فجّر ​وزير المالية​ ​غازي وزني​ قنبلة من العيار الثقيل بتصريحه لصحيفة الـ"فايننشال تايمز"، اذ أعلن أنّ ​الحكومة اللبنانية​ تدرس أمثلة على عمليات إعادة هيكلة ماليّة أخرى من اليونان إلى قبرص، مع خيارات تشمل الإنقاذ، حيث يتم تحويل جزء من الودائع إلى أسهم في البنك" ورغم تأكيد الوزير على أهمية حماية أموال المودعين، الا انّه يجب التوقف عند الإجراء الذي تحدث عنه لشرحه.

كثيرة هي الخيارات التي تُدرس للبدء بمحاولة إنقاذ ​الإقتصاد اللبناني​، منها ما ذكره وزير المال، وقبلها خيار "الهيركات"، وبعدها خيارات عديدة يتم دراستها لمعرفة تأثيرها على ​القطاع المصرفي​ و​الاقتصاد​، وفي هذا السياق تشير مصادر اقتصادية مطّلعة الى أنّ الخيار الذي ذكره وزير المال غازي وزني يُعرف بإسم الشراء من داخل المصرف، او "bail-in"، وهو يعني أن المصرف يأخذ "​دولار​" ويقدم مقابله، وفي هذا الخيار الذي لا يزال خيارا محتملا، يتم تحويل نسبة من الودائع التي تزيد عن 200 ألف دولار أميركي، بحسب الخيار الذي يُدرس، الى أسهم، الأمر الذي يجعل حاملها مالكا في المصرف.

يختلف السهم عن السند، فالسهم يجعل صاحبه مالكا داخل المصرف، في اصوله وممتلكاته وفروعه، بينما السند فهو يعني الدين. حاملو الأسهم يمكنهم التصويت داخل مجالس الإدارة بينما لا يستطيع حملة السندات ذلك، إنما ما يتميز به السند عن السهم، هو أنّه بحال إفلاس المصرف، تُدفع حقوق أصحاب السندات قبل حقوق حملة الأسهم.

تكشف المصادر عن وجود عدة سيناريوهات للنسبة التي يمكن تحويلها لأسهم من حسابات المودعين الذين يملكون اكثر من 200 الف دولار، وما اذا كانت النسبة المعتمدة ثابتة للجميع أم متحركة بحسب حجم الحسابات، مشيرة الى أن هذا الإجراء بحال اعتماده سيطال 5 بالمئة من المودعين، الذين يملكون 80 بالمئة من الإيداعات بالدولار الاميركي، كون الذين يملكون في حساباتهم اقل من 200 ألف دولار اميركي يشكّلون 95 بالمئة من المودعين.

الى جانب هذا الخيار الذي يحمل مخاطرة أساسية هي التلاعب بسعر الأسهم بعد شرائها، وانخفاض قيمتها على غرار ما حصل في قبرص مثلا، تشير المصادر الى وجود خيارات اخرى تُدرس، أحدها تجميد الودائع بالدولار لمدة 6 سنوات، ومن ثمّ دفعها، بجزء منها، للناس ب​الليرة اللبنانية​، وجزء آخر يتحول للمشاركة بصندوق سياديّ يضم المطار والكازينو، وغيره، فيصبح المودع مشاركا بأسهم داخل هذه المرافق العامة.

كذلك هناك فكرة تُدرس، وهي أن تكون الأموال المُقتطعة بمثابة سندات دين، ولكن بحال لم يتم دفع هذه السندات عند استحقاقها، تتحوّل الى أسهم، وهذا ما يُعرف بالسند المتحوّل، ولكن بالنسبة الى هذه المصادر فإن كل هذه الإجراءات وتحديدا عملية الشراء من الداخل، لن تكفي وحدها لسدّ الفجوة القائمة في ​القطاع المالي​، ما يفرض على لبنان ضرورة الحصول على "الدولارات" من الخارج، سواء عبر ​صندوق النقد الدولي​، أو إعادة ترتيب علاقة لبنان بالدول الصديقة، أو عبر مساعدات من الدول الغربيّة. كذلك اذا كانت هذه الإجراءات هي تضحيات المودع اللبناني لحماية القطاع المصرفي، وبالتالي حماية الاقتصاد، فماذا عن تضحيات أصحاب ​المصارف​ والمصارف، فهل يُعيدون أموالهم من الخارج الى لبنان؟!.

إن عملية دمج المصارف أصبحت امراً واقعا، ولا مجال للتراجع فيه، ولكن عمليّة الإنقاذ ليست سهلة، ولن تتم "بكبسة زرّ"، وبالتالي فإنّ أي إجراء سيتمّ اتّخاذه سيكون صعبًا، ولكن الأهم في هذا كله، حماية أموال صغار المودعين الذين يشكّلون نسبة 95 بالمئة من المودعين في كل المصارف اللبنانية.