أوضحت أوساط رسميّة، في حديث إلى صحيفة "الجمهورية"، أنّ "النجاح في تجاوز اختبار "كورونا" لا يتوقّف فقط على جهد الدولة، وإنّما يتطلّب أيضًا مزيدًا من التحسّس بالمخاطر والمسؤوليّة لدى الشعب ال​لبنان​ي، الّذي هو شريك حقيقي وإلزامي في هذه المواجهة المصيريّة، وبالتالي عليه أن يتصرّف على هذا الأساس، بحيث يجب أن يعتبر نفسه معنيًّا مباشرةً بالمساهمة في تحصين الأمن الصحي الحيوي ورفع مستوى مناعة المجتمع؛ وليس مجرّد مُتلقّ أو متفرّج كأنّه يقف على الحياد".

وأبدت تقديرها لـ"تجاوب أغلبيّة المواطنين مع مقتضيات حماية السلامة العامة في هذه الظروف الاستثنائيّة"، معربةً عن استغرابها "سلوك فئة من المخالفين أو المتمردين الّذين يجازفون بتعريض حياتهم وحياة الآخرين إلى الخطر نتيجة استهتارهم ومكابرتهم، فيما التحدّي الراهن لا يتحمّل أي بطولات وهميّة أو استعراضات عبثيّة". وتوقّفت في هذا الإطار عند اكتظاظ كورنيش ​المنارة​ بالروّاد صباح الأحد الماضي، وكذلك مسيرة الدراجات النارية في ​كورنيش المزرعة​ ليل أمس الأوّل تحدّيًا لـ"كورونا" ولإجراءات الوقاية، لافتةً إلى أنّ "هذه التصرفات غير مقبولة في ظلّ التهديد الصحي الداهم، وتنمّ عن ضعف في حِس المسؤوليّة الوطنيّة لدى هذه الفئة الّتي قد يكون حجمها صغيرًا، إلّا أنّ تصرّفاتها قد تتسبّب في تداعيات واسعة النطاق".

وأشارت الأوساط الرسميّة إلى أنّ "أجهزة الدولة تحاول قدر المستطاع منع المخالفات لقرار التعبئة العامة الّذي اتّخذه ​مجلس الوزراء​، وهي تسعى إلى تفادي استخدام الوسائل الزجريّة والعقابيّة في حقّ المتجاوزين، إلّا أنّها ربّما تضطر إلى اعتماد مزيد من التشدّد والصرامة في تطبيق تدابير الحماية العامة عندما تدعو الحاجة، لأنّ المصلحة العليا تبقى فوق كلّ اعتبار". وتساءلت على سبيل المزاح المعبّر: "أين أنت يا هتلر؟ إنّ خفة البعض تدفعنا إلى أن نتمنّى لو كان هتلر موجودًا بيننا في هذه الأيام الصعبة".

وركّزت على أنّ "في حوزة الدولة أوراقًا لم تستخدمها بعد في معركة التصدّي لـ"كورونا"، واستعمالها من عدمه مرتبط بما ستؤول إليه الأمور حتى 29 آذار الحالي"، ملمّحةً إلى "خيار فرض ​حظر التجول​ على نحو واضح وقاطع، إذا اقتضت الضرورة ذلك مستقبلًا". وبيّنت أنّ "وضع لبنان لا يزال حتّى الآن مقبولًا بالمقارنة مع دول أُخرى أكثر تطوّرًا وجهوزيّة تفشّى فيها الوباء، إلّا أنّ الاستمرار في السيطرة على الموقف يتطلّب التعاون الواسع من المواطنين وتجاوبهم بشكل كبير مع التدابير المعتمدة، الّتي مهما بَدت قاسية بالنسبة إلى البعض تبقى أقل قسوة من النتائج الّتي ستترتّب على التراخي في تطبيقها".

وأكّدت "أنّها تتفهّم قلق ​السجناء​ من احتمال انتقال العدوى إليهم"، مشدّدةً على أنّ "هناك اهتمامًا بضمان توافر معايير الحماية والوقاية في السجون". وكشفت أنّ "وزير الداخلية والبلديات ​محمد فهمي​ كان في صدد إطلاق ورشة إعادة تأهيل لبعض أقسام ​سجن رومية​ بكلفة مليوني دولار تقريبًا بدءًا من مطلع نيسان المقبل، غير أنّ فيروس "كورونا" الّذي داهَم الدولة أدّى الى تأجيل إطلاق هذا المشروع".

كما رأت الأوساط أنّ "القرار الّذي اتّخذه مجلس الوزراء أمس يعكس مؤشّرًا إيجابيًّاً في اتجاه معالجة واقع السجون والتخفيف من اكتظاظها"، مبديةً رفضها "العفو عن مرتكبي جرائم ​الإرهاب​ والمُعتدين على الجيش و​القوى الأمنية​. أمّا المحكومون في قضايا عادية وارتكابات غير جسيمة، فيمكن ان تتمّ إعادة النظر في أوضاعهم".