سمحت أزمة تفشي ​فيروس كورونا​ المستجد في ​لبنان​، بما شكلته من تحد على المستوى الوطني، في بروز عدد من الوزراء، لا سيما ​وزير الصحة​ العامة ​حمد حسن​، الذي أظهر قدرة كبيرة في إدارتها بالرغم من بعض الانتقادات التي توجه له، بعضها بنّاء يمكن الاستفادة منه لتحسين العمل، بينما معظمها يأتي في سياق المزايدات السياسية التي لا تقدم أو تؤخّر في مثل هذه المرحلة.

في المقابل، سمحت هذه ​الأزمة​ في التغطية عن تراجع الآمال التي كانت معلّقة على وزراء آخرين، أبرزهم وزير الماليّة العامة ​غازي وزني​، الذي كان ينظر إليه على أساس أنه يمثّل تجربة التكنوقراط، خصوصاً أنه يأتي من خلفية اقتصاديّة وماليّة بارزة، كان من المتوقع نجاحها من وجهة نظر الكثيرين، إلا أنّ الأداء، على الأقل حتى الآن، لا يوحي بذلك، الأمر الذي يُفسر امتعاض المرجعيّة السياسية التي سمّته، وهو ما تمّ التعبير عنه في أكثر من مناسبة، بشكل مباشر أو غير مباشر.

منذ اللحظة الأولى لتشكيل ​الحكومة​ الحاليّة، كان من المتوقع أن تسلّط الأضواء على وزير الماليّة، في ظلّ الأزمة الاقتصاديّة والماليّة التي تشهدها البلاد، مع ما تحمله من تداعيات على المستوى الاجتماعي، إلا أن وزني كان في كل مرة يطل بها على اللبنانيين يثير موجة كبيرة من التساؤلات، كان أبرزها في اليوم الثاني لولادة الحكومة، عندما أعلن أنّ من المستحيل عودة سعر صرف ​الدولار​ الأميركي، مقابل ​الليرة اللبنانية​، إلى ما كان عليه قبل السابع عشر من تشرين الأول الماضي.

في السياق نفسه، تشير مصادر متابعة، عبر "النشرة"، إلى أنّه يسجل على وزير الماليّة الحالي تردّده في معظم الأحيان، حيث لا يلبث أن يطرح فكرة حتى يعود عنها لاحقاً، بدليل اضطراره الدائم إلى توضيح التصريحات الصحافيّة التي يدلي بها، في حين أن التباس على هذا الصعيد من الممكن أن يكون له تداعيات كارثيّة، كما حصل قبل أيام عندما نقلت عنه صحيفة "الفاينانشال تايم" كلاماً عن التفكير في "استخدام أموال المودعين لإنقاذ ​المصارف​ المتضرّرة من الأزمات كجزء من إصلاح شامل للقطاع"، حيث عاد ليؤكد أنّ "سياسته تقتضي بالحفاظ على هذه الأموال باعتبارها حقّا مقدساً".

وترى هذه المصادر أنّ هذا التوضيح جاء، على الأرجح، بعد ضغط من المرجعيّة السّياسية التي سمّته، حيث بدأت بعض الأوساط المقرّبة منها بالترويج لمعلومات عن عدم الرضا عن أدائه، خصوصاً أنّها تراه يعبّر عن سياسات مختلفة عن تلك التي تتبنّاها، وتعطي مثالاً على ذلك مشروع قانون "الكابيتال كونترول"، ففي الوقت الذي يعتبر وزني أبرز العاملين على صياغته، يُصرّ رئيس المجلس النّيابي ​نبيه برّي​ على التأكيد، بشكل شبه يومي، أن هذا الموضوع غير وارد بالنسبة إليه، ما يدفع بالكثيرين إلى طرح علامات استفهام حول هذا التناقض، لا سيّما أنّها ليست المرّة الأولى التي يحصل فيها هذا الأمر، وتذكر بما حصل خلال مرحلة ​النقاش​ في القرار الواجب اتّخاذه بالنسبة إلى استحقاق التاسع من آذار من سندات اليوروبوندز.

في هذا الاطار، يكثر الكلام، في الوقت الراهن، عن إجراءات من المفترض أن تذهب إليها الحكومة في المرحلة المقبلة، لا تزال في اطار تبادل الأفكار والنقاشات بين مختلف الأفرقاء، إلا أنّ المصادر نفسها تعيد التأكيد بأنّ وزني لا يعبّر عن وجهة نظر واضحة، حيث باتت توجّه له اتّهامات بأنّه يقع بين حدّي نهجين مختلفين: الأول يمثّل وجهة نظر ​مصرف لبنان​ والمصارف الخاصة، أما الثاني فيمثّل وجهة نظر الفريق السياسي الذي يُحسب عليه، متسائلة "عن أيّ وجهة نظر سيعبّر ​وزير المالية​ في المشاكل المقبلة"؟.