سألت مصادر سياسية عبر صحيفة "الشرق الأوسط" عن الأسباب التي لا تزال تحول دون إعلان ​حالة الطوارئ​ وفرض حظر التجوّل على ال​لبنان​يين والمقيمين بغية تدارك انتشار ​فيروس كورونا​ باتجاه مناطق جديدة، كاشفة عن أن "إلحاح رئيس ​المجلس النيابي​ ​نبيه بري​ على إعلان حالة الطوارئ، كان موضع بحث بينه وبين رئيس ​الحكومة​ ​حسان دياب​ الجمعة الماضي، أي قبل أن يوجّه الأخير رسالته إلى اللبنانيين".

ولفتت المصادر الى أن "دياب أبلغ بري بأنه سيتشاور مع ​رئيس الجمهورية​ ​ميشال عون​ في إعلان الطوارئ، لكن يبدو أن الأخير لم يحبّذ اتخاذها، ربما لأسباب ما زالت غير معروفة حتى ​الساعة​"، مشيرة الى أن "تريُّث عون حيال إعلان الطوارئ عكسه دياب في رسالته إلى اللبنانيين التي طلب فيها من الجيش و​الأمن العام​ و​أمن الدولة​ التشدُّد في منع المواطنين من مغادرة منازلهم، إلا في الحالات الطارئة".

وأكدت أنه "لم يسبق ل​قيادة الجيش​ أن طرحت في كل الاجتماعات، مباشرة أو مواربة، إعلان الطوارئ مع أن قوى أساسية في الموالاة والمعارضة ترى أنه لا بد من فرضها"، معتبرة أن "ما يهم هذه القوى الوصول وبأقصى سرعة لإعلان التعبئة العامة، ولا مجال لاستحضار الخلاف أو الدخول في لعبة المبارزة لتسجيل النقاط أو الانزلاق باتجاه تصفية الحسابات؛ لأن هذا العدو لا يميّز بين حزب وآخر، أو يستهدف ​طائفة​ معينة في لبنان بمقدار ما أنه يهدد وجود اللبنانيين، وهذا ما يتطلب الترفُّع عن المهاترات والحسابات الضيقة وصولاً إلى تأمين الحد الأقصى من التدابير الوقائية التي لن تكون إلا بإعلان حالة الطوارئ لمنع هذا الفيروس القاتل من الاستمرار في التنقل على الطرقات مع المصابين الذين يرفضون حتى الساعة أي شكل من أشكال ​الوقاية​ الذاتية بدءاً بلجوئهم إلى تدبير العزل الذاتي في منازلهم أو التوجّه إلى ​المستشفيات​ ذات الاختصاص لتلقي العلاج".

وسألت المصادر: "هل البديل يكمن حالياً في دعوة ​وزير الصحة​ ​حمد حسن​ المواطنين بعدم الهلع، أم في عدم المبادرة فوراً إلى استيراد ​المستلزمات الطبية​ والمخبرية بسبب الاستسلام للبيروقراطية التي ما زالت تحاصر معظم الإدارات والمؤسسات الرسمية بدلاً من أن يصار إلى تخطي كل ما يعيق الإسراع في استيرادها؟"، مشددة على أن" لبنان يمر حالياً في مرحلة دقيقة وشديدة الخطورة غير تلك التي كانت قائمة قبل أن يغزوه فيروس كورونا، وبالتالي من غير الجائز التعامل مع مكافحته والحد من انتشاره وتطويقه انطلاقاً من تمسك البعض بحسابات سابقة لا جدوى منها في الوقت الحاضر وكأن ​انتخابات​ ​رئاسة الجمهورية​ باتت على الأبواب".

ورأت أن "الجهود يجب أن تتضافر لخوض هذه المعركة الوجودية بتوفير شبكة أمان سياسية وأمنية من شأنها أن تبقي على البلد وتحميه، وبعدها لكل حادث حديث"، متسائلة: "ما النفع إذا كان البعض لا يزال يتعامل مع هذا العدو من زاوية ضيقة بدلاً من أن يبادر إلى مراجعة حساباته بدءاً بترحيل الخلافات إلى حين محاصرته والتخلص منه؟ وإلا على ماذا ستختلف القوى السياسية في حال أن البلد لم يتمكن من ​القضاء​ عليه؟".

وأشارت المصادر الى أنه "لا مبرر لمخاوف البعض في حال التوافق على إعلان حالة الطوارئ، بدلاً من الاكتفاء كما تدعو الحكومة بالتعبئة العامة"، معتبرة أن "مخاوفهم غير مشروعة بذريعة أن الإمرة ستكون لقيادة الجيش التي تشكل رأس حربة بالتعاون مع ​القوى الأمنية​ الأخرى لرفع منسوب الإجراءات والتدابير للتصدي لانتشار كورونا".

وشددت على أن "تأييد بري إعلان حالة الطوارئ يلقى استجابة من قوى المعارضة، وسط معلومات عن ان ​الرئيس عون​ لا يحبذها"، متسائلة: "ما إذا كان تريّث عون في إعلانها بدعوة ​مجلس الوزراء​ للانعقاد في هذا الخصوص، يتقاطع مع عدم وجود حماسة لدى "حزب الله" الذي لا يزال ينأى بنفسه عن الخوض في هذه المسألة، مع أن البعض يتوقع بأنها ستفرض نفسها على الحكم والحكومة من خارج جدول أعمالها".

وعزت المصادر السبب إلى أن "إنقاذ البلد من هذا العدو يستدعي إعلان حالة الطوارئ، ولا مكان للاعتبارات الأخرى التي تدعو البعض إلى عدم موافقته على إعلانها"، وسألت: "هل الأولوية يجب أن تركّز على استحضار الخلافات بدلاً من تفعيل الإجراءات والتدابير للعبور باللبنانيين إلى بر الأمان؟".

ورأت أن "إعلان حالة الطوارئ بات مطلباً للسواد الأعظم من اللبنانيين، مدعوماً من قوى سياسية أساسية، وبالتالي لا علاقة لقيادة الجيش بها، والأسباب الموجبة لها تقوم على إنقاذ البلد، ويخطئ من يعتقد بأن ​المؤسسة العسكرية​ ستستفيد منها لوضع يدها على البلد"، مؤكدة أن "مثل هذا الاعتقاد ما هو إلا استخفاف بعقول اللبنانيين الذين ينظرون إلى دور المؤسسة العسكرية على أنها حامية للاستقرار، وأن تكليفها بهذه المهمة هي لأسباب صحية واجتماعية، وإن كان من يتخوف من دورها المستجدّ ينطلق من هواجس غير مشروعة حيال قائد الجيش العماد جوزف عون الذي اجتاز أكثر من اختبار منذ تعيينه على رأس المؤسسة العسكرية لقي ارتياحاً لدى غالبية اللبنانيين باستثناء الطامحين ممن لديهم طموحات رئاسية".