هي "​الجمعة العظيمة​" ركيزة الايمان المسيحي التي تشّكل العامود الفقري لخلاص البشرية أجمع، في ذاك اليوم منذ أكثر من ألفي عام كان "الحدث" الذي أدّى الى أن يبذل يسوع ذاته من أجلنا على الصليب وصرخ "أغفر لهم يا ابتاه لأنهم لا يدرون ماذا يفعلون"، منذ ذاك الحين والناس تحيي هذا الحدث سنوياً كعلامة تجدّد لإيمانها المسيحي.

"من تجسّد المسيح بالميلاد هناك بذور للألم، والمخطط هو الحب الذي سيوصلنا الى الصليب". هكذا يصف المدبّر في الرهبانيّة المخلصيّة الأب نداء ابراهيم مشهد الجمعة العظيمة، عائدا الى "زمن ولادة يسوع يوم كان ملفوفا بأقماط تدلّ على الأكفان عندما يموت ​الإنسان​، ما يعني أن هناك رابطا قوياً بين التجسّد والموت"، مشيرا الى أن "موت يسوع على الصليب هو قمة الحبّ الذي يمكن أن يقدمه للآخر".

بدوره الأب البرفسور ​يوسف مونس​ يشدد على أن "الجمعة العظيمة هي ركيزة الفداء، وهناك رابط بين ​عيد الميلاد​ والالام والموت والقيامة، فالمسيح في الميلاد أخذ جسداً وبات بإمكانه الموت على الصليب"، مشيرا الى أنه "وبعد الموت على الصليب تأتي القيامة ليتم الخلاص ويسوع على الصليب قال "لقد تم كلّ شيء".

يشير الأب نداء ابراهيم الى أن "يسوع مات على الصليب ليخلص الناس وهذه رسالة لهم، وبالمعمودية أصبحنا مسيحا آخر ويجب أن نكون نسخة عنه"، أما الأب مونس فيدعو الناس الى رجاء القيامة، مؤكّدا أن "هذا الزمن الصعب لن يدوم وسيتدحرج الحجر عن القبر وسيأتي الفجر وسنصرخ جميعا "هللويا".

"في زمن ​الكورونا​ نسمع بوجود مصابين رفضوا وضع آلات تنفس لتركها لأشخاص يحتاجونها أكثر". والأب نداء ابراهيم يرى في هذا العمل قمّة الحب، مشيرا الى أن "العزلة التي نعيشها في المنزل يقابلها عندما تُرِكَ المسيح من الجميع الا امّه ويوحنا في بستان الزيتون"، معتبرا أنه "يجب أن نستفيد من هذه العزلة لنرى بعيون قلبنا"، معتبرا أنه "المهمّ معرفة أن الحقيقة التي تعزينا هي وجود يسوع في قلوبنا، "والكورونا" أتت لتظهر لنا ان كل اعتباراتنا السابقة ليست مهمّة ومهما حصل يبقى المسيح هو الاساس".

الاب مونس يؤكّد ان الموت هو عبور الى القيامة، ويرى أن "كل الأخطاء السابقة التي قامت بها البشرية مثل اجهاض الاطفال وغيرها استحدثت علينا هذا الغضب الالهي الذي هو نتيجة لاعمالنا".

في الجمعة العظيمة هذا العام لن تفتح الكنائس أبوابها للناس، ولن يكون هناك "صمدة قربان" ولا مسيرات في الشوارع لتلاوة مراحل الآلام، ولا حتى حمل نعش المسيح أو ​رتبة سجدة الصليب​، في هذه المناسبة سيجلس المؤمنون أمام شاشات التلفزة لسماع الرتبة والصلوات، وعلى كلّ إنسان العودة الى جذوره وذاته والنظر الى اخطائه وطلب المغفرة... والمهم أن ندرك أنه مهما كان قاسيا ما يحصل راهنًا ف​يسوع المسيح​ يحبّ شعبه وما بعد الموت هناك دائماً القيامة!.