ما خرج به رئيس الحكومة حسان دياب امس الاول من تصريحات امام عميد السلك الدبلوماسي ومرافقيه لا يعدو كونه كلاماً "صريحاً جداً" و"غير مألوف" من مسؤول رفيع في موقع رئيس السلطة التنفيذية وكل همه الانقاذ والانجاز بالاضافة الى مصارحة الناس ووضعهم في صورة ما يجري، وفق ما تؤكد واساط بارزة في تحالف "الثنائي الشيعي" والتي تقول ليس مستغرباً الهجمة على دياب. فهو ان صمت وهو بالعادة قليل الكلام السياسي حتى الآن يهاجمونه ولا يريدونه وعندما تكلم كذلك.

وتشير الاوساط الى ان كلام دياب هو الأصدق تعبيراً عما يجري في لبنان وعن المتغيرات الحاصلة، وإن لجهة الازمة الاقتصادية الغير مسبوقة والتي يشهدها لبنان منذ تأسيسه يضاف اليها مزاج شعبي يتغير وهو موجود ويفرض نفسه على الساحة وهو الحراك الشعبي الذي يعبر عن نبض ووجع الناس.

وتلفت الاوساط الى ان اخطر ما يجري اليوم على الحكومة وجود جبهتين داخلها وخارجها تصارعهما الحكومة ودياب ومعهما "الثنائي الشيعي" وخصوصاً، مع وجود " أياد خفية" لحماية منظومة مالية وسياسية واقتصادية وامنية فاسدة، او اقله تُعبّر عن إمتداد لهذه الجهات الداخلية الموجودة في الحكومة ولها نفوذ بشكل او بآخر وكذلك خارجها وهي لا تمثيل حكومي لها لكنها تمتلك من الادوات التنفيذية في كل إدارات الدولة ما يكفي للتعطيل وإبقاء القديم على قدمه.

وتشدد الاوساط على ان هناك مجموعة استحقاقات يفترض بالاكثرية النيابية وبرئيس الحكومة حسان دياب ان يعوها جيداً. وكذلك يتحمل "الثنائي الشيعي" وتحالفه مع احزاب وقوى 8 آذار وحتى مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والتيار الوطني الحر مسؤولية الدفاع عن الحكومة وقراراتها التي تشبه تشكيلتها، اي انها متحررة من الاحزاب بالوجوه الموجودة فيها. وممنوع ان تتغلغل الاحزاب المكونة للاكثرية في قرارات السلطة، التي وعد دياب انها ستتلاءم مع نبض الشارع ومع المتغيرات التي تطالب بمكافحة الفساد وهدر المال العام وإسترجاع المال المنهوب، ووضع الفاسدين في السجون، وتغيير كل فاسد في القضاء والاقتصاد والمال والمصارف وحتى في الامن ومحاسبته وليس مكافأته بالابقاء عليه في موقعه والتجديد او التمديد له، كما يسعى البعض في التشكيلات القضائية والمالية وخصوصاً في جمعية المصارف ونواب حاكم مصرف لبنان، وحماية بعض اصحاب المصارف المتورطين في بيع لبنان وسنداته الى الاميركيين والبريطانيين لوضع الحبل في عنق دياب والحكومة والشعب اللبناني.

وتكشف الاوساط ان اللقاءات التي تجري بشكل دوري بين مختلف مكونات 8 آذار و"الثنائي الشيعي" لا توحي بان الاستمرار بالسياسات القديمة وبالوجوه نفسها في بعض المرافق الحيوية والعامة وبقاء ذهنية المحاصصة او حماية المتورطين، "سيمشي" مع هذا الفريق او سيسكت عنها ولن تمر مهما كان الثمن. وكذلك تعتقد ان دياب ايضاً لن يقبل بتمرير اي بند مشابه فيه رائحة محاصصة وتنفيعات ويمكن التصويب فيه بسهولة على الحكومة ومكوناتها وفتح معارك جانبية. وتُظهر ان الحكومة لا تعير اهتماماً للحراك والناس وصوت الشارع وان ثورة حصلت بكل المقاييس ويجب قراءة المتغيرات من خلالها وإلا على الدنيا السلام.

وتشير الاوساط الى ان دياب ليس من النوع الذي يقول ولا يفعل وهو في تصريحه امس الاول وضع إصبعه على الجرح ومستمر في مهمة الانقاذ التي لا بديل عنها.

وتلفت الاوساط الى ان الجبهة التي يواجهها دياب خارج الحكومة، اي في المعارضة هي جبهة مهمتها كما يبدو حصار الحكومة داخلياً، والتحريض عليها خارجياً. وهي ترى مصالحها قد تضررت بفعل الحراك الشعبي كما حرب الاصلاح ومكافحة الفساد ستمس بأزلامها ورموزها في الادارات العامة والمالية والمصرفية. وهي تخوض اليوم حرب استباقية على دياب لتكبيله ومنعه من اجراء تغييرات جذرية فيها، ولكن الحكومة ومن يدعمها ستسير وفق ما تقتضيه المصلحة الوطنية العامة ولن يكون هناك مسايرة لاحد في هذا السياق.