مع حالة التعبئة العامة التي اعلنها ​مجلس الوزراء​ سابقاً وعمل على تجديدها بالامس، بقيت الامور محصورة بهذا الوباء، نظراً الى خطورته اولاً، والى انه وباء عالمي يستحوذ على اهتمام وتركيز كل الدول والشعوب على حد سواء ثانياً. ويبدو ان الحكومة استغلت تداعيات ​كورونا​ خير استغلال، فأرجأت مرة تلو الاخرى، اتخاذ قرارات مهمّة بالنسبة الى الشؤون ​المال​ية والاقتصادية، والبحث في موضوع التعيينات وفي مقدمها تلك المتعلقة بنواب حاكم مصرف ​لبنان​. لا يمكن لاحد ان يلوم الحكومة على عدم اتخاذها القرارات الخاصة بالمسائل الاخرى، ولكن الخوف هو ان تبدأ باتقان فن المماطلة والتأجيل، وهو امر يجب الابقاء عليه قيد المراقبة خلال الاسابيع المقبلة. وما عزا هذه المخاوف، هو تكليف وزير المال و​مصرف لبنان​ (اي الحاكم) وغيرهما "بعملية تدقيق محاسبيّة مركّزة، من شأنها ان تبيّن الأسباب الفعلية التي آلت بالوضعين المالي والنقدي إلى الحالة الراهنة"، وهو بحد ذاته مثير للريبة والمخاوف لانّ التعاطي مع هذه الامور لم يوصلنا مرة الى الخواتيم المرجوة، والتكليف يحمل بذاته عوامل تفجيره لانه يطال فترة ماضية قد تطول وتقصر على قدر الرغبة في ذلك، اي بمعنى آخر قد ننتظر اشهر وسنوات طويلة قبل ان نأمل بتحديد الاسباب، ناهيك عن المخاطر الكبيرة المترتبة على ذلك لجهة تحديد الاشخاص والاحزاب والشركات و... لانه عندها من المفترض ان نصل الى مرحلة الملاحقات والدعاوى والاحكام.

ما يمكن استخلاصه من القرارات الرسمية الصادرة عن المجلس بالامس، هو انه في ما خص وباء كورونا، ستبقى الاجراءات نفسها مع ميل الى التشدد اكثر فيها لجهة حصر الناس في منازلهم بصورة متصاعدة، في محاولة مستمرّة لعدم الوصول الى نقطة اللاعودة في المعركة التي تخاض، على غرار دول اخرى اكانت اقليمية او دولية. من الطبيعي ان يرتفع عدد المصابين مع مرور الوقت، ولكن من المهم ابقاء مصادر الاصابة قيد المراقبة ومعرفتها تماماً، ما يساعد على محاصرة حلقة المصابين او المعرضين للاصابة. وفي حال نجحت الحكومة في تأمين مساعدات غذائيّة لمحتاجيها في وقت قريب، وايجاد الحلول اللازمة لمعاناة اللبنانيين العالقين خارج لبنان، فهذا امر يسجّل لها خلال هذا الظرف العصيب والدقيق، اضافة الى اجراءات اخرى ايجابية كانت اتخذتها في مواجهة كارثة كورونا، مع خطوات تجهيز المستشفيات الرسمية ومساعدة الخاصة منها قدر الامكان على استقبال اعداد من المرضى عندما تدعو الحاجة.

اما موضوع اعلان حالة الطوارىء في البلاد، فكان المجلس اكثر وضوحاً تجاهها، ولو انه لم يعلنها بشكل مباشر، انما كلام رئيس مجلس الوزراء ​حسان دياب​ خلال الجلسة والذي تم توزيعه، كفيل بتأكيد عدم وجود اي نية للوصول الى هذا الحد. وهو وان اشار الى وجود عقبة قانونية تمنع المجلس من اتخاذ الخطوة، الا انه عرض سلسلة نقاط كفيلة بوضع حد له وعدم ابصاره النور بما يقطع الطريق امام تواصل التكهنات والاقاويل التي تصدر بين الفينة والاخرى حيال اعلان الطوارىء، دون الدخول في مستنقع العقبات السياسية وغيرها التي قد تغرق البلد في مصير مجهول اذا ما تم اللجوء الى هذا التدبير.

اسبوعان آخران يبقيان اللبنانيين في المنازل، ويعطيان الحكومة فترة سماح غير متوقعة ولم تكن تحلم بها، لتجهيز نفسها بشكل اكبر لمواجهة ما بعد بعد كورونا، على امل ان يستطيع لبنان تخطي مرحلة الوباء بأقل قدر ممكن من الخسائر، مع التشديد مجدداً على المسؤولية الكبيرة التي تقع على عاتق اللبنانيين انفسهم في الوقاية والحماية منالفيروس العالمي عبر التزام منازلهم.