لم ينجح ​فيروس كورونا​ المستجد في الحد من السجالات السياسية القائمة في البلاد، بالرغم من تراجع حدتها بعض الشيء، نظراً إلى أن الجميع يحرص على التأكيد بأن الوقت الحالي ليس مناسباً للخلافات، بالرغم من أنه لا يتوانى عن التصويب على خصومه متى كان لديه أي فرصة لذلك، و​حكومة حسان دياب​ تبدو العنوان الأفضل لذلك.

ضمن هذا السياق، يبرز داخل الحكومة وخارجها من ينتظر بفارغ الصبر الانتهاء من أزمة كورونا العودة إلى المسار السابق من السجالات، لا سيما أن التحديات ستكون أكبر وأصعب، سواء على المستوى الاقتصادي أو المالي أو الاجتماعي، لكن في الوقت الضائع ليس هناك ما يمنع التصويب على السياسة الصحيّة أيضاً.

في هذا الاطار، لا تتردد مصادر سياسية مطلعة، عبر "النشرة"، في التأكيد بأن حكومة دياب كانت لتكون أمام مواجهة قاسية جداً فيما لو لم يتدخل كورونا لإنقاذها، وبالتالي منحها بعض الوقت للقيام بما يمكن القيام به على أكثر من جبهة، لكنها في الوقت نفسه تشير إلى أنها لا تتعامل بالسرعة المطلوبة مع التحدّيات، وتعطي مثالاً على ذلك موضوع تقديم المساعدات إلى الأسر الأكثر فقراً، حيث تشير التوقعات إلى أن التوزيع لن يكون في وقت قريب، بينما مجلس الوزراء يعمد عند أي نقطة إلى تشكيل لجنة، وتسأل: "هل لدينا ترف الوقت لتشكيل لجان من المعروف أنها مقبرة المشاريع"؟.

من وجهة نظر هذه المصادر، لم تنجح الحكومة في تجاوز الخلافات بين أركانها، رغم سعيها إلى التغطية عليها بأيّ وسيلة، بدليل السجال حول موضوع الذهاب إلى اعلان ​حالة الطوارئ​ من عدمه، بالإضافة إلى مشروع قانون "الكابيتال كونترول" الذي سحبه وزير المالية ​غازي وزني​، من دون تجاهل المعركة القائمة على تعيين نواب حاكم ​مصرف لبنان​ ولجنة الرقابة على المصارف، التي وصلت إلى حدّ تهديد بعض الأفرقاء، تيار "المردة" تحديداً، بالخروج منها، في حين لم تتأخر بعض القوى في المعارضة، "​الحزب التقدمي الاشتراكي​" وتيار "المستقبل" على وجه الخصوص، بالتهديد بأنّها لن تكون خارج هذه المعركة.

هذا الواقع، بحسب ما تؤكّد المصادر نفسها، سيكون حاضراً بقوة في المرحلة المقبلة، أيّ بعد الانتهاء من خطر كورونا أو تراجع حدّته على الأقل، نظراً إلى أن أغلب نقاط القوّة التي كانت تراهن عليها الحكومة ستصبح من الماضي، خصوصاً بالنسبة إلى المساعدات الدوليّة التي باتت أكثر من ضروريّة، لا سيما أن هذا الفيروس أنهى ما تبقى من أمل على مستوى الاقتصاد المحلّي، وبالتالي سيكون على مجلس الوزراء إعادة النظر في كل ما كان يفكر فيه بالنسبة إلى الخطّة التي يعمل عليها، فما قبل مرحلة كورونا لم يعد من الممكن تطبيقه بعدها، ما يوجب البحث عن خيارات بديلة قد تكون أصعب على مستوى اتخاذ القرار.

وفي حين لا تستثني المصادر المطّلعة ملفّ التشكيلات القضائيّة من الملفات الخلافيّة بين أركان الحكومة، خصوصاً أنّه الملف الأوّل الذي أظهر التباعد بين أركانها، تشير إلى أن المعركة الأساس هي بين فريقي رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ ورئيس المجلس النيابي ​نبيه بري​، نظراً إلى أن الانقسام يبدو جلياً عند أيّ ملف، ومعه يبرز دور القوى الّتي قررت البقاء في المعارضة، التي تسارع إلى تبنّي وجهة نظر بري بشكل مباشر أو غير مباشر، وتضيف: "لم يتغيّر أي شيء على مستوى توزع القوى المحلية، لكن على ما يبدو كورونا يمنع وصول الأمور إلى مرحلة الطلاق، لا سيّما أنّ صعوبة الاتّفاق على غياب البديل لا تزال قائمة".

في المحصّلة، تجزم هذه المصادر بأنّ أيّ بارقة أمل على مستوى مواجهة كورونا ستفتح الباب أمام سؤال جوهريّ حول بقاء الحكومة الحاليّة، خصوصاً إذا ما استمرّت على الوتيرة نفسها من العمل، بالرغم من نجاح بعض الوزراء في المهمّات الملقاة على عاتقهم، ما يعني أنّها ستبقى بعيدة عن أيّ خطر وجودي، طالما هناك ما هو أخطر يهدّد حياة جميع اللبنانيين في الوقت الراهن.