهذه الصفقة والاعتراف بالمستوطنات. وقد جاء هذا الإعلان، ومن خلال بنوده، ليظهر، وبكلّ وضوح، الهدف من هذه الصّفقة، وهو تمرير الفصل الأخير من فصول إنهاء القضيّة الفلسطينيّة، فقد جاء ليدعو ​الفلسطينيين​ إلى التنازل عن كلّ التراب الفلسطينيّ وعن القدس، وإلى إضفاء الصفة القانونيّة والشّرعيّة على كيان العدوّ مقابل تقديمات مالية من جيوب المانحين، على أن يُعطى ​الفلسطينيون​ دولةً لا يمتلكون فيها أدنى مقومات السيادة، ولا تستجيب لطموحات هذا الشعب، وهو من قدَّم الغالي والنّفيس من أجل حريّته وحقّه في العيش الكريم.

واعتبر إنّ الدّولة الَّتي تُقدّم لهم هي دولة مقطَّعة الأوصال، تشكّل مساحة ضئيلة من الأراضي الّتي احتلّت في العام 1967، بعد أن أُخذ منها غور ​الأردن​ والمستوطنات الَّتي بنيت في ​الضفة الغربية​، من دون الحديث عن احتلال القسم الأكبر من فلسطين في العام 1948، والَّذي بقي خارج دائرة أيّ تفاوض. هي دولة لا تملك حقّ الدّفاع عن نفسها، فهي دولة منزوعة ​السلاح​، على أن لا يسمح بعودة ​اللاجئين​ إليها، فعليهم أن يبقوا في البلدان الّتي احتضنتهم، وأن تكون عاصمتهم خارج القدس، فالقدس، بناءً على الإعلان، هي عاصمة موحّدة للكيان الصّهيونيّ، وله كامل السّيادة عليها.

وتوجَّه إلى الشعوب العربية والإسلامية، وإلى كلّ الشعوب المحبّة للحرية والعدالة وحقوق ​الإنسان​، للوقوف مع هذا الشعب وإسناده وتعزيز عناصر القوة لديه.