سورية تواجه منذ تسع سنوات حرباً إرهابية كونية، وهذا ثابت لا جدال فيه، حيث إنّ نحو مئة دولة ومئات المجموعات ​الإرهاب​ية المتعدّدة الجنسيات منخرطة في هذه الحرب لإسقاط سورية وتدميرها وتفتيتها.

ولأنها حرب كونية بامتياز، فإنّ كلّ شبر من الأرض السورية يحرّره ​الجيش السوري​، يُسجّل انتصاراً على المشروع الإرهابي بكلّ مكوّناته الدولية والإقليمية والعربية. فالجيش السوري لا يواجه مجموعات إرهابية وحسب، بل يواجه أيضاً حواضنها وهي مجموع الدول المشاركة في الحرب على سورية.

الولايات المتحدة الأميركية​ زعمت بأنها شكّلت تحالفاً دولياً لمحاربة الإرهاب في سورية، لكنها في الحقيقة شكّلت هذا التحالف لدعم الإرهاب. ففي أواخر العام 2016 قصفت الطائرات الأميركية محيط ​المطار​ و​جبل الثردة​ في ​دير الزور​، بعدما أطلق الجيش السوري معركة تحرير دير الزور وضيّق الخناق على الإرهابيين هناك. وفي العام 2017، أطلقت البوارج الأميركية من البحر عشرات ​صواريخ​ التوماهوك على مطار الشعيرات ومواقع عسكرية في حمص، في محاولة لوقف تقدّم الجيش السوري في البادية السورية.

دعم الإرهاب لم يأتِ فقط من الأميركيين، بل من العدو الصهيوني الذي نفذت طائراته عشرات الغارات على مواقع سورية، إضافة إلى اعتداءات تركية متواصلة وتوغل داخل ​الأراضي السورية​ إضافة إلى قيام ​تركيا​ بتقديم كلّ أشكال الدعم للمجموعات الإرهابية، وبتمويل غير محدود وفرته دول خليجية معروفة. كما أنّ دولاً غربية ـ أوروبية وعربية كان لها باع طويل في الحرب الإرهابية على سورية، بطرق ووسائل شتى، العسكرية منها والسياسية والإعلامية.

ووفقاً لما تقدّم حول حجم القوى الدولية والإقليمية والعربية التي تشارك في العدوان على سورية مباشرة وبواسطة الإرهاب، فإنّ عمليات الجيش السوري التي انطلقت قبل أقلّ من شهر لتحرير إدلب وما تبقى من مناطق تحت سيطرة الإرهابيين ورعاتهم، وما نتج عن هذه العمليات من تحرير لعشرات المدن والقرى في ريفي حلب وإدلب، ومن تأمين ​مدينة حلب​ بالكامل من ​قذائف​ الإرهابيين، هو في الحقيقة، وفي البعدين السياسي والعسكري انتصار مدوٍّ لسورية، لأنّ كلّ شبر من الأرض السورية يُستعاد ويُحرر، هو بمساحة كلّ الدول المشتركة في الحرب على سورية.

لذلك، فإنّ الفرح العارم الذي عمّ مدينة حلب بعد إعلان الجيش السوري تأمين المدينة من قذائف الإرهابيّين ورعاتهم، يحمل في طياته بشائر النصر لسورية، وهو ما عبّر عنه بوضوح الرئيس الدكتور ​بشار الأسد​ حيث قال: "في المنطق الوطني فالانتصار يبدأ مع بداية الصمود ولو كان منذ اليوم الأول، وبهذا المنطق فإنّ حلب انتصرت… وسورية انتصرت…"

بالتأكيد، ما حققه الجيش السوري خلال الأسابيع الماضية حيث استعاد عشرات المدن والبلدات في ريفي حلب وإدلب، هو إنجازات كبيرة، لا بل انتصارات مدوية، وهذا يؤشر إلى مرحلة جديدة، عنوانها "سورية تنتصر" كما أكد الرئيس الأسد، وهذا الانتصار يعني الإجهاز على الإرهاب وعلى كلّ المشروع التفتيتي والتدميري الذي استهدف سورية.

إنّ أبلغ دليل على حجم الانتصار السوري ومفاعيله، هو حال الهستيريا التي تصيب النظام التركي، وما يصدر عن الإرهابي ​أردوغان​ وطغمته من فقاعات مصحوبة بزجّ المزيد من الجنود والآلة الحربية التركية داخل الأراضي السورية، وهذا سلوك عدواني وحشي بجرعات دعم من حلف "الناتو" الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية، في محاولة يائسة لوقف تقدّم الجيش السوري.

الأنظار كلها مشدودة إلى الميدان السوري، فهناك مسرح التحوّلات الكبرى، حيث تشكل سورية رأس حربة في المواجهة المفتوحة بوجه محور الشرّ الأميركي ـ الصهيوني ـ التركي ـ ومن مع هذا الثلاثي الإرهابي من دول غربية وأخرى عربية متأسرلة.

إنّ الإيقاع السوري يفرض نفسه ويرسم المعادلات الكبيرة. وإخراج ​القوات الأميركية​ من المنطقة والذي بات أمرا محسوماً، قد يبدأ من سورية. و​صفقة القرن​ لتصفية المسألة الفلسطينية ستسقط بالكامل في اللحظة التي تعلن فيها ​القيادة​ السورية الانتصار الناجز والنهائي على الإرهاب ورعاته.