كل ما إنتشر ​فيروس كورونا​ أكثر فأكثر في دول العالم، وكل ما حصد المزيد من الضحايا والمصابين، كل ما إزدادت أصوات اللبنانيين، وأكثريتهم من الطلاب، المطالبين بالعودة الى بلدهم حيث عدد الإصابات والوفيات لا يزال مقبولاً مقارنةً مع الدول الأوروبية و​الولايات المتحدة الأميركية​. إنسانياً وقانوناً، يجب على ​الحكومة اللبنانية​ أن تبذل المستحيل لإعادة من يريد من رعاياها الى لبنان، ولكن هل هذه الإعادة ممكنة في هذا الظرف الحرج الذي تعاني فيه دول العالم وليس فقط لبنان؟.

تجيب المصادر المتابعة لهذا الملف بالقول، "ما يطلبه ​اللبنانيون​ في الخارج هو من الأمور شبه المستحيلة راهناً ولأسباب منها ما هو يتعلق بوضع لبنان، ومنها ما هو خارج عن الإرادة اللبنانية، ولذلك قررت الحكومة في جلستها الأخيرة تأمين كل ما يلزم لهؤلاء من مساعدات ماليّة عبر السفارات ومن تسهيلات على صعيد التحويلات الماليّة لهم من لبنان، كل ذلك بهدف إبقائهم حيث هم". في الأسباب الخارجة عن الإرادة اللبنانية، تشير المعلومات الى أن فحص الـPCR غير متوفّر في كل الدول، وبالتالي يمنع على أي مسافر صعود ال​طائرة​ من دون إجراء هذا الفحص، وهذا ما عانت منه السلطات اللبنانية في بعض الدول قبل إقفال ​مطار بيروت​، ولهذا السبب ألغيت رحلات عائدة الى لبنان ومنها واحدة من إيطاليا". أما فيما يتعلق بالوضع اللبناني، فيقول مصدر وزاري بارز، "إن لبنان غير قادر على فتح هذا الباب على نفسه لأنّ المسألة ليست مسألة طلاب فقط، فهناك عدد كبير جداً من اللبنانيين الراغبين بالعودة وأعدادهم بعشرات الآلاف، وبالتالي ليس من السهل إعادة هذه الأعداد في زمن مطارنا فيه مقفل وتمديد الإقفال محسوم وسيعلن في الساعات القليلة المقبلة. أضف الى ذلك، وحتى لو إفترضنا أن هؤلاء اللبنانيين غير مصابين بفيروس كورونا، عملية إنتقالهم الى لبنان ستعرضهم بالتأكيد لخطر نقل العدوى، كيف لا وهناك الأعداد الكبيرة منهم قد تحتاج الى طائرتين وليس لواحدة فقط، للوصول الى بيروت من حيث هم، وعندما نتحدث عن عودة بأعداد كبيرة يعني أن الطائرات ستقل الكثيرين، وقد تتحول إصابة واحدة داخل طائرة ممتلئة بالركاب الى كارثة.

خير دليل على أن الحكومة اللبنانية غير قادرة راهناً على إعادة اللبنانيين الراغبين بالعودة الى بلدهم، في المعلومة التالية، تخيّلوا مثلاً أن دولاً أوروبية عدة إقترحت على لبنان عبر السفارات، إصدار عفو عن سجناء لبنانيين بجرائم مخدّرات وشيكات بلا رصيد وغيرها من الجرائم شرط أن تعيدهم السلطات اللبنانية الى بيروت فوراً كل ذلك بهدف التخفيف من الإكتظاظ في السجون الأوروبية، وتخيلوا أن لبنان لم يتجاوب مع هذه الإقتراحات إيجاباً لأنه غير قادر على تنفيذها راهناً، خوفاً من رفع عدد الإصابات في لبنان بسرعة وإنهيار المنظومة الطبية الحكومية والخاصة.

حتى خلال لقاء رئيس الحكومة ​حسان دياب​ برئيس مجلس النواب ​نبيه بري​، لم يكن الرجلان حاسمين لناحية إعادة اللبنانيين، بل كان تشديد على ضرورة مساعدتهم خصوصاً في ظلّ أزمة السيولة التي تعاني منها الدول الأوروبيّة بعد إقفال ​المصارف​.

قضيّة لبنانيي الخارج المصرّين على العودة السريعة هرباً من وباء كورونا ستبقى مطروحة على طاولة ​مجلس الوزراء​، المساعدات ستتأمن بالتأكيد لهم، لكن عودتهم ستبقى من الأمور المستبعدة أقلّه في المدى المنظور أي بمعنى آخر الى حين أن يتضح المسار الذي سيتخذه إنتشار الفيروس في لبنان.