وأَخيرًا، أَبصرت الحلقة الأُولى من حلقات ​وزارة​ التَّربية للتَّعلُّم عن بُعدٍ، عبر "تلفزيون لُبنان"، الرَّابعة بعد ظُهر الأَحد الماضي، واستمرَّت 29 دقيقةً شرحًا ووظيفةً تعلُّميَّة.

الحلقة عرضت لحصَّةٍ في مادَّة الفيزياء مُخصَّصةٍ لمُتعلِّمي الصَّفِّ الثَّانويِّ الثَّالث–عُلوم حياة، باللُّغة الانكليزيَّة، وقد أَبصرت النُّور خلال ولادةٍ قيصريَّةٍ سبقها تردُّدٌ كبيرٌ وأَسئلةٌ أَكبر:

*لماذا لا نعتمد التِّلفزيون وسيلةً، وبخاصَّةٍ لأَبناء ذوي الدَّخل المحدود مِن اللُّبنانيِّين، والَّذين لا قدرة لهم على الاشتراك في "خدمة الإِنترنت"، كما ولا تُقدِّم إِليهم مدارسهم خدمة الـ "أُون لاين"؟ (النَّائب الدُّكتور إِدغار طرابلسي).

*ولماذا لا نعتمد "الإِنترنت" وسيلةً للتَّعلُّم عن بُعدٍ؟ (النَّائب بهيَّة ​الحريري​).

*هل "المركز التَّربويُّ للبُحوث والإِنماء" مهيَّأٌ لما قد يُطلب منه تربويًّا؟ وبالتَّالي هل يمتلك "الخطَّة باء" لحال الأَزمات... ومِنها الكورونيَّة؟ (سُؤَالان اثنان لوزارة التَّربية).

... إِلى أَن بتَّ ​مجلس الوزراء​ هذه المُعضلة، بإِقرار بثِّ "حلقات تعلُّمٍ عن بُعدٍ" تلفزيونيًّا، بالتَّعاون بين وزارات التَّربية والتَّعليم العالي، والإِعلام والاتِّصالات، وقد بات السُّؤَال يُوجَّه هذه المرَّة إِلى التَّربويِّين:

*كيف تُقيِّمون الحلقة الأُولى من التَّعلُّم التِّلفزيونيِّ؟ وهل هذا فعلاً ما يحتاج إِليه المُتعلِّمون؟ وهل هو كافٍ لقطاعٍ تعلُّميٍّ زاد "​فيروس كورونا​ المُستجدّ" من الأَيَّام غير المُجدية في رُزنامته؟

لا بُدَّ من الإِشادة أَوَّلاً بأَداء الأُستاذ الَّذي تطوَّع لشرح الحصَّة، والإِشادة أَيضًا باعتماده وسائِل التَّعلُّم المُتطوِّرة (اللَّوح التَّفاعُليّ)، والتَّسلسُل في الشَّرح، ترابُط الأَفكار...

وليْت حصَّة الثَّانوي الثَّالث المُشار إِليها، قد استُتْبعَت بحصَّةٍ مِن 29 دقيقةً أَيضًا، تُخصَّص هذه المرَّة لمُتعلِّمي الأَساسيِّ التَّاسع، على أَنْ يتمَّ لاحقًا التَّعليم التِّلفزيونيّ وَفق جدولٍ تتناوب على تقديمه كلُّ الشَّاشات التِّلفزيونيَّة العاملة في لُبنان، وَفق برنامجٍ يبدأُ بمحطَّةٍ تلفزيونيَّةٍ مُنذ العاشرة صباحًا، ويُستَكمَل طوال النَّهار، بمُعدَّل حصَّتين اثنَتين لصفَّين مُختلفين في كلٍّ مِن هذه المحطَّات التِّلفزيونيَّة، وبموجب جدولٍ يُوزِّع تباعًا هذه "التَّغطية التَّعليميَّة"، تمامًا كما يُجرى في برامج التَّغطية التِّلفزيونيَّة لمُباريات "كأْس ​العالم​" في كُرة القدم، ولكن بالتَّنسيق بين مجموعة محطَّاتٍ تلفزيونيَّةٍ...

كما ولا بُدَّ مِن الإِشادة أَيضًا باستتباع الشَّرح الَّذي حصل في الحصَّة الأُوْلى المُشار إِليها، بـ"واجبٍ" على المُتعلِّم القيام به، لمُناقشته في الحصَّة المُقبلة، وهذا ما كُنت رفعتُه باسم وزارة الإِعلام، وبتكليفٍ من معالي الدُّكتورة منال عبد الصَّمد نجد، على القيِّمين على المشروع في وزارة التَّربية، المشكورين لأَخذهم في الاعتبار الكثير من النِّقاط المرفوعة.

ولكن يُمكن أَيضًا استكمال هذه الخُطوة، بإِشراك ​المدارس​ بهذه الورشة التَّربويَّة، من خلال مُتابعة تجاوب مُتعلِّميهم مع "مشروع التَّعلُّم عن بُعد". فمن أَكثر مِنهم معرفةً بالمُتعلِّم وبمُستوى أَدائه التَّعلُّميِّ؟ فلنُحدث لكُلِّ صفٍّ مدرسيٍّ، شبكة "تواصلٍ واتسأبيٍّ" مع مُعلِّميه، وبذلك تتضافر المجهودات التَّعلُّميَّة وتتوافر لها كلُّ مُسبِّبات النَّجاح، وبالوسائِل الإِعلاميَّة المُتعدِّدة، والمُتابعة الحثيثة، تُحقَّق الأَهداف التَّربويَّة!.

ومِن النِّقاط الَّتي أَوصينا بها أَيضًا في وزارة الإِعلام، التَّركيز في الشُّروح ووسائِل العرض التِّلفزيونيِّ - وحيث أَمكن ذلك - على تعزيز الثَّقافة العامَّة لدى المُتعلِّمين، ونشر القيم الإِنسانيَّة، في أُسلوبٍ شيِّقٍ يختلف عن برامج التَّعلُّم عن بُعد العاديَّة، والعمل على خلق جوٍّ تفاعُليٍّ–تنافسيٍّ بين المُتعلِّمين مِن كُلِّ ​لبنان​، بالتَّعاون مع المدارس المعنيَّة، أَرسميَّةً كانت أَم خاصَّةً... إِذ في مقدور المشروع، إِذا ما نُفِّذ في عنايةٍ، أَنْ يستحدث منصَّةً علميَّةً عبر التِّلفزيون، تجمع مُختلف المُتعلِّمين، حول الاستحقاق التَّربويِّ المُنتظر، والمقصود به الامتحانات الرَّسميَّة الَّتي تُشدِّد وزارة التَّربية على إِجرائها على رُغم كُلِّ الظُّروف...

بالنَّظر إِلى التَّعقيدات والعقبات الَّتي سبقت القرار الحكوميّ الشُّروع في تسجيل الحلقات التَّعلُّميَّة–التَّربويَّة، فإِنَّ ​الولادة​ كانت قيصريَّةً، لا بل إِنَّ المولود السُّباعيَّ ما سمح له الوقت بالإِفادة مِن جهاز الحاضنة، غير أَنَّ وسط هذه الظُّروف، لم يكن من المُمكن الإِتيان بأَفضل مِن هذا المولود!.