فايروس صغير قلب العالم بأسره رأسا على عقب، وقطّع اوصال دول بأكملها وحجر على شعوبها ووضعها على فوّهة بركان.. أسئلةٌ لا اجابات عليها تتردّد في أذهان الكثيرين على وجه المعمورة.." الى متى سيستمرّ هذا الكابوس؟

هل هو فايروس طبيعي؟ ام وراءه" تدخّل بشري متعمّد؟" دولٌ كثيرة وتقارير عديدة اجمعت على تأكيد التدخّل البشري في انتاج ونشر "كورونا" تماما كما أجمعت تقارير سابقة حول العالم على اتهام العنصر البشري في انتاج ونشر فيروسات سابقة ك "سارس" و"ايبولا" و" الجمرة الخبيثة" و" انفلونزا الطيور..والخنازير وغيرها..

لماذا اتهمت الصين وروسيا وايران، الولايات المتحدة بالوقوف خلف نشر "كورونا" في بلدانهم والعالم؟

هل هو اتهام سياسي بوجه العدوّ المشترك؟

أم انّ لدى الثلاثي اثباتات علميّة لا يمكن دحضها؟

ولماذا انطلق انتشار الفيروس من مدينة ووهان الصّينيّة؟ المركز الرئيسي للنّقل في البلاد؟ هل توقيت انتشاره هناك في احتفالات العام الصّيني الجديد حيث يسافر الملايين من الصّينيّين الى كلّ انحاء الصّين، وبالتالي نقل الفيروس الى كلّ مكان.. صدفة؟

وما دقّة النّظريّة التي تفيد بأنّ الفيروس هذا تمّت اختبارات تطويره في جامعة كارولينا الشماليّة بالولايات المتحدة-حسبما أكّد خبير الأسلحة البيولوجيّة فرانسيس بويل؟ مبيّنا انّ أنشطة مختبرات هذه الجامعة هي جزء من الحرب البيولوجيّة التي تتمّ فيما يُعرف بمختبرات السلامة البيولوجية من المستوى الرابع، والتي يوجد منها اثنا عشر مختبرا في الولايات المتحدة!

بغضّ النّظر عن كلّ الإتهامات بوقوف الولايات المتحدة خلف انتاج ونشر فايروس كورونا في الصّين وايران والعالم، فلا اثباتات علميّة صرفة تؤكد هذه الإتهامات حتى الآن.. ولكن حريٌّ الإشارة الى انّ طرفَين في هذا العالم إمتنعا عن الإنضمام الى اتفاقيّة جنيف، التي تُحظّر اللجوء الى الأسلحة البيولوجيّة او الجرثوميّة.. وهما الولايات المتحدة الأميركية واسرائيل.

اسرائيل، التي تمتلك معهدا للأبحاث البيولوجيّة في "نيس تزيونا" حيث تجري كلّ الأبحاث السرّية التي تتعلّق بالأسلحة الكيماويّة والجرثوميّة..لها تاريخ طويل باللجوء الى هذا السلاح الجرثومي.. كثيرون لا زالوا يذكرون كيف عمدت الى استخدامه عندما فرّ آلاف الفلسطينيّين من حيفا- بعد سقوطها في عام النكبة، الى عكا، ولاحقتهم العصابات الصهيونيّة آنذاك وعمدت الى بثّ مواد جرثوميّة في قنوات الريّ لتصيب المجاميع بحمّى التيفوئيد.

"اسرائيل ليست بعيدة عن مشاركة واشنطن في انتاج فيروس كورونا ونشره"، - هذا ما ذكره موقع " استراتيجك كالتشر فاوندايشن"، معيدا التذكير بفايروس "ستوكسنت" الذي طوّرته الحكومتان الأميركية والإسرائيليّة سرّا بين عامَي 2005 و2009 ، والذي هدف الى اختراق وإتلاف أجهزة الكومبيوتر الخاصّة بالقطاع النووي الإيراني..واعتبر الموقع انّ اكثر ما اثار الرّيبة، هو في مزاعم باحثين طبيّين "اسرائيليّين" انهم سيحصلون على لقاح ضدّ فايروس كورونا في غضون اسابيع قليلة!! متسائلا" كيف استطاع هؤلاء ان يزعموا نجاحهم في انتاج لقاح بهذه السرعة؟ هذا يقودنا الى استنتاج انّ الفايروس وعلاجه تمّ تطويرهما في وقت واحد"!

وإذ رجّح انّ فايروس كورونا لم يحدث بشكل طبيعي، بل تمّ انتاجه في المختبر كعامل للحرب البيولوجية، لم يستبعد الموقع ان تكون واشنطن هي من أوجدته ونشرته في محاولة لضرب مكانة الإقتصاد والقوّة العسكريّة في الصّين، سيّما انّ ادارة ترامب تثير باستمرار مسألة قدرة الصّين التنافسيّة العالميّة المتزايدة، التي تعدّها تهديدا مباشرا للأمن القومي الأميركي وهيمنتها الإقتصاديّة.

" إسألوا كوبا.. اميركا تعرف كيف بدأ فايروس كورونا، وهو أحد وسائل الحرب البيولوجيّة ضدّ أعدائها"..هذا ما ورد على موقع "غلوبال ريسيرش" الكندي ايضا، معتبرا انّ "كورونا" انتشر "عن قصد"، معيدا التذكير بالحرب البيولوجيّة التي شنّتها وكالة الإستخبارات الأميركية ضدّ كوبا عام 1981 عن طريق اطلاق سلالة من "حمى الضنك" وأصابت حينها اكثر من 273 الف شخص.. وإذ أكد "انّ الولايات المتحدة تعرف كيف بدأ "كورونا" وأين يذهب"، جزم الموقع انّ الحكومة الأميركية والشركات الكبرى لتصنيع الأسلحة وبقيّة المجمّع العسكري الصناعي، ليست غريبة عن الأسلحة البيولوجية التي تضيفها الى ترسانتها من الأسلحة النووية والكيميائيّة الموجودة تحت تصرّفها.

وتباعا، بادر مسؤولون وخبراء وباحثون في الأسلحة البيولوجية خصوصا في الصين وايران، الى اتهام الولايات المتحدة بالوقوف حول انتاج ونشر فايروس كورونا في بلدانهم.. مسؤولون ايرانيون وقادة في الحرس الثوري، صوّبوا سهام اتهاماتهم الى واشنطن في الهجمة الجرثومية التي باتت وباء عالميّا.. كان لافتا ما جاء على لسان امين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني " على واشنطن كشف دورها في انتاج وانتشار فايروس كورونا، بدلا من اتهام الصّين وايران".

الا انّ الأبرز كمن في ما دوّنه المتحدث باسم الخارجيّة الصّينيّة ليجيان تشاو الخميس الماضي على موقع "تويتر"، متهما الجيش الأميركي "بجلب فايروس كورونا الى مدينة ووهان الصّينيّة".. التغريدةٌ التي جذبت وسائل الإعلام العالميّة ألحقت سريعا بتقرير عرضه تلفزيون "اساهي" الياباني، مفاده "انّ وفدا عسكريا اميركيا شارك في الألعاب العسكرية العالمية التي جرت في مدينة ووهان في شهر تشرين الأول المنصرم، وربما يكون هذا الوفد قد حمل معه الفايروس الى المدينة"!

فهل يرتبط هذا الإتهام للولايات المتحدة بنشر كورونا في ووهان، بأنّ هذا الفايروس كان منتشرا اصلا في الولايات المتحدة قبل الصين دون الإعلان عنه؟ سيما انه طيلة الشهور الماضية انتشرت موجة ضخمة قيل إنها إنفلونزا عادية وأصابت ملايين المواطنين الأميركيين وتسبّبت بعشرات الآلاف من الوفيات، لتكشف بعدها العديد من التقارير الأميركية انّ هذه الوفيات كانت بسبب فايروس كورونا وليس الإنفلونزا العاديّة المعروفة!

ولماذا تمّ اغلاق مختبر فورت ديتريك للأبحاث على الجراثيم والفايروسات التابع للقيادة الطبيّة في الجيش الأميركي، في فريدريك-ماريلاند نهاية شهر كانون الثاني الماضي؟..ناشطون اميركيون كانوا نشروا حينها عريضة على الموقع الإلكتروني للبيت الأبيض، طالبوا فيها بتوضيحات حول السبب الحقيقي لإغلاق المختبر المذكور، وما اذا كان لإغلاقه علاقة بتفشي فايروس كورونا. وأرفقوا استيضاحاتهم بسؤال" هل غطّت السلطات الأميركية وفيات الآلاف بسبب هذا الفايروس وأدرجتها في خانة الوفاة بالإنفلونزا العادية"؟

هنا وجب التذكير بمقال كانت نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، في الخامس من شهر آب الماضي تحت عنوان" وقف أبحاث الجراثيم المميتة في مختبر للجيش".. في هذا السياق، نقل موقع "غلوبال تايمز" الصيني عن خبراء صينيّين، توقفهم عند ورقة بحثيّة كان موقع مجلّة "نيتشر" العلميّة قد نشرها علم 2015 ، وفيها " انّ مجموعة من العلماء نسخوا نوعا من فايروسات كورونا بالتعاون مع الجيش الأميركي "!

يذهب مؤيّدو نظريّة الحرب البيولوجية ووقوف واشنطن خلف نشر فايروس كورونا ابعد من ذلك.. ثمّة تقارير لدبلوماسيّين غربيين اجمعوا على انّ نشر الوباء كان الهدف منه توجيه صفعة مدويّة للإقتصاد الصيني، الا انّ ما حتّم "توقيت" اللجوء اليه،"يكمن بالخطر الشديد الذي بات يهدّد المصالح والقواعد العسكرية" الأميركية في المنطقة والعالم بعد " زلزال" اغتيال اللواء قاسم سليماني، سيّما بعد اولى الردود الإيرانية على اغتياله، بقصف قاعدة عين الأسد وسقوط المئات من قتلى الجنود الأميركيين الذين لا زالت واشنطن تتكتّم حتى الساعة ازاء أعدادها الحقيقية، ولتليها ضربة جاءت أعنف منها، عبر تصفية المخطّط لملف اغتيال سليماني مع مجموعة من كبار ضباط الإستخبارات الأميركية بإسقاط طائرتهم في ولاية غزنة الأفغانية، على ان يتكفّل محور المقاومة البدء بمرحلة استهداف القواعد والجنود الأميركيين في المنطقة وإرجاعهم "أفقيا" الى بلادهم- حسبما جاء على لسان الأمين العام لحزب الله، مُعلنا عن "عالم آخر" بعد اغتيال سليماني.

فهل تمّ اتخاذ قرار اللجوء الى الحرب البيولوجية وانهاك ايران تحديدا من الداخل والهائها بهذا الوباء الذي بات يهدد حياة الملايين من مواطنيها، بديلا عن مواجهة عسكرية كبرى محفوفة بالمخاطر؟ وبنفس الوقت "يُدمّر" الإقتصاد الصيني لتعود اليد الإقتصادية الأميركية هي الطولى في العالم دون منازعة التنين الأصفر الشرسة؟

ولكن.. جاءت رياح "كورونا" بما لا تشتهي سفن ترامب.. بعد طول انكار و"تسخيف" لخطر الوباء على بلاده..بدأ يشعر جدّيا بالخوف من تهديد كورونا على رئاسته، فالمؤكد انّ هذا الفايروس سيكون اللاعب الأبرز في الإنتخابات الرئاسية القادمة، سيما بعدما ظهر واضحا الضعف وسوء الأداء في احتواء الفايروس.. لعلّ التوصيف الأبرز لما سيكون عليه حال ترامب اذا استمرّت الأوضاع على ما هي عليه، جاء في طيّات صحيفة "ذي نيو ريبابليك" الأميركية:

" لربما هو الكابوس الأخطر الذي لم يحسب له ترامب حسابا.. وسيدمّررئاسته"!

في المقابل، واجهت الصّين "الهجوم الجرثومي" بشراسة وابداع جذبا اهتمام العالم، وحاصرته في فترة زمنيّة قياسية، وتحرّكت بسرعة لتستفيد من ثغرات الأخطاء الأميركية وتملأ الفراغ.. ومدّت يد العون لإنقاذ من يُفترض ان تُعينهم اميركا.. نجحت الصّين وبشهادة القاصي والداني في مقارعة الوباء حيث فشلت الولايات المتحدة.. اين ستكون الصين في عالم ما بعد كورونا؟..

المؤكدّ انّ كورونا سيُعيد تشكيل عالم آخر لن يكون حكما كما قبله..وتداعياته ستكون الأخطر على القارة العجوز..وعلى الولايات المتحدة نفسها.. حيث لم يعد الأمر الخطير يقتصر على هشاشة المنظومة الصحية وسوء ادارة مكافحة الفايروس الذي بات يجتاح ولايات بأكملها مقابل عجز واضح في لجم تمدّده، الأخطر هو هرولة اعداد هائلة من الأميركيين الى اقتناء السلاح بشكل غير مسبوق نتيجة انعدام الأمان وعدم الثقة بإدارتهم بعد انفلاش كورونا .. الى ماذا يؤشّر ذلك؟

لربما وجب العودة الى ما كان موقع "غلوبال ريسيرش" قد رجح حصوله في فترة غير بعيدة في الولايات المتحدة الأميركية،" التي ستفتك في غالبيتها الفوضى العارمة جرّاء تفلّت السلاح في ايدي الجميع.. اميركا هذه لن تكون ابدا كما هي اليوم"- وفق اشارته.