منذ أيام توفي لبناني مغترب في غانا بسبب إصابته بفايروس "كورونا"، الأمر الذي يفتح الباب على تساؤلات واسعة حول مصير المغتربين اللبنانيين في الخارج في زمن "الفايروس"، من ​أوروبا​ الى ​الولايات المتحدة الاميركية​، ثم آسيا وأخيرا أفريقيا.

إنتشر الوباء في قارة أوروبا بشكل سريع وغير متوقع، ولكن في بداية الانتشار تعاطى سكان القارة العجوز مع المسألة باستخفاف، على اعتبار أن هذه الدول المتقدمة تمتلك نظاما صحيّا متطورا. من هنا ظنّ ​اللبنانيون​ هناك بداية أنه من حُسن حظهم تواجدهم في أوروبا خلال هذه الأزمة، ولكنهم اليوم باتوا يظنّون العكس بحسب مصادر مطّلعة.

تشير المصادر عبر "النشرة" الى أن اللبنانيين بأوروبا ينقسمون الى قسمين، عائلات، وهم يعيشون اليوم بظروف مقبولة الى حدّ ما، داخل منازلهم وضمن سياسة الحجر المتبعة من قبل الحكومات، وطلّاب، وهم يعانون الامّرين منذ ما قبل أزمة "​الكورونا​" وتحديدا منذ بدء أزمة المصارف في لبنان. وتضيف: "الطلاب اليوم لا يملكون المال، ويعيشون ضمن مساكن مشتركة تصعّب عليهم عملية الحجر المنزلي السليم، ولا يستطيعون العودة الى لبنان بسبب إقفال المطارات، ويعتمدون على مساعدات يحصلون عليها من قبل جمعيات اهلية لبنانية"، مشددة على أن هذا الواقع الصعب دفع هؤلاء للتفكير بترك دراستهم والعودة الى بيروت.

اما في الولايات المتحدة الاميركية، فالأمر بالنسبة للبنانيين أفضل بقليل، ولكن رغم عدم انتشار الوباء بمناطق تواجد اغلب اللبنانيين الا أنهم يشعرون بقليل من الخوف بسبب الانتشار السريع للكورونا، ونفس الامر ينطبق على المغتربين في الدول العربية والأسيوية، ولكن الأزمة الكبرى هي تلك التي تواجه المغتربين في القارة السمراء.

تكشف المصادر أن اللبنانيين في القارة الإفريقية يعيشون حالة رعب حاليا، لانه، باستثناء دولة ​جنوب أفريقيا​، لا يوجد أي نظام صحّي فعّال فيها، ومعروف أنّ اللبناني اذا أراد إجراء عملية طبية بسيطة، يعود الى لبنان لإجرائها، وهم يخشون اليوم انتشار الوباء بسرعة، خصوصا وأن شروط الانتشار متوافرة، مع عدم تمكنهم من العودة الى لبنان.

وفي هذا الإطار تشير المصادر الى أن الجاليات اللبنانية بأفريقيا شكّلت لجان مختصة لتتابع أحوال أبناء الجاليات، بشكل يضمن حصول أي لبناني يشعر بعوارض معينة على عناية طبية من احد الاطباء اللبنانيين هناك، في منزله اولا، ومن ثم نقله الى مستشفى، موثوق الى حدّ ما، لعلاجه، ولكن وبحسب مصادر مطلعة على شؤون الجاليات اللبنانية في أفريقيا، فإن المغتربين اللبنانيين في القارة السمراء ينتظرون بأغلبهم إعادة ​مطار بيروت​ الى العمل للعودة.

وتضيف المصادر عبر "النشرة": "منذ 15 يوما لم يكن الوضع خطيرا، ولكن نحن على ثقة بأن الوباء ينتشر ولكن القدرة على معرفة مدى انتشاره غير متوافرة، وبالتالي فإن الوضع أصبح خطيرا، لذلك تشكلت اللجان لمتابعة اوضاع اللبنانيين، خصوصا بظل الغياب الكامل لأي خطّة حكومية رسمية تواكبنا في مناطق وجودنا"، مشيرة الى أننا نقلنا صرختنا الى رئيس المجلس النيابي ​نبيه بري​ الذي وعد بمتابعة أوضاعنا لأجل ضمان عودة من يرغب الى لبنان، خصوصا وأن انتشار المرض يعني توقف الأعمال والحياة، ممّا سيفتح الباب واسعا أمام الأعمال الامنية والسرقات، الأمر الذي بدأت تباشيره امس في كينشاسا.

إن أصداء صرخة المغتربين وصلت بحسب ما علمت "النشرة" الى عين التينة، فتحرك رئيس المجلس نبيه بري بشكل عاجل، وعقد لقاء مع رئيس الحكومة ​حسان دياب​، منذ قليل، أفضى الى ما ورد في البيان الذي صدر عن الاجتماع، والذي أكد توجّه الحكومة لإعداد خطة تناسب أحوال المغتربين.

إن صعوبة الأزمة التي يمرّ بها العالم تفرض تضافر كل الجهود، الرسمية والحزبية والاهلية لضمان صحة وسلامة اللبنانيين في لبنان والخارج، فهل نشهد ولادة خطّة تُعنى بأحوال المغتربين قريبا؟.