يمرّ العالم بأزمة خطيرة اسمها "وباء الكورونا"، ولو أن ​منظمة الصحة العالمية​ لم تُعلنه بعد وباءً عالميا، ولكن الوقائع تقول بأنه كذلك.

في لبنان تحاول ​وزارة الصحة​ جاهدة بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية ضبط انتشار الفايروس، ومعالجة المصابين به، وهي لأجل ذلك جعلت ​مستشفى بيروت الحكومي​ مقرا للمصابين، ولكن ذلك لا يعفي بأي شكل من الأشكال المستشفيات الجامعية الخاصة في لبنان.

تعاطت المستشفيات الخاصة في لبنان في بداية أزمة الكورونا وكأنها غير معنيّة به، ولكن بعد مرور أيام على اكتشاف أول حالة في لبنان، انقسمت بين قسمين، الاول يملك القدرة على الاهتمام بحالات المصابين، أقله قبل نقلهم الى مستشفى بيروت الحكومي، ولا يملك الإرادة، والثاني لا يملك لا القدرة ولا الإرادة، لذلك أصبحت المستشفى التي تزورها حالة تعاني من الحرارة مثلا، تطلب منها زيارة "بيروت الحكومي"، مما زاد الضغط بشكل هائل على ​المستشفى الحكومي​ وجعلها تعاني مرتين، الأولى مع المصابين فعلا، والثانية مع المتخوّفين من الإصابة، ويريدون إجراء الفحوصات.

في المرحلة الاولى أكدت الوزارة أن الفحص مجّاني لمن يشخص حالته الطبيب المختص ويطلبه له، عندها توجّه الناس بأعداد كبيرة لإجراء الفحوصات عبر المختبرات والمراكز الطبية الموزعة على مختلف الأراضي اللبنانية، ولأن نسبة كبيرة من هذه المراكز تعاطت مع المسألة كفرصة للربح، دون أن يكون الفحص أكيدا، أصدرت وزارة الصحة بيانا تؤكد فيه عدم اعترافها بهذه الفحوصات، ولكن في المرحلة الثانية وجدت الوزارة أن المستشفيات الخاصة باتت تهرب من تحمّل المسؤولية، لذلك كان لا بد من التدخّل.

يقصد مستشفى بيروت الحكومي يوميا بحسب معلومات "النشرة" ما بين 50 الى 70 مواطناً يريدون إجراء الفحوصات، يدخل ربعهم تقريبا الى الحجر الصحي، والفريق الطبّي داخل المستشفى لا يزال مسيطرا على كل الحالات، إنما الخوف من ازدياد الأعداد.

في بيان وزارة الصحة انتقادا لاذعا للمستشفيات الجامعية، اذ سألت "من يعتبر نفسه مستشفىً جامعياً رائداً، لماذا لم يوفر بإمكانياته الخاصة وسائل التحليل المخبري كغيره من المؤسسات الجامعيّة؟ أليس هذا من واجباته"؟. في هذا السياق تؤكد مصادر وزارة الصحة عبر "النشرة" أن المستشفيات الخاصة تشكّل جزءاً لا يتجزأ من القطاع الصحّي اللبناني، وبالتالي عليها أن تشارك بهذا العبء الوطني الذي يجب أن يتحمّله الجميع، ومن هنا جاءت فكرة التوصّل الى آلية مشتركة للعمل بين المستشفيات الحكومية وتلك الجامعية الخاصة، يُفترض أن تبصر النور منتصف الأسبوع المقبل.

وهنا يؤكد نقيب المستشفيات الخاصة في لبنان ​سليمان هارون​ في حديث لـ"النشرة" أن المستشفيات الخاصة جاهزة للتعاون ولكن دون أن يشكّل هذا الأمر خطرا على عملية الإستشفاء في لبنان، مشددا على أنه لا يمكن لها تحمّل عبء استقبال مرضى مصابين بالكورونا في حال انتشر الفايروس، الامر الذي يشكل خطرا على باقي المرضى في المستشفيات، خصوصا أنها غير مجهّزة بأقسام كاملة للتعامل مع حالات الحجر والعزل، في حال استقبال مصابين أو مُشتبه بإصابتهم.

وأبدى هارون استعداد المستشفيات الخاصة على التعاون عبر:

اولا، إجراء فحص الكورونا في بعض المستشفيات الخاصة المعتمدة للأشخاص المشتبه بهم، وإرسال المريض الى مستشفى بيروت الحكومي بحال كانت النتيجة إيجابية.

ثانيا عبر دعم المستشفيات الحكومية، إن فُتحت لأجل "الكورونا"، ماديا ولوجستيا، داعيا لعدم توزيع الحالات المشتبه بإصابتها على المستشفيات بل حصرها في مستشفى محدّد.

كذلك هناك مشكلة أخرى تواجه وزارة الصحة اليوم، هي رفض "البعض" تجهيز المستشفيات الحكوميّة في مناطقهم لتستقبل المرضى المصابين، الامر الذي بدأ في شبعا ثم انتقل الى صيدا، وربما ينتقل الى مناطق أخرى، وهنا تشير مصادر وزارة الصحة الى أن الخطر الداهم للفايروس لا يحتمل خلافات كهذه، خصوصا أنه لا يميز بين منطقة وأخرى وبين لبناني وآخر، ويُفترض التعاطي معه بمسؤولية وطنية.

نتذكر جميعا في ملف النفايات كيف رفضت المنطقة الفلانية استقبال مطمر يستوعب نفايات منطقة أخرى، ويومها جرى فرز النفايات على أساس طائفي تفوق قذارته، قذارة النفايات، وها نحن نُعيد الكرّة مرّة جديدة في ملف "الكورونا"، فنؤكد لمن لا يزال يعتريه الشكّ، بأننا أبعد ما نكون عن "شعب واحد".

إن مواجهة المصائب تحتاج الى التكامل والوحدة، بين المستشفيات، بين اللبنانيين، بعيدا عن المصالح الخاصة والضيقة.