منذ تأليف ​حكومة حسان دياب​، سعت قوى الأكثرية النيابية إلى ضخ بعض الأجواء الإيجابية حول الموقفين الدولي والعربي منها، لا سيما مع إعلان رئيس ​الحكومة​ عن رغبته بالقيام بجولة عربية تبدأ من ​المملكة العربية السعودية​، مقابل عدم صدور أيّ موقف أميركي واضح، إيجابي أو سلبي، من حكومته حتى الآن.

من الناحية العملية، المواقف الخارجية الإيجابية من ​الحكومة الجديدة​ لم تصل إلى المستوى المطلوب، بينما هناك شبه إجماع عند القوى التي تدعمها بأنها لن تكون قادرة على النجاح من دون المساعدات الدولية، ما دفع بعض الأوساط في قوى الثامن من آذار إلى الدعوة لمحاسبة المدّعين الذين يقولون بأنهم سيدعمون الحكومة من دول الخارج،إذا لم يقدّموا لها الدعم المطلوب، كما فعل نائب أمين عام "​حزب الله​" ​الشيخ نعيم قاسم​ في الأيام الماضية.

إنطلاقاً من ذلك، يصبح من الضروري السؤال عن مصلحة بعض الجهات الخارجية في تقديم الدعم لحكومة دياب، التي تصنفها بأنها حكومة ​8 آذار​ أو "حزب الله"، خصوصاً إذا ما كانت هذه الجهات في الموقع المعادي لقوى الأكثريّة النيابيّة، لا سيما ​الولايات المتحدة​ الأميركيّة والسعوديّة على سبيل المثال، ما يعني أن من مصلحتها عدم نجاحها في تحقيق الأهداف التي تسعى إليها، نظراً إلى أن ذلك سيفيدها في المواجهة التي تخوضها.

في هذا السياق، تشير مصادر مطلعة، عبر "النشرة"، إلى أن المواقف الغربية والعربية منقسمة حول كيفية التعامل مع حكومة حسّان دياب، لكن في الحقيقة ليس هناك من هو مستعد لمنحها براءة ذمة مسبقة، حيث تلفت إلى وجود فريق أساسي يسعى إلى منحها فرصة، أبرز الفاعلين فيه ​فرنسا​، على أن يكون الدعم مرتبطا بقدرتها على معالجة الثغرات التي كان يتم التصويب عليها، وتذكّر بأن المبعوث الفرنسي المكلّف متابعة تنفيذ مقررات "سيدر" بياردوكان، كان، منذ ما قبل السابع عشر من تشرين الأول الماضي، يطالب المسؤولين اللبنانيين بالذهاب نحو تطبيق الإجراءات الإصلاحية.

في المقابل، هناك فريق أساسي آخر، أبرز اللاعبين فيه الولايات المتحدة أو جزء وازن في ​الإدارة الأميركية​، لا يرى أن هناك مصلحة في تقديم المساعدات للحكومة راهنًا، نظراً إلى أن فشلها سينعكس على القوى الداعمة لها، لا سيما "حزب الله"، وبالتالي يعتبر أن ليس هناك من مصلحة لواشنطن في مساعدة حكومة دياب على تجاوز ​الأزمة​ الحالية، بل على العكس من ذلك قد يكون لتفاقمها نتائج إيجابيّة بالنسبة لها، من دون أن يعني ذلك السماح بالوصول إلى مرحلة الإنهيار الشامل.

من وجهة نظر هذه المصادر، ليس المطلوب، من الفريق الثاني، الوصول إلى مرحلة الإنهيار الشامل بأي شكل من الأشكال، خصوصاً أن ذلك قد يكون له نتائج عكسيّة، كما أن الفريق الأول لن يسمح بذلك، نظراً إلى أنه قد يكون من أبرز المتضررين، لكن الضغط الذي يقود إلى تقديم تنازلات لن يكون مضراً، لا سيما أن المنطقة على أبواب مرحلة مفاوضات أو ضغوطات تقود إليها، وتشير إلى التهديدات التي توجّه إلى ​الفلسطينيين​ على خلفية الموقف من "خطّة ​السلام​"، التي طرحها الرئيس الأميركي ​دونالد ترامب​، أو ما يعرف بـ"صفقة القرن".

إنطلاقاً من ذلك، تسأل المصادر نفسها عن الأسباب التي تدفع الأكثريّة النيابية إلى الرهان على الدعم الخارجي في المرحلة المقبلة، وهو ما يظهر من خلال الخطط والمشاريع التي تتحدث عنها منذ ولادة الحكومة، في حين أن عدم التجاوب معها سيكون له نتائج عكسيّة، بالرغم من أنها سعت إلى إرسال بعض الإشارات الإيجابيّة، من خلال تسمية بعض الوزراء.

في المحصّلة، قد يكون من المنطقي أن تسعى قوى الأكثرية النّيابية إلى تأمين الدعم الخارجي لحكومة دياب، لكن في الوقت الذي تعتبر فيه أنها تتعرّض لمؤامرة من بعض هذا الخارج، لا يمكن لها أن تحصر خياراتها في هذا الميدان، لا سيما بعد أن وضعت لنفسها مجموعة واسعة من الخطوط الحمراء التي ستتكشّف تباعاً.