بقدر ما كانت مهمة جلسة إقرار موازنة العام ٢٠٢٠ بالنسبة الى رئيس الحكومة ​حسان دياب​ وحلفائه، لعدم عودة لبنان الى زمن الصرف على القاعدة الإثني عشرية، بقدر ما هي مهمة اليوم للفريق الحكومي نفسه، ​جلسة الثقة​ التي ستنعقد الأسبوع المقبل في ساحة النجمة، بعد جلسة اليوم التي ستقر فيها الحكومة ​البيان الوزاري​ بصيغته النهائية. الترجمة العملية الوحيدة التي تعكس هذه الأهمية، لا تكون بحسب المتابعين إلا من خلال الإجراءات الأمنية الإستثنائية التي سترافق هذه الجلسة، وعليها الإتكال الأول والأخير لتأمين وصول النواب ودخولهم الى قاعة الهيئة العامة لتأمين نصاب الجلسة وإقرار الثقة بأعلى نسبة أصوات ممكنة.

خلال جلسة الموازنة، تفيد المصادر الأمنية بأن الإجراءات الأمنية التي إتخذت كانت أكثر من إستثنائية لتأمين الطرقات كما المداخل المؤدية الى ​مجلس النواب​، وقد إنتشرت على هذه المداخل وحدات من فوج المغاوير في ​الجيش اللبناني​، وذلك بهدف تأمين انعقاد الجلسة وعدم تطييرها كما حصل في جلسة التاسع عشر من تشرين الثاني الماضي. وخلال جلسة الثقة، سنكرر ثانيةً الإجراءات الأكثر من إستثنائية لتأمين إنعقاد الجلسة تقول المصادر الأمنية، مضيفةً "وسيمنع منعاً باتاً إقفال الطرقات".

المصادر الأمنية تؤكد أن القيادات العسكرية والأمنية تأخذ بعين الإعتبار هذه المرة أن مجموعات الحراك التي لم تتمكن من حشد الأعداد المطلوبة لتعطيل جلسة الموازنة قد تكون قادرة هذه المرة على حشد المتظاهرين لتعطيل الجلسة، وبالتالي، سيحسب لهذا الحشد الحساب اللازم أمنياً".

وعن أهمية الثقة بالنسبة الى الحكومة، يقول زوار ​السراي الحكومي​، إن نيل الحكومة ثقة مجلس النواب مصيري بالنسبة الى لبنان قبل حسان دياب وقبل الجميع، لأنها من دون ثقة تعني تصريف الأعمال، ولبنان لا يحتمل أبداً في هذه المرحلة الخطيرة على كل المستويات، وإذا كانت إستقالة حسان دياب واردة لو لم تقر موازنة، فهي واردة أيضاً اذا لم تعقد جلسة الثقة بسبب ​قطع الطرقات​". كل الآمال يعلقها دياب على الثقة، لا سيما لناحية الدعم الدولي الذي سمع عنه الكثير الكثير من سفراء أوروبيين ودوليين وحتى عرب كالكويت وقطر، كذلك هو بأمس الحاجة الى ثقة ​المجلس النيابي​ للإنطلاق بالعمل الجدي والسريع من جهة لإحداث خرق نوعي في جدار الأزمة المالية والإقتصادية التي يعانيها لبنان، ومن جهة أخرى لتغيير الموقفين الأميركي والسعودي القائم حالياً على اللاموقف في إنتظار آداء الحكومة وإصلاحاتها.

هذه الإجراءات التي لا تستهدف المتظاهرين، قرار إتخاذها سبق أن صدر ومن أعلى المراجع والمستويات، من رئيس الجمهورية الى رئيسي المجلس والحكومة، فقيادتي الجيش والأمن الداخلي. فلمن ستكون الغلبة؟ للمتظاهرين أم للطبقة السياسية والقوى الأمنية؟ هل ستعقد الجلسة في موعدها أم أنها ستؤجل؟.

الجواب خلال أيام قليلة جداً.