للمرة الاولى، منذ شباط ٢٠٠٦، تاريخ توقيع وثيقة التفاهم بين ​حزب الله​ والتيار الحر، يضع الحزب هذا التفاهم تحت المجهر ويقول صراحة انه اصبح بحاجة الى «اعادة نظر»... ثمة من يردد في الحزب بان التيار برئاسة وزير الخارجية ​جبران باسيل​ لم يعد يلتزم بالثوابت الاستراتيجية التي تم التفاهم على اساسها، والحزب «لا يناسبه وضع يده في يد اي طرف لا يلتزم بهذه الثوابت او يحيد عنها حتى لو كان ​ميشال عون​».

منذ شباط ٢٠٠٦، وقف الحزب بالمرصاد لكل ما من شانه التفريط بهذا ​التحالف الوطني​، تغاضى في محطات كثيرة عن هفوات وزير الخارجية جبران باسيل في مسائل استراتيجية وحساسة كرمى الحفاظ على التحالف والحليف الاصيل الذي وقعه اي ​رئيس الجمهورية​ ميشال عون.

اليوم بعد مرور اربعة عشر عاما، لا يبدو حزب الله مستعدا للتساهل وتقديم المزيد من التنازلات بعدما بات جليا وفقا لمقربين منه ان قضية تهريب العميل المجرم ​عامر الفاخوري​ غطاها التيار الحر بشكل مباشر او غير مباشر.

حتى اللحظة، ما زال الحزب يحاول استيعاب ما حصل و​تقصي الحقائق​ قبل تسمية الاشياء بأسمائها، لكن تغاضي العهد عن فضيحة فاخوري طرح اكثر من علامة استفهام عند الحزب حول مستقبل العلاقة مع التيار والعهد وجدواها، فالحقيقة المرة هنا التي لمسها الحزب لمس اليد ان المحيطين بعون لا يستطيعون الالتزام بالثوابت الوطنية التي عقد على اساسها تفاهم ​مار مخايل​، والتي يعتبر الحزب، وفقا لمقربين منه، ان «من يحيد عنها لا يمكن ان نضع يدنا بيده حتى لو كان ميشال عون».

الملابسات غير المعلنة في قضية تبرئة العميل فاخوري والشبهة بتورط حليفه التيار الحر، دفعت بالامين العام للحزب ​السيد حسن نصرالله​ الى تجاهل الدفاع عن باسيل وعن بعض الوزراء ضمن الدائرة الضيقة المحيطة بعون ممن كان الحزب يصنفهم قبل القضية وفقا للمقربين منه «بالاصدقاء الاوفياء»، وهذا التجاهل وضعه المقربون في دائرة اتهام هؤلاء وفي مقدمهم باسيل بالتورط في تغطية تبرئة فاخوري حتى يثبت العكس.

بعد خطاب الامين العام وقبله، يؤكد المقربون من الحزب، ان دوائر ​القصر الجمهوري​ حاولت استيضاح موقف الحزب الفعلي والتبرير بأن ما حصل كان خارجا عن ارادة الجميع ولم يتم التنسيق بيننا وبين الاميركي في هذا الملف.

جبران باسيل هو الاخر لم يوفر حليفا او صديقا او وسيطا لتبرير موقفه ولكن دون جدوى، فالحزب لم يعد يقتنع الا بالوقائع، والوقائع تشير الى ان صمت التيار الحر يدينه، هذا اذا اردنا - والكلام للمقربين - ألا نتحدث عن الشبهات التي تدور حول تورط شخصيات محسوبة على عون وباسيل بشكل مباشر بعلمهم او دون علمهم بهذا الملف الخطير.

وعلى ما يقول المقربون فان اهتزاز العلاقة بين الحليفين ليست على خلفيات تهريب العميل عامر فاخوري فقط، الوضع في ​الحكومة​ ليس افضل حالا، معلومات المقربين تؤكد ان باسيل يعرقل كل الملفات من ​الكهرباء​ الى ​التعيينات​ وقبلا في مسألة سندات اليوروبوند، الرجل يتصرف وكأنه يريد وضع اليد على كل ​الدولة​ بلا حسيب او رقيب.

ولكن يبدو ان حزب الله لا يريد الان رغم امتعاضه الواضح من اداء باسيل وبعض المحسوبين مباشرة على العهد، ان يفتح السجال اعلاميا حول الملفات الخلافية معهم، وحسب معلومات المقربين فانه عمّم على نوابه ووزرائه التزام الصمت وعدم الاخذ والرد في هذا الموضوع.