لم يكن ينقص ​لبنان​ الا أزمة فايروس "​كورونا​". كان اللبنانيون يترقبون إجراءات حكومية تحدّ من التدهور الإقتصادي المؤلم الحاصل. كانوا يتطلعون ايضاً إلى ​النفط والغاز​ في حقول بحرية يجري التنقيب فيها، للحؤول مستقبلاً دون إفلاس ​الخزينة اللبنانية​. كانوا يتمنون بت أمر المعضلة المصرفية لإعادة دورة المال إلى طبيعتها، ولو بعد حين. كانوا ينتظرون حلولاً سياسية في الإقليم، تنعكس إيجاباً، وتعيد دور لبنان السياحي والخدماتي.

لكن، غابت كل أمانيهم وأحلامهم التي تدور حول تحسين ظروفهم المالية الصعبة، وصارت همومهم محصورة عند فايروس قدم ليتمدّد ويثير الهلع والرعب، كما هو حاصل في دول العالم.

جاء كورونا يغيّر كل الأولويات، ويخلط الحسابات. قضت آثاره وتداعياته المباشرة وغير المباشرة على ما تبقى من آمال بإمكانية وجود بصيص حل في لبنان. أطاح بالحركة الإقتصادية بشكل كامل وشامل، فهي رغم تواضعها كانت كافية بتأمين الحد الأدنى من الإستمرار على قيد الحياة. بالطبع فإن خسائر الدول الصناعية والكبرى أكبر بمئات الأضعاف من أزمة لبنان، سواء في ​الصين​ أو في الدول الأوروبية. لكن اللبنانيين لم يعد لهم قوة تبقيهم على قيد الحياة، سوى تلك الحركة الإقتصادية البسيطة، فهي ذات طابع تجاري بالدرجة الأولى، ذهبت الآن أدراج رياح الأزمة الصحية.

ماذا لو طال بقاء كورونا؟

يعني الاّ مدارس للتلامذة، ولا جامعات للطلاب. مما يؤكد ضياع ​العام الدراسي​ وخسارة عام من العمر. الخطير ان جسماً تعليمياً يعتمد عدد كبير منه على الحصص الدراسية اليومية لتأمين مدخوله الشهري، نتيجة نظام التعاقد. فماذا يفعل هؤلاء المعلمين في مدارس وجامعات رسمية وخاصة؟ كيف يعيشون؟ من اين يأتون بحاجاتهم في حال طال عمر الفايروس في بلادنا؟ تلك حال موظفين ايضاً، سيطيح بهم اي إعلان للطوارئ. سيشل حياتهم التي يعتمدون فيها على نظام "المياومة" في العمل والإنتاج.

يعني ايضاً الاّ مطاعم وفنادق وتجمعات سياحية. مما يؤكد أن البطالة ستتزداد نتيجة غياب أعداد كبيرة من اليد العاملة في القطاع الخدماتي والسياحي عن مراكز عملها.

يعني ايضاً أن قطاع التجارة سيتضرر، خصوصا في الكماليات لعدم وجود حركة إقتصادية متكاملة، وفي ظل عدم قدرة ​الدولة اللبنانية​ على التعويض عن خسائر وبطالة اللبنانيين الموجودة اساساً قبل تمدد كورونا، فإزدادت حالياً مع إنتشار الفايروس الذي جمّد مؤسسات واعمالاً ومهن على مساحة العالم، ومنها لبنان.

يعني ايضاً ان كل السائقين العموميين الذين يعتمدون على تنقلاتهم اليومية لتأمين قوت عائلاتهم، سيفقدون سُبل الحياة، سواء سائقي التاكسي، أو النقل والشحن.

يعني ايضاً أن قطاع المستشفيات سيعاني من نقص ​المستلزمات الطبية​، وستعج مباني المستشفيات بالمصابين بالفايروس عندها، على حساب ٨ الاف مريض موجودين الآن في مستشفيات لبنان لأسباب صحية عدة لا علاقة لكورونا بها.

يعني تجميد قطاعات مهنية وتهديد المواطنين بالعوز والفقر، فهل يتحمل لبنان مزيداً من الإنهيارات؟ الحل يكمن بمحاصرة كورونا وعزله لمنعه من التمدد بين البشر، والمحاصرة تأتي بأن يتحمّل اللبنانيون بقاءهم أسابيع في المنازل، كي لا يبقى الفايروس طويلاً في لبنان.