على وقع تسجيل المزيد من حالات الإصابة ب​فيروس كورونا​، تبرز أزمة جديدة من المتوقع أن تتفاعل، في الأيام المقبلة، تتعلق بأن ليس هناك من مستشفى يستقبل الأشخاص الذين يحتاجون للحجر الصحي إلا بيروت الحكومي، في حين بدأ البحث في إمكانية تجهيز مستشفيات أخرى على مستوى المحافظات، نظراً إلى إمكانية بروز الحاجة إلى ذلك.

هذه المسألة لن تكون بالسهولة التي يتصورها البعض، خصوصاً أنّ ردّة فعل المواطنين لا تبدو مشجّعة على هذا الصعيد، وهو ما يُفسر ردة الفعل على طرح وزير الصحة السابق ​وائل أبو فاعور​ تخصيص 3 مستشفيات، مجهّزة منذ سنوات لكنها بقيت مقفلة بسبب الخلافات السياسية، هي المستشفى الإماراتي في شبعا و​المستشفى التركي​ في صيدا والمستشفى الحكومي في مشغرة، ما دفع بالمواطنين، لا سيما في شبعا وصيدا، إلى رفع السقف عالياً في مواجهة هذا الطرح، خصوصاً أنّهم كانوا على مدى سنوات يطالبون بإفتتاح تلك المستشفيات من دون أن يصلوا إلى أيّ نتيجة.

أساس البحث في إمكانيات إفتتاح مستشفيات جديدة يعود إلى تمنّع المستشفيات الخاصة عن استقبال مرضى كورونا، في حين أن إمكانيات ​مستشفى بيروت الحكومي​ محدودة، وبالتالي من المفترض أخذ كل الإحتياطات اللازمة في حال فرضت الحاجة للإستعانة بمستشفيات أخرى، بحسب ما تؤكد مصادر متابعة لـ"النشرة"، ترى أنه بات من الضروري اعتماد اماكن عزل في المستشفيات الحكوميّة ضمن المحافظات لتخفيف الضغط عن مستشفى بيروت، على أن يقتصر دور المستشفيات الخاصة على تشخيص الحالات، نظراً إلى وجود صعوبة على مستوى تأمين العزل التام.

في هذا الإطار، توضح مصادر في وزارة الصحة، عبر "النشرة"، أن وزير الصحّة ​حمد حسن​ قام بجولة منذ أيام، بناء على قرار صادر من ​مجلس الوزراء​ واللجنة المختصة، لتأمين غرف جاهزة للحجر في ​المستشفيات الحكومية​ في المحافظات للإحتياط، وتشير إلى أن الجولة شملت مشغرة وبنت جبيل ومستشفى الياس الهراوي في زحلة وبعلبك الحكومي، وكان من المقرر أن يكون هناك جولة أخرى في الشمال في نهاية الاسبوع المنصرم، كي تكون هناك جهوزية في حال حصول أي تطور.

وتلفت هذه المصادر إلى أن المقصود ليس نقل مصابين من مكان إلى آخر، لكن تأمين غرف خاصة في المحافظات في حال حصول إصابة في أي محافظة كي لا يتم نقل الجميع إلى مستشفى بيروت الحكومي، وتشدد على أن القرار هو تأمين الجهوزية في كل لبنان لكن هذا لا يعني وجود إصابات، وتؤكد أن هذا الأمر ضروري ومطلوب، وتسأل: "في حال كان هناك شخص بحاجة إلى الحجر بسبب إحتمال الإختلاط في احدى المحافظات، حتى ولو لم يكن من المصابين، لماذا يجب نقله إلى العاصمة"؟.

وفي حين تشدد المصادر نفسها على أن هذا الأمر لا يجب أن يؤدّي إلى الهلع، لأن المطلوب في أي دولة من العالم أخذ الإحتياطات اللازمة، تلفت إلى أن الوزير لم يجهّز غرف حجر في المستشفى الإماراتي في شبعا أو المستشفى التركي في صيدا، لا سيما أنه لم يزر المستشفيين المقفلين في الوقت الراهن، وتسأل: "بحال كان هناك شخص قادم من منطقة موبوءة وهو يسكن في مكان بعيد عن بيروت، هل الأفضل بعد الفحص، بحال كانت نتيجته سلبية، أن يعاد نقله إلى العاصمة من جديد، في حال شعر بأيّ من العوارض، أم أن يكون هناك مستشفى مجهز في مكان قريب منه؟.

من جانبه، يُفسر رئيس لجنة الصحة النيابية ​عاصم عراجي​، في حديث لـ"النشرة"، ردة فعل الأهالي في شبعا وصيدا بالغضب من حالة الإهمال التي كانت قائمة في الفترة التي كانوا فيها بأمس الحاجة إلى المستشفيين، ويشير إلى أنه شخصياً تدخل في أكثر من مناسبة، بالنسبة إلى المستشفى الإماراتي في شبعا، من دون أن يتمكّن من الوصول إلى نتيجة، ويرى أن الأمر لا علاقة له ب​الكورونا​ بشكل أساسي.

ويعتبر عراجي أن غضب الأهالي إنطلاقاً من ذلك مبرر، بعد أن شاهدوا بناء المستشفيات من دون الإهتمام بها، لكنه يوضح أنه لم يسمع بطرح إفتتاح ​مستشفى شبعا​ بشكل رسمي، لكنه يعتبر أن الواقع الراهن من المفترض أن يفتح الباب لإعادة دعم كل المستشفيات الحكومية في لبنان، نظراً إلى أنه تبين أنها الملجأ الوحيد عند حصول أيّ طارئ، ويشدد على أنّ ما يقوم به الجسم الطبي في بيروت الحكومي عمل جبار من المفترض أن يكافأوا عليه، رغم الإهمال الذي كان قد تعرض إليه المستشفى في السنوات الماضية، في حين هو من المفترض أن يكون من أهم المستشفيات في الشرق الأوسط.

في الإطار نفسه، تكشف مصادر معنيّة، عبر "النشرة"، أن ما يتم التطرق إليه حول المستشفى الإماراتي والمستشفى التركي لا يخرج عن إطار الشائعات، موضحة أنّه في حال الاضطرار لانشاء مراكز للعلاج، فإنهما سيكونا من المستشفيات الحكومية العاملة، وبالتالي ليس هناك من مبرر لكل ما يُصار حول هذا الموضوع، الأمر الذي أكد عليه عضو "اللجنة الوطنية للأمراض السارية والمعدية" عبد الرحمن البزري، الذي نفى أن "يكون "المستشفى التركي مدرجاً في الخطة المطروحة لوزارة الصحة لمواجهة فيروس كورونا"، في حين كان النائب قاسم هاشم قد اعتبر أن من غير المقبول والمسموح أن تبادر الحكومة أو وزارة الصحّة إلى فتح أبواب مستشفى شبعا لاستقبال المصابين بفيروس كورونا"، موضحاً أنه "في الوقت الذي كنا نحتاج فيه الى إيلاء المستشفى اهتمام الحكومات المتعاقبة، تمّ التعاطي مع الأمر بأساليب ملتوية لتمرير مصالح حزبيّة وانتخابيّة على حساب كرامة الناس وصحتهم".