رغم ما اصاب ويصيب الوطن جراء جائحة ​الكورونا​ الطارئة التي هددت حياة الانسان في ​لبنان​ والعالم، ورغم امكانات لبنان المحدودة لاحتواء خطر انتشار الوباء، فان الجهدود المبذولة من قبل حكومة الرئيس ​حسان دياب​ ومن قبل الجسم الطبي والجهات الامنية اللبنانية هي محط تقدير لافت، ترجمه معظم اللبنانيين شكراً واحتراماً لعمل الحكومة المسؤول ولجهود الطاقم الطبي والجهات المعنية.

وبالنظر الى نجاح الحكومة على صعيد الحد من مخاطر جائحة كورونا وحل ازمة التحويلات المصرفية للطلاب اللبنانيين في الخارج وتنفيذ خطة اعادة هيكلة الدين في سندات اليوروبوند واتخاذ الحكومة قرار اعادة المغتربين اللبنانيين الى الوطن اضافة إلى البدء بمساعدة العائلات الاكثر فقرا، كلها أمور اعطت ​حكومة حسان دياب​ رصيداً لا بأس به من الثقة التي اصابت المتربصين اصحاب النوايا المبيتة بالاحباط والخيبة. وهذا الاحباط ليس بالمستغرب من أولئك المراهنين على افشال جهود حكومة دياب.

لم يعد خافياً ان لبنان حُكِم من قبل كارتيلات منظمة شكلت ما يشبه حكومة عميقة استولت على مقدرات الدولة عملت ولم تزل على تطويق وافشال أي مهمة من شأنها كف اليد عن تقاسم الغنائم وافشاء آفة الفساد الذي استشرى في لبنان واصاب مجمل مرافق الدولة، وبات معشعشاً فيها.

ان معظم المسؤولين الذين تناوبوا على السلطة هم اعضاء فاعلين في الحكومة العميقة يشكلون طوقاً محكماً حول معبدهم الخاص لا يمكن خرقه. اولئك الذين تبوؤا السلطة في الحكومات السابقة والمجالس النيابية بمشاركة اعلاميين احترفوا مهنة تبييض صفحات المسؤولين السوداء لسنوات وسنوات وتقاسموا الغلة فيما بينهم. وهم لا يختلفون الا على حجم الحصص المرسومة.

ومن خارج نادي الحكومة العميقة، وفي لحظة انفراط عقد التحالف الذي كان قائما بين اعضائها، هبط حسان دياب ليجلس على كرسي ​رئاسة الحكومة​ مسجلاً بذلك اول خرق للطوق الذي كان مفروضاً على مفاصل الدولة ممسكاً برقاب اللبنانيين منذ العام 1992.

لا غلو بالقول ان جلوس حسان دياب على كرسي الرئاسة الثالثه جعل اعضاء الحكومة العميقة في وضع غير ملائم خصوصاً بعد التصدع الذي اصاب هيكلهم نتيجة خلاف نشب فيما بينهم عقب محاولات البعض الاطاحة بالبعض الاخر عن السلطه وذلك بعد انفجار ​الحراك الشعبي​ في 17 اكتوبر 2019.

حراس الهيكل تهيبوا مشهد دخول حسان دياب السراي الكبير وهالهم عناده واصراره على اتباع مبدأ الشفافية و ​مكافحة الفساد​ المستشري بتصميم لافت على انجاح حكومته.

ولأن حراس الهيكل يدركون مدى انغماسهم بالفساد و​المحاصصة​، أصيبوا بالرعب خوفاً من تمكن حسان دياب تفكيك قيود قبضتهم المحكمة على مفاصل الدولة، لأن تفكيك تلك القيود يعني تحرير الدولة من سطوتهم و فضح سيرتهم السوداء في السلطة.

مؤشرات نجاح حكومة حسان دياب بدت واضحة خصوصاً لجهة اخضاع موجودات ​مصرف لبنان​ للمراقبة ولاول مرة منذ العام 1992، ما يعني انها بداية انهيار الهيكل.

أصيبت الحكومة العميقة بالحرج امام جمهورها، لأن الامور بدأت بالتفلت، ما جعلهم بوضع غير مريح، فاعادوا تكتلهم من جديد لكن ليس على اساس الاحلاف السياسية انما على اساس الحفاظ على مصالح الكارتيلات والاستئثار بحصرية الحصص.

رمموا هيكلهم الآيل للسقوط وشكلوا تكتلاً ثقيلاً يتربص بحكومة دياب. ناصبوها العداء للحد من نجاحها وكبح جماحها ومنعها من استكمال عملية ​التعيينات​ لاعادة ترشيد وتصويب العمل في مرافق الدولة لا سيما في ​القطاع المصرفي​ ومنعها كذلك من المضي في مكافحة الفساد خوفاً من تمكن الحكومة فتح ملفات السلب والنهب والسرقة وتقاسم الحصص وانفضاح امر حراس الهيكل مرتكبي السطو المنظم على اموال خزينة الدولة واملاكها البحرية واموال ​القروض​ المصرفية، اضافة الى احتجاز اموال المودعين في ​المصارف​ بالتضامن مع حراس الهيكل الذين تولوا السلطة في الحقب الماضية وبقوا قابعين فيها لعقود خلت

المسؤولون اللبنانيون عادوا وبشكل فاضح الى نغمة تناتش الحصص في الوظائف ومراكز نواب حاكم مصرف لبنان واعضاء جمعية الرقابة على المصارف ومجلس ادارة ​كهرباء لبنان​ ناهيك عن تعطيل تنفيذ توظيف الفائزين في ​مجلس الخدمة المدنية​ لاسباب طائفية مقدمين مصالحهم الشخصية الطائفية والحزبية على حساب مصلحة الوطن مهددين بفرط عقد حكومة حسان دياب واسقاطها بالدعوة الى سحب وزرائهم، في وقت يتطلب منا التكاتف وتضافر الجهود والالتزام بالوحدة الوطنية. وما احوجنا الى هذا لكن المسؤولين في بلدي تجدهم حيث تزدهر تجارة المصالح غير ابهين بما يتهدد لبنان من تفلت امني متزايد و انهيار اجتماعي جراء بطالة متزايدة.

ها هو رئيس مجلس النواب ​نبيه بري​ يهدد الحكومة ويتوعد ورئيس تيار "المردة" ​سليمان فرنجيه​ تجده منغمساً في كباش سياسي وظائفي مع وزير الخارجية ​جبران باسيل​، اما باسيل نفسه فهو الذي اتقن لعبة الاستئثار بالمراكز الحساسه ليحصد كامل الحصة المسيحية في سباق محموم بينه وبين ​حزب القوات اللبنانية​. وحتى رؤساء الحكومة السابقين الذين شكلوا نادياً خاصاً بهم خصص للتهجم على حكومة دياب مطالبين اعتماد مبدأ الكفاءة في التعيينات المنتظرة في حين انهم هم انفسهم اعتمدوا المحاصصة كأساس في كل حكوماتهم، فأعلنت الكفاءة براءتها من عهد حكوماتهم ويشهد اللبنانيون بأن كل من رؤساء الحكومة السابقين ​فؤاد السنيورة​ و​سعد الحريري​ و​تمام سلام​ و​نجيب ميقاتي​ اثبطوا عزيمتنا بعد ان زادوا من فقرنا جراء ضرائب جائرة وصفقات مشبوهه وقرارات مصرفية جائرة بحق المودعين وتركونا في بأسنا ولم يطلع علينا واحد منهم لمواساتنا في ما اصابنا.

حراس الهيكل غاظهم رفض حكومة الرئيس دياب تطبيق مبدأ المحاصصة فتطهروا من انسانيتهم وتعقموا من ضمائرهم وتحصنوا بغييهم وكشروا عن انيابهم بوجه حكومة الرئيس دياب مهددين باسقاطها وبترك اللبنانيين والناس الطيبين لمصيرهم يواجهون ظروفاً حالكة غير مسبوقة صحياً وحياتياً واجتماعياً وامنياً

لسنا من دعاة التبخير والتمجيد لكن انطلاقاً من المسؤولية الوطنية وحفاظاً على ما تبقى من لبنان فإننا نتوجه الى دولة الرئيس حسان دياب لنقول:

اللبنانيون منحوك ثقتهم ودعموك لأنك لا تريد شيئاً لنفسك ولأنك تبنيت المطالب المحقة للحراك الشعبي ولأنك وعدت بالشفافية وبمكافحة الفساد. وعدت اصحاب الكفاءة بتبوء المناصب في التعيينات ولأنك لا تنصاع لضغوط الحزبية ولا المصرفية ولأنك لاتعمل من اجل مصلحة طائفة او مذهب ولأنك تعمل لمصلحة كل لبنان.

دولة الرئيس حسان دياب عليك أن تختار إما ان تكون كاسراً للحواجز وخارقاً لطوق حراس الهيكل وإما ان تختار الرضرخ والاذعان لرغبات ملوك المحاصصة، اما ان تبادر الى اجراء ما يلزم من التعيينات دون تأخير ومسايرة واما ان تختار اللحاق بجوقة المشككين للحؤول دون تحقيق المنتظر.

دولة الرئيس حسان دياب اما ان تكبح جماح جشع المصارف بالافراج عن رواتب ومدخرات المودعين واما ان تدخل نادي المصارف.

دولة الرئيس حسان دياب اما ان تكون رجل دولة مسؤول من الطراز الرفيع واما ان تكون مجرد موظف محرج رضخ لضغوط حراس الهيكل.

دولة الرئيس حسان دياب لا تخيب امالنا وآمال الذين منحوك ثقتهم و من تصدرت تمثيلهم فإما ان تكون استثناء بين رؤساء الحكومة ممن سبقوك واما ان تنضم إلى نادي رؤساء الحكومات السابقين.