بعد رفع رئيس المجلس النيابي ​نبيه بري​ السقف عالياً في قضية اللبنانيين العالقين في الخارج الراغبين في العودة، عبر التهديد بتعليق تمثيل "​حركة أمل​" في الحكومة في حال لم تبادر إلى معالجة هذه المسألة قبل يوم الثلثاء المقبل، بدا أن الأمور سلكت طريقها نحو الحل عبر أخذ القرار الحاسم بتأمين عودة هؤلاء، لا سيما مع دخول رئيس تكتل "لبنان القوي" النائب ​جبران باسيل​ وأمين عام "​حزب الله​" ​السيد حسن نصرالله​ على خط المطالبة، لكن من دون الذهاب إلى التهديد الذي كان قد ذهب إليه رئيس المجلس النيابي.

إنطلاقاً من ذلك، جاءت الدعوة إلى عقد إجتماع وزاري في السراي الحكومي اليوم برئاسة رئيس الحكومة ​حسان دياب​، ثم الدعوة إلى جلسة ل​مجلس الوزراء​ يوم الثلاثاء المقبل للبحث في الآلية التنفيذية، بعد أن كان دياب من أبرز المعارضين لفتح الباب أمام عودة هؤلاء الى البلاد، خوفاً من خروج الأمور عن السيطرة في ما يتعلق بالإجراءات الإحترازية لمواجهة ​فيروس كورونا​، خصوصاً أن ما تحقق حتى الآن، في ظل إعلان حالة التعبئة العامة، يعتبر أكثر من مقبول.

في هذا السياق، لا يمكن الحديث عن تصويب على رئيس الحكومة في هذا المجال، هذا ما تؤكد عليه مصادر مقربة من دياب عبر "النشرة"، حيث ترى أن النقاش في هذه المسألة أمر طبيعي، وبالتالي حصل أخذ ورد بين مختلف الأفرقاء، لكن منذ البداية كان هناك إتفاق على عودتهم من حيث المبدأ، إلا أن الآلية هي التي كانت موضع خلاف، وتشدد على أنه لم يكن هناك من رفض مطلق للعودة لأن ذلك واجب وطني وأخلاقي، وبالتالي لا يجب الحديث عن إنكسار رئيس الحكومة كما يحاول البعض أن يصور المسألة، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.

في هذا الاطار، ذهب البعض إلى إعتبار أن موقف بري، ولاحقاً ما أعلنه باسيل ونصرالله، كإعلان عن سقوط صفة المستقلّين عن الوزراء، مع العلم أن هذا الموضوع كان من المفترض الإنتهاء منه منذ تشكيل الحكومة، حيث عطل الخلاف على الحصص ولادتها، إلا أن مصادر معنية تؤكد، عبر "النشرة"، أن هذا لا يلغي صفة الأخصائيين، وتشير إلى أن النقاش في هذا الأمر غير مجدٍ في الوقت الراهن، حيث التركيز يجب أن ينصبّ على الإجراءات التي تقوم بها.

بالنسبة إلى هذه المصادر، لدى بعض الأفرقاء ملاحظات على أداء دياب تتعلق بالتروي الذي يتعامل به مع المسائل، الذي يخرج في بعض الأحيان من دائرة عدم التسرع، حيث يفضّل الذهاب عند أي أمر إلى تشكيل لجان، بينما المطلوب يكون بالإسراع في المعالجة قبل فوات الآوان، وتشير إلى أن هذا ما حصل بالنسبة لملف عودة العالقين في الخارج، حيث هناك من يرى أن أي تأخير سيكون له تداعيات خطيرة، وهو ما ألمح إليه أمين عام "حزب الله" في كلمته.

بالرغم من ذلك، تلفت المصادر نفسها إلى أن هذا لا يعني أن الجميع لم يتوقف عند الملاحظات المخاوف التي لدى دياب، حيث كان من الواضح أن كلام كل من باسيل ونصرالله هو وجود رغبة في إتخاذ كل الإجراءات اللازمة التي تؤمن عودة سريعة وآمنة في الوقت عينه، وهو ما كان يطالب به رئيس الحكومة في الأصل، إلا أن رفع السقف من قبل بري وضع الجميع أمام الضغط، إلا أنها ترى ما ينبغي التوقف عنده الا وهو جرعة الدعم التي حصل عليها دياب، بعد أن شعر البعض في موقف رئيس المجلس النيابي نوعاً من التخلي عنه أو عن الحكومة، الأمر الذي يؤكد أنه لم يكن وارداً في الأصل، خصوصاً أن أحداً ليس في وارد المغامرة في مثل هذه الخيارات في ظل الأوضاع الراهنة.

في المحصّلة، يمكن القول أن ما حصل لن يؤثر على عمر حكومة دياب، لكنه في المقابل لا يلغي الصراع القائم في داخلها الذي ظهر في الفترة الأخيرة عند أكثر من إستحقاق، إلا أن الأهم اليوم مع أخذ القرار بتأمين عودة العالقين في الخارج هو أخذ كل الإجراءات اللازمة، لا سيما أن لبنان لا يحتمل خروج الأوضاع عن السيطرة، لأن ذلك سيقضي على كل الجهود التي تبذل منذ لحظة الإعلان عن التعبئة العامة.