رأى قطب سياسي كبير، أنّ "الأزمة الحاليّة، في شقّها المالي تحديدًا، مفتعلة في جانب كبير منها ومُدارَة بواسطة جهات داخليّة وخارجيّة تلاقت مصالحها السياسيّة والماليّة أيضًا على تأجيجها، وأنّ حاكم "​مصرف لبنان​" ​رياض سلامة​ يملك مجموعة مفاتيح لمعالجتها، ولكنه يُحجم، أو ممنوع عليه استخدام هذه المفاتيح حتّى إشعار آخر، خصوصًا أنّ مدبّري الأزمة ومديريها لم يحقّقوا بعد الأهداف السياسيّة قبل الاقتصاديّة والماليّة المرجوّة منها".

وأوضح في حديث صحافي، أنّ "لذلك، وفي غياب البديل لحكومة ​حسان دياب​ الّتي سَمّت نفسها "حكومة واجهة التحديات"، فإنّ لا خيار أمام مؤيّدي هذه الحكومة ومعارضيها على حدّ سواء سوى مساعدتها على اتخاذ ما أمكن من الاخيارات والإجراءات الّتي تلجم الأزمة على الأقل، فهي قد لا تتمكّن سريعًا من معالجتها، ولكن المطلوب بداية منها هو أن تلجمها وتعالج ما أمكن، بما يعيد الأوضاع الاقتصاديّة والماليّة إلى توازنها ولو بالحد الأدنى، في انتظار توافر المعالجات الناجعة".

وشدّد القطب السياسي على أنّه "يُخطئ من يظن أنّ البلاد ستعود إلى نمط الحكومات السابقة من حيث رؤسائها ووزرائها في حال سقوط حكومة دياب، فما كان قبل انتفاضة 17 تشرين الأول 2019 لم يعد يصح بعده على كلّ المستويات"، لافتًا إلى أنّ "الطبقة السياسيّة بأغلبيّتها الّتي حكمت البلاد منذ التوصّل إلى "​اتفاق الطائف​" إلى الآن، فَقدت صدقيّتها وتوازنها، وعبثًا تحاول استجماع صفوفها أو الدخول في اصطفافات جديدة والسعي لكسب الثقة الشعبيّة، لأنّ الشعب الّذي يعبّر عنه ​الحراك الشعبي​ في شقّه البعيد عن الجهات الداخليّة والخارجيّة الّتي تحاول ركوب موجته، باتَ لديه من الجرأة والقوّة ما يمكّنه من منع عودة البلاد إلى ما قبل 17 تشرين الأول".

وأشار إلى أنّ "أولى ضحايا مرحلة ما بعد 17 تشرين الأول هو نادي رؤساء الحكومة السابقين، حيث سقط هذا النادي لينشأ النادي الجديد الّذي بدأ بحسان دياب ليأتي بعده آخرون لاحقًا، سواء نجح أو أخفق. فبعد اليوم، لن يتولّى ​رئاسة الحكومة​ إلّا شخصيّة جديدة من خارج نادي رؤساء الحكومة التقليدي، وأنّ محاولات بعض أعضاء هذا النادي لاستمالة الحراك الشعبي أو التماهي معه، لن تنجح، لأنّه بشعاره "كلّن يعني كلّن" يشمل كلّ رؤساء الحكومة السابقين، ويعتبرهم جزءًا من الطبقة السياسيّة الّتي أوصلت البلاد إلى ما هي فيه الآن على كلّ المستويات".

وذكر أنّ "رئيس الحكومة السابق ​سعد الحريري​ أصاب في توصيفه عندما قال إنّه كان يتعامل مع رئيسَين، "رئيس أصل" هو رئيس الجمهورية ​ميشال عون​، و"رئيس ظل" هو رئيس "التيار الوطني الحر" النائب ​جبران باسيل​، الّذي أدّى دورًا يتجاوز دوره كرئيس أكبر كتلة نيابية، حيث اختبأ خلف صفته النيابية الكبيرة ليمارس فعلًا دور "رئيس الظل". وركّز على أنّ "الحريري في المقابل لم يساعد الرئيس عون على لجم باسيل، لأنّه قدّم مصلحته الخاصة في السلطة على مصلحة التعاون والانسجام الواجب الوجود بينه وبين رئيس الجمهورية، فكلّ اهتمامه كان أن يضمن بقاءه في رئاسة الحكومة طوال عهد عون، ولكنّه ربّما يكون أخطأ في الاعتقاد أنّ التعامل مع "رئيس الظل" باسيل والرهان عليه يضمن له البقاء في رئاسة الحكومة، ولكن مثل هذا البقاء لا يمكن أحد غير عون أن يؤمّنه له، خصوصًا إذا كان التعاون بينهما مثمرًا".

كما نوّه القطب إلى أنّه "لو كان الحريري تعاونَ فعليًّا مع عون انطلاقًا من التسوية الّتي جاءت بهما الى السلطة، لكان ذلك أفضل له من الذهاب بعيدًا في العلاقة مع باسيل الّذي اتّضح أنّه لا يأمَن جانب الحريري في سَعيه إلى خلافة عون في ​رئاسة الجمهورية​".