في خطوة لافتة على مستوى توقيتها، قبل يوم واحد من حسم مسألة دفع إستحقاق سندات اليويوبوند من عدمه، رغم التوجه العام نحو عدم الدفع، أصدر ​مصرف لبنان​ تعميما لمؤسسات الصرافة بشان تنظيم المهنة، طلب فيه التقيد استثنائياً بحد أقصى لسعر شراء العملات الأجنبية مقابل ​الليرة اللبنانية​ لا يتعدى نسبة 30 بالمئة من السعر الذي يحدده مصرف لبنان في تعامله مع ​المصارف​، كما طلب الامتناع عن اجراء أي عملية صرف لا تراعي النسبة المحدّدة في المادة المعلنة، وعدم اعتماد هوامش بين سعر البيع وسعر الشراء للعملات الاجنبية يخرج عن العادات المألوفة وعدم التوقف عن القيام بعملية الصرافة بكافة أنواعها.

في نص التعميم حدّد مصرف لبنان مدة العمل بهذا القرار 6 أشهر من تاريخ صدوره، وبالتالي طوال هذه الفترة من المفترض ألاّ يتعدى السعر عند الصيارفة السقف الذي سبق أن تمّ تحديده قبل ولادة الحكومة الحالية، أي 2000 ليرة لبنانية مقابل ​الدولار​ الواحد، بحسب ما تؤكد مصادر إقتصادية عبر "​النشرة​"، لكنها تطرح الكثير من علامات الإستفهام حول القدرة على تنفيذ هذا القرار، لا سيما أنها ليست المرة الأولى التي يطرح فيها، في حين أن الطلب على الدولار يزداد يوماً بعد آخر.

من وجهة نظر هذه المصادر، خلفيات هذا القرار تعود إلى الرغبة في ضبط السوق قبل إتخاذ قرار التمنّع عن دفع إستحقاق سندات اليوروبوند من قبل ​الحكومة اللبنانية​، لكنها تشير إلى صعوبة كبيرة في هذا المجال، لأنها تسير عكس المنطق، وبالتالي ستكون البلاد أمام تحدّ كبير، وتسأل: "هل سيلتزم الصيارفة بهذا القرار على مستوى بيع العملات الصعبة أم أن الإلتزام سيقتصر على عملية الشراء من قبل المواطنين"؟، وتضيف: "تحديد مدة العمل بهذا القرار تفتح الباب أمام مشكلة أخرى تتعلق بزيادة الطلب على الدولار خلال هذه الفترة، نظراً إلى أن أحداً لا يستطيع توقع مصير سعر الصرف بعدها، في حال تم الإلتزام بها أصلاً".

من جانبه، يتحدث نقيب الصيارفة محمود المراد، في حديث لـ"النشرة"، عن إجتماعات دورية كانت تحصل للوصول إلى صيغة تؤدي إلى ضبط السوق، لكنه ينفي صدور القرار بتنسيق بين نقابة الصيارفة ومصرف لبنان، ويضيف: "كنا ننتظر صدور سلسلة من التعاميم لكن لم نكن نتوقع أن يكون ذلك بهذه السرعة".

ويشير المراد إلى أنه في بداية الاسبوع المقبل سيكون هناك إجتماعات للإتفاق على آليات تنفيذ هذا القرار، ويوضح أنها ستضمّ أكثر من جهة رسمية للوصول إلى النتيجة المرجوة، وبالتالي من المفترض أن يكون لهذا القرار أساسيات داعمة تنفذ عملياً على أرض الواقع، لا سيما أن الإرتفاع الذي حصل، في الأيام الماضية، كان له تأثير سلبي، وكان من المتوقع أن يكون له تداعيات أخرى على مستوى ضبط الشارع.

من جانبها، تكشف مصادر مطلعة، عبر "النشرة"، أن المطلوب هو عدم الإستمرار في تفلّت سعر الصرف غير الرسمي، وبالتالي من الضروري ألا يخرج عن السيطرة بشكل كبير، لا سيّما ان قرار مصرف لبنان المركزي من الممكن أن يساعد في هذا المجال، إنما الأساس هو ضبط محال الصيرفة غير المرخصة، وتعود للتذكير بأن التثبيت السابق، الذي رافق ولادة الحكومة، كان بمبادرة من نقابة الصيارفة، إلا أن المنافسة غير الشرعية هي التي أدّت إلى عدم تنفيذه، وتضيف: "اليوم هناك معلومات عن إجراءات حاسمة على هذا الصعيد، ومن الممكن الرهان على أن يكون هناك إنضابطاً كبيراً يظهر خلال أيام".

في المحصّلة، قرار مصرف لبنان خطوة مهمة في سياق ضبط السوق الموازي، لكن الأساس هو القدرة على تنفيذه، نظراً إلى أن التجارب السابقة لم تكن مشجّعة، لا سيما أن نقابة الصيارفة، التي تنتظر الاسبوع المقبل لفهم الآليات بشكل كامل، داعمة لهذا التوجه، خصوصاً أن هامش الربح لديها لن يتغير مهما كان السعر.