نحن في أزمة صعبة، تتلاقى فيها مخاطر إنتشار فايروس ​كورونا​ مع الألم الإقتصادي. تنفّذ ​الحكومة​ تدابير لضبط التصاعد الحاصل في مسار ​الأزمة​ بشأن الفيروس. صحيح أنها ورثت أعباء الحكومات السابقة، لكن الخشية أن يزداد التخبط حول الحكومة التي بدأت بالتعثر في خطواتها، بعد الملاحظات الجوهرية حول ملف ​التعيينات​ المرتقبة التي ستهزها من داخلها، إلى التباين الوطني القائم بشأن المغتربين الراغبين بالعودة إلى بلادهم: تلقى أصواتهم صدى في الداخل، سياسياً وشعبياً بعد رفض رئيس ​المجلس النيابي​ ​نبيه بري​ طريقة التعاطي الحكومي معهم، بينما تحدثت معلومات عن توجه لتحرك مرتقب لذويهم لإجبار الحكومة على تغيير سلوكها او مقاربتها لهذا الملف. فهل بدأ العد الشعبي والسياسي العكسي لعمر الحكومة؟. السؤال مشروع، رغم أن الثابت هو ان عمر الحكومة سيمتد الى ما بعد نهاية أزمة كورونا. هناك من يقول أن الفايروس أمدّ بحياتها، بفعل إهتمامات الناس بمواجهة الفيروس. الأمر لا يتعلق بحراك معارض غيّبه الفايروس، بل بتوجه سياسي للمساءلة. خصوصاً أن الإعتراضات الجدّية على تصرفاتها باتت تظهر من قوى رعت ولادتها.

رغم كل الأجواء التي توحي بقدراتها، توحي المعطيات الإقتصادية ايضاً الاّ وجود لحكومة يرضى عنها ال​لبنان​يون. يرضون عن تصرف رئيس الحكومة ​حسان دياب​، او وزير في خطاب او مقاربة ملف الصحة، لكن العنوان المعيشي يحتل الأولويات. هو مؤجل بحكم الضرورة الى ما بعد كورونا. لو كان ​اللبنانيون​ راضين او يثقون بها لكانوا قدموا التبرعات المالية لصالحها، بدل التي صبّت لصالح المبادرات الفردية والإعلامية. يسأل مواطنون: كيف نثق بها وهي التي أصبح خلال عهدها كيلو البصل بأربعة الاف ليرة؟ وسعر صرف ​الليرة​ مقابل ​الدولار​ تجاوز ٢٨٠٠ ليرة؟

حتى الآن يوجد إنضباط جماهيري بفعل المخاطر، الإغلاق العام يؤجل الصرخة الشعبية التي ستولّدها ​البطالة​ المتزايدة والمؤلمة. الآن يوجد ما يقارب ٤٠٠ اصابة بالفايروس. مع حجر وعزل وطوارىء ومخاوف و حذر: كم تبلغ اعداد المصابين المجهولين الذين يتجولون؟ اذا كان الرقم يصل إلى ١٠ آلاف فقط، فكيف ستتصرف معهم الحكومة؟ عمل ​وزير الصحة​ ​حمد حسن​ جيد. هو يعرف كيف يخاطب الرأي العام في زمن الأزمة. كذلك يعرف رئيس الحكومة مخاطبة الشعب بعقلانية وهدوء. لكن ماذا بعد؟ ما هي الإجراءات الماليّة والاقتصاديّة والمصرفيّة والمعيشيّة التي يرصدها الناس؟ هل يتحمل اللبنانيون مزيداً من ​الفقر​؟ لا حُكماً.

اولاً، سيسأل المواطنون العاطلون عن العمل: ما هي خطة الحكومة؟ لا توجد، لأن الأزمة المالية قائمة منذ ما قبل كورونا. بالكاد تستطيع الحكومة تسيير ما بيدها من إجراءات بسيطة. لا يوجد نوايا ولا قدرات مالية دولية او عربية لمساعدة لبنان، لا من خلال قروض، ولا هبات، ولا من خلال مؤتمرات. الدول ستكون مشغولة بلملمة تداعيات الوباء في كل إتجاهات العالم: انظروا الى خسائر الإقتصادات الدولية. العرب و​ايران​ و​روسيا​ يخسرون يومياً ايضاً من ميزانياتهم المالية بسبب انخفاض أسعار النفط. لن تستطيع ​الدول الخليجية​ تقديم ريال واحد للبنان الذي وصلته إشارات واضحة في هذا المجال.

كل ذلك يعني أن الآتي صعب، سواء بعد شهر أو شهرين او ثلاثة. وكلما طال بقاء الفيروس كلّما زادت التداعيات. ستتحمل الحكومة مسؤولياتها في هذا المجال، وستكون على بساط المساءلة الشعبية والسياسية، ليس من قبل معارضيها فحسب، بل من قوى شكّلت نسيجها.

بالمحصلة، سيكون عمرها بيد كورونا، وحده فقط من يطيل او يقصّر ولايتها.