ركّزت حركة ​التجدد الديمقراطي​، على أنّ "في خطوة غير مسبوقة في تاريخ ​لبنان​ الحديث، أعلنت ​السلطة​ تخلّف لبنان عن تسديد دفعة مستحقّة من دينه العام مقرّة للمرّة الأولى، وبعد أشهر من المكابرة بتدنّي احتياط لبنان من العملات الصعبة لإلى مستوى يكاد يكفي ضرورات الاستيراد الحيوية من قمح ودواء ومحروقات".

ولفتت في بيان، إلى أنّ "هذا الإنحدار المريع وغير المفاجئ الّذي يضع البلاد أمام تحديات وتهديدات خطيرة، يأتي حصيلة عقود من الخيارات والسياسات والممارسات الخاطئة، تفاقمت في السنوات الماضية رغم التحذيرات الداخليّة والخارجيّة، وتواصلت في الأشهر والأسابيع الأخيرة رغم الإنتفاضة العارمة للشعب اللبناني منذ 17 تشرين الأول 2019، الّتي طالبت بالتغيير الجذري في الأشخاص والخيارات والسياسات كمعبر إلزامي للإنقاذ".

وأكّدت الحركة أنّه "إن كان إعلان رئيس ​الحكومة​ ​حسان دياب​ عجز لبنان عن التسديد نتيجة تبديد موارد الدولة وودائع اللبنانيين في غياب صناديق ​المصارف​ و​البنك المركزي​ وخزينة الدولة وجيوب المسؤولين والمتنفعين تحصيل حاصل ولزوم ما لا يلزم، فإنّ الأكثر مدعاة لغيظ اللبنانيين واستنكارهم هو مشاركة أبرز رموز السلطة وأركان نظام ​الفساد​ والزبائنية في رعاية احتفاليّة إعلان الإفلاس هذه، ومحاولتهم الإفلات من المساءلة كأنّهم أبرياء من دم هذا الصدّيق".

وشدّدت على أنّه "مهما يكن من صدقيّة الحكومة الحاليّة الّتي يبقى عليها وحتّى إشعار آخر واجب إثبات استقلاليّتها عن القوى المتورّطة في الفساد الّتي رعت تشكيلها وأشرفت على ولادتها، فإنّ التحديات الجسام المباشرة المترتّبة عليها من جرّاء إعلانها أمس تخلّفها عن سداد الدين، هي التالية:

- أوّلًا، الحد من أضرار "التخلف الأحادي الجانب" والسعي إلى تحويله إلى "تخلّف منظّم" يتمّ بالتفاوض والتفاهم مع الدائنين، وذلك كي تأتي إعادة هيكلة الدين سلسة ومنظّمة، وتفاديًا للمنازاعات أمام المحاكم الأجنبية الّتي قد يتأتّى عنها تقييد أو ربّما مصادرة أصول لبنان في الخارج.

- ثانيًا، امتلاك خطّة متكاملة لإدارة ​الدين العام​، وتأهيل البنك المركزي، وإصلاح ​القطاع المصرفي​، وترشيد ​الموازنة العامة​ و​القطاع العام​ برمّته، ولا سيما قطاعات ​الكهرباء​ و​الاتصالات​ وإدارة ​النفايات​ حيث مكامن الفساد والهدر الرئيسة. إنّ رئيس الحكومة تحدّث عن بعض عناوين تلك الخطة، لكن اللبنانيين يحتاجون إلى تلمّس تفاصيلها حيث تكمن الفوارق الحقيقيّة بين الإصلاح الجدّي والشعارات المضلّلة والفارغة.

- ثالثًا، الحرص على التوزيع العادل لأعباء وأثمان الإنهيار الباهظة، خصوصًا الطبقات الفقيرة والمتوسطة وأصحاب الدخل المحدود الّذين فقدوا في الأسابيع الأخيرة أكثر من 40 بالمئة من دخلهم ومدخراتهم، أكان في تأمين حريّة تصرّفهم بودائعهم المصرفيّة أو بالحرص على الطابع التصاعدي لأي اقتطاع أو إجراء ضريبي يطال تلك الودائع والتمييز بين الأصول الإنتاجيّة والفوائد والأصول الريعيّة في تشكل تلك الودائع.

- رابعًا، الكف عن المكابرة في التعامل مع موضوع التمويل الخارجي الّذي بات شرطًا ملزمًا للخروج من ​الأزمة​، بعدما جفّفت السلطة القائمة كلّ مصادر التمويل الداخلي، وفي ظلّ الفجوة الكبيرة في ميزان المدفوعات وشحّ التحويلات والعملات الصعبة وتراجع الثقة بالقطاع المصرفي. إنّ لبنان لم يعد يملك ترف رفض أو قبول المساعدة النقدية المباشرة من الخارج، ومن ضمنها مساعدة "​صندوق النقد الدولي​"، بل التحدي يكمن اليوم في تكييف شروط تلك الجهات والتخفيف من وطأتها".

كما أشارت الحركة إلى أنّ "أيامًا وسنوات صعبة تنتظر لبنان، لكن التعامل بفاعليّة ونجاح مع هذه التحديات المباشرة يعبّد الطريق أمام لبنان لالتقاط أنفاسه والشروع في مخطّط جذري للإصلاح يتوافق مع ما يطالب به شابات وشباب الانتفاضة من انتقال نحو ​الدولة المدنية​ ونظام اقتصادي حديث وعادل".