في بداية شهر شباط الماضي أصدرت ​وزارة الصحة​ العامّة بيانا سارّا للمواطنين، زفّت فيه خبر تخفيض سعر حليب ​الأطفال​ الرضّع من ​الولادة​ حتى عمر ​السنة​ في الأسواق اللبنانية، ولكن منذ إعلان ​وزير الصحة​ العامة ​حمد حسن​ أن الوزارة ستصدر جدول أسعار ​الحليب​، بعد أن تمّ الاتفاق مع ​مصرف لبنان​ على إضافة حليب الأطفال الرضّع على المنتجات الحاصلة على دعم المصرف، طُرحت الكثير من علامات الإستفهام حول حصر المسألة بالإطفال الرضع ما دون السنة، وبالتالي حول مصير أسعار الحليب المخصص للأطفال ما فوق السنة، والتي كانت قد شهدت إرتفاعاً جنونياً في وقت سابق.

من الناحية العملية، عملت الشركات على رفع الأسعار منذ ما قبل صدور قرار وزير الصحة العامّة، إلا أن الأساس هو ما حصل في الأيام الماضية، حيث شهدت معظم الأصناف إرتفاعاً غير مقبول، بات يثقل كاهل المواطنين الذين يعانون أصلاً من إرتفاع أسعار باقي السلع ومن تراجع قدراتهم الشرائيّة نتيجة إرتفاع سعر صرف ​الدولار​ الأميركي مقابل ​الليرة اللبنانية​.

في هذا السياق، يروي أحد المواطنين، عبر "النشرة"، عن فارق كبير في سعر عبوة الحليب (نتحفظ عن ذكر الاسم) خلال 3 أيام فقط، الأسبوع الماضي، حيث اشتراها نهار الخميس الماضي بقيمة 23000 ليرة لبنانية بينما بلغت 37000 ليرة بعدها بيومين فقط، مشيرا الى أنه سأل الصيدلي عن السبب، فكان الجواب بأن هذه هي الأسعار ​الجديدة​ التي تبلّغ بها من الشركة المستوردة، وبالتالي بات سعرها يقارب 23$ على أساس سعر 1515 مع إضافة هامش الربح الخاص به.

ويوضح هذا المواطن أن هذا الأمر دفعه إلى عدم شراء العبوة، للتأكد فيما إذا كان هذا السعر بات أمراً واقعاً أم أن هناك لغطاً ما تتحمل مسؤوليته الصيدلية، إلا أن الأمر نفسه تبلغ به في صيدلية أخرى، ما دفعه إلى الإستسلام أمام السعر الجديد، وبالتالي شراء عبوة واحدة بدل عبوتين كان ينوي شراءهما، أخذاً في عين الإعتبار أن هذا السعر قد يرتفع في الأيام المقبلة، لا سيما إذا ما إستمر جنون ​سعر الدولار​ مقابل الليرة.

يؤكّد أحد الصيادلة أن أسعار عبوات الحليب للفئة ما بين سنة و3 سنوات قد ارتفعت لتعويض التخفيض الحاصل في تلك المخصصة للأطفال دون السنة، مشيرا عبر "النشرة" الى وجود شركات لم تعد تسلّم بعض الأنواع ريثما تنتهي الكميّات الموجودة في الأسواق ويتمّ البيع مجددا على أساس السعر الجديد.

ويضيف: "هناك من يعتبر أن الحليب للأطفال بعد عمر السنة هو من الكماليّات، لذلك حُصر الدعم بالحليب لمن هم دون السنة، مع العلم أنّ هذه المادة ضروريّة لبناء جسم الطفل ما قبل السنة وما بعدها". بالنسبة الى الأسعار فيشير الصيدلي الى أن إحدى أشهر الانواع التي كان سعرها 32 الف ليرة، أصبحت 40500 ليرة، مع هامش ربح للصيدلي 3 بالمئة، وبالتالي اذا رفع الصيدلي هامش الربح قليلا يصبح أغلى، كاشفا أن زيادة الأسعار طاولت أيضا بعض المواد التي يتناولها الطفل بمعدل 35 بالمئة.

لا تنفي مصادر وزارة الصحة علمها بارتفاع أسعار عبوات الحليب، مشيرة الى أنها بصدد دراسة خطوات جدّية لتصحيح هذا الخلل بالتعاون مع ​وزارة الاقتصاد​، خصوصا أننا نعيش في ظل أزمة مؤلمة وواقع اقتصادي صعب. وتضيف مصادر الصحة عبر "النشرة": "الوزارة سعّرت الحليب للرضّع لأن القانون يسمح لها ذلك، فهي اعتمدت على قانون مزاولة مهنة الصيدلة، والقانون رقم 47 تاريخ 11 كانون الأول 2008، والذي يفسر حليب الرضّع بأنه لمن هم دون السنة"، وبالتالي لا تملك غطاءً قانونيا لتسعير العبوات لمن هم فوق السنة.

يكتفي القانون باعتبار الحليب ضروريا للرضّع ما دون العام، على أساس أن الطفل يصبح بإمكانه تناول بعض أنواع الطعام عند تجاوزه السنة، ولكن ألن ننتهي من جشع المستفيدين من الازمات، والذين يقتاتون على دمنا؟!...