لا تعتبر الدفُعة الأولى من الأسماء التي أعلنت وزيرة المهجرين عن بدء دفع تعويضات لهم بالغريبة، فالمئة وسبعة وخمسون شخصاً الذين صرف لهم مبلغ مليار و854600 مليون ليرة تحضّر جداولهم منذ عام ليحصلوا على مستحقات إعادة الاعمار وكان من الطبيعي أن يحصل هذا الأمر. ولكن المفارقة والأمر الغريب هو وجود دفعة ثانية من ألف اسم وردت أسماؤهم ليقبضوا مبالغ من الوزارة، فما قصّتهم؟ وماذا عن الصراع القديم الجديد بين الوزارة و​صندوق المهجرين​؟!.

يعدّ صندوق المهجرين التابع ل​رئاسة الحكومة​ المرجع الأساسي فيما يتعلّق بالمهجّرين، فهو يحضّر الملفات ويضع الجداول وحتى يدفع للناس ولا سلطة للوزارة عليه. الصراع بين الوزارة والصندوق قديم جديد ويعود الى العام 1998 حين اطلق رئيس ​الحزب الاشتراكي​ ​وليد جنبلاط​ معركة الصندوق أو معركة استعادة صلاحيات ​وزارة المهجرين​ في وجه رئيس الحكومة الراحل ​رفيق الحريري​ دون أن يسمّيه، حين تنبّه أن لا سلطة للوزارة على الصندوق ويمكن لرئيسه أن يقرّر الدفع من عدمه لمن يريد دون حتى علم الوزير، يومها طالب جنبلاط أن تكون الوزارة الشريك الأساسي حتى في طريقة الدفع، ولكن لم ينجح في وضع نصوص قانونيّة تضمن ذلك وكانت كلّ القضية تختصر بشخصية الوزير وقدرته على التعامل مع الصندوق.

بالأمس القريب، أُعلن عن دفع تعويضات لمئة وثمانية وخمسين شخصاً في وزارة المهجّرين، وهذه الجداول طلب الوزير السابق ​غسان عطالله​ تحضيرها ولم يكن ينقص في نهاية توليه مهامه الا ان تحصل الوزارة على موافقة رئيس الحكومة على المسألة ليدفع الصندوق، ولكن حصلت التحركات في 17 تشرين الأوّل الفائت وجمّد كل شيئ لتعود الأمور وتتحرك مؤخرا ودفعت على أيّام الوزيرة ​غادة شريم​. وهنا تشير مصادر مطّلعة عبر "النشرة" الى أن "158 طلباً تستوفي الشروط اللازمة وهي لأشخاص لم يقبضوا أيّ مبلغ من وزارة المهجّرين سابقاً وكلّ ملفاتهم مكتملة"، لافتةً الى أن "عمليّة تحضير الاسماء استغرقت أشهراً، في حين أُعلن خلال شهر عن دفعة جديدة من الأسماء بلغت قرابة الالف طلب أصبحت جاهزة"!، وهنا تتساءل المصادر "كيف استطاع الصندوق تحضيرها في شهر تقريباً في حين أنه إستغرق أشهراً طويلة تصل الى حدود العام لتحضير 158 طلباً"؟.

تكشف المصادر أن "في جعبة صندوق المهجرين اليوم 22 مليون ​دولار​ وفي معركة ​الموازنة​ استطاع الوزير السابق أن يستحصل على مبلغ 40 مليار للدفع واقفال الوزارة، الا أن ​ديوان المحاسبة​ رفض صرف المبلغ لأنّ الذي سيصرف لاقفال الوزارة يمكن استخدامه في أمور أخرى تعدّ أولوية بالنسبة للدولة"، مضيفةً: "قضيّة عدم صرف 40 مليار والكلام عن اقفال الصناديق، قد يكون شكل رعبًا لدى صندوق المهجرين من أن يأتي ديوان المحاسبة ويضع يده على 22 مليون دولار المتواجدة فيه حالياً".

في جردة بسيطة على الألف طلب الذي أُعلن عنهم والواردة اسماءهم على موقع وزارة المهجرين هناك الكثير من النقاط التي يمكن التعليق عليها. وتلفت المصادر الى أن "من يدقّق يرى وجود العديد من الأسماء مرفقة دون الكشف عليها، الملف غير مكتمل..."، وتذهب المصادر بعيدا في التدقيق وتقول "هناك أسماء كـ ه. م. ن. من ​المتن​ تقبض الدفعة الاولى والثانية والثالثة مرّة واحدة"، متسائلة "لماذا الاستعجال باعطاء ​المال​ دفعة واحدة لما يجب أن يكون على ثلاث مراحل لشخص واحد او طلب واحد ودون التدقيق أو الكشف في حين أن هناك طلبات لم ينظر أحد بأمرها يوماً"؟.

تعتبر المصادر أيضاً أن "اللافت أن الألف طلب يقبضون الدفعة الثانية وفي مختلف المناطق بإستثناء ​الشوف​، ​عاليه​ و​بعبدا​ في حين أنه في أدراج وزارة المهجّرين 7850 طلب لم يقبضوا الدفعة الاولى"، مضيفة: "في الاسماء الواردة مثلاً بند ترميم الدفعة الثانية، الدفعة الاولى قد يكون الشخص قبضها منذ عشرين عاماً ونسي أن منزله تضرّر واليوم يقبض الدفعة الثانية"، ومتسائلة أيضاً "كيف يعقل أن يدفع ترميم لشخص في حين أن هناك اعمار غير مدفوع؟، والأهمّ اليوم يدفع الف طلب من أصل 41 الف فعلى أي أساس تم اختيار الطلبات ومن قال انه يجب الدفع لهؤلاء وليس سواهم"؟.

الاستعجال في دفع الاموال يضع الكثير من علامات الاستفهام في ظلّ الأوضاع الراهنة التي تمرّ بها البلاد... فهل يكون الكلام عن مسعى لالغاء الصناديق وضمّها سبب من أسباب استعجال الصندوق بالدفع؟ وفي أدراج الصندوق 41 الف طلب؟! لماذا حتى ​الساعة​ لم ينهِ صندوق المهجرين اعداد ملفّات هؤلاء، فماذا كان يفعل الموظّفون طيلة الفترة السابقة؟!.