أشارت صحيفة "الخليج" الاماراتية في افتتاحيتها الى أن "هناك عنصرية تترعرع في ​أوروبا​ والعالم، باتت تشكل خطراً على المجتمعات والشعوب"، لافتة الى أن "الظن كان أنه تم اقتلاعها مع نهاية الحرب العالمية الثانية، مع هزيمة ​النازية​ والفاشية، وأن العالم أدرك مخاطر هذا الوباء الذي أدى إلى مقتل الملايين من البشر، لكن تبين أن جذور العنصرية ما تزال في الأرض تنمو وتنبت دولاً وأحزاباً يمينية متطرفة، وتعيد إنتاج أشكال أخرى من العنصرية والكراهية و​الإرهاب​، خارج المنظومة الإنسانية والأخلاقية والدينية، وبمسميات مختلفة؛ منها ما يتستر بالدين، ومنها ما يتخذ من العرق واللون والتفوق على الآخر منطلقاً فكرياً، ونهجاً سياسياً يبرر فيه أفعاله وممارساته ضد الآخر المختلف".

ولفتت الى أن "العنصرية ليست مجرد كراهية الآخر فقط، إنما هي تأييد أعمى لفئة، والشك في فئة أخرى"، مضيفة: "هي ليست مجرد رفض للآخر؛ بل هي سعي للقضاء على وجوده، وسلب حقه في الحياة بأية وسيلة ممكنة".

وشددت على أن "النازية والفاشية كانتا على هذا المثال، والصهيونية هي الأخرى مثال يتجلى أمامنا كل يوم على أرض ​فلسطين​، وكذلك الأحزاب اليمينية المتطرفة التي تبرز بصورة ملفتة في أوروبا، في رفضها للمهاجرين من منطلق ديني وعرقي، وأيضاً تلك المنظمات الإرهابية؛ مثل: "داعش" و"النصرة" وأخواتهما التي تتخذ من الدين ستاراً لجرائمها ووحشيتها".

واضافت: "إذاً، نحن في عالم لم يبرأ بعد من هذا السم الزعاف الذي يطلّ علينا كل يوم بأفعال تؤرق علينا الحياة، وتثير القلق والخوف مما يحمله في الغد"، لافتة الى أن "ما جرى في مدينة هاناو الألمانية، وفي أحد مساجد بريطانيا، حيث ارتكب أحد العنصريين في الحادث الأول مجزرة راح ضحيتها تسعة أبرياء، وفي الحادث الثاني تم طعن أحد المصلين بسكين؛ يؤكد أن ​التطرف​ وهو الابن الشرعي للعنصرية، مثل الفيروس قادر على الانتشار، والفتك بالبشر".

وشددت على أن "اعتداء مدينة هاناو، مثله مثل العمل الإرهابي الذي ارتكبه الأسترالي برنتون تارنت عام 2019 في مسجدين بمدينة "كرايستشيرش" النيوزلندية، وراح ضحيته 51 مصلياً، وأيضاً مثل الأعمال الإرهابية التي وقعت في ​باريس​ ولندن وبروكسل ونيويورك وغيرها، تحيلنا إلى مسؤولية المجتمع الدولي في أن يمارس دوراً أكبر إزاء كل هذه الظواهر، والحؤول دون تفاقمها؛ لما تشكله من خطر فعلي على البشرية"، مشيرة الى أن "القوانين والإجراءات الأمنية لا تكفي وحدها للردع. لا بد من اللجوء إلى أساليب أخرى، في الثقافة والتعليم، والتعامل مع العنصرية والتطرف كحالة مرضية عقلية تستدعي العلاج، وخلق حالة وعي مجتمعية أساسها التسامح والمحبة والتعاون"، مؤكدة أن "النار لا تحارب بالنار، والعنصرية لا تحارب بعنصرية مثلها، إنما بالمحبة ونشر الأفكار الخلاقة التي تنبت الحرية والديمقراطية والأخوة الإنسانية".